تحتفي بلادنا بذكرى اليوم الوطني الثالثة والثمانين التي تحلّ علينا والوطن يرتقي سلم المجد نحو مزيد من العزّ والازدهار والنماء ليتبوأ أعلى المراتب بين الأمم، ولتتجدد هذه المناسبة والذكرى الجميلة بملاحم الوحدة والتوحيد وبطولات الملك المؤسس رحمه الله الذي صنع بملاحمه وبطولاته وتضحياته وطناً يعتلي قمم المجد ويمتطي صهوة التاريخ ويسجل له اسما ورسما في مواقع الصدارة بين دول العصر الحديث. إن توحيد هذه البلاد المترامية الأطراف لهو الإعجاز بشواهده ودلائله وبراهينه كما أن من ذلك القائد الذي قام على هذا التوحيد لم يكن شخصاً عادياً بل قائداً استثنائياً في كل مكوناته (شخصيته ومواهبه وقدراته ) قائداً نافذ البصيرة سديد الرأي بعيد النظر، حتى غدا رمزاً وعظيماً من عظماء التاريخ، فعظمته نابعة من أعماله التي حفرها في ذاكرة التاريخ وما خلفه من مآثر وإنجازات وما حققه من أفعال وما قدمه لأمته من حضارة ونهضة مكنتهم من تغيير واقعهم والنهوض بهم نحو حياة أفضل حتى غدت بلادنا قاعدة حضارية متقدمة تنطلق بوعي ومسؤولية نحو مستقبل مشرق متمسكة بعقيدتها وثوابت دينها آخذة بمستجدات العصر ومتطلباته ومتغيراته. إن هذا اليوم يأتي بدلالاته الجميلة ومعانيه الزاهية ليربط ماضينا الأصيل بحاضرنا المزدهر الجميل ويحدث الأجيال عن وطنهم الكبير الذي بناه أجدادهم بالدم والجهد ومن خلال ملحمة جهاد طويل سطرتها كتب التاريخ أرسى خلالها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- قواعد هذا البنيان على هدى كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين - صلى الله عليه وسلم وقدمه لمن بعده صرحاً شامخاً متماسكاً عامراً بالأمن والرخاء والاستقرار على ثرى أرض كانت تعيش التمزق والشتات وتئن تحت وطأة البؤس والجوع والفقر، لا تجمعها راية ولا تلتقي على غاية حتى فتح التاريخ صفحاته الذهبية ليسجل بحروف من الذهب تاريخا ناصعا للبطل المؤسس الذي جمع الله على يديه شتات الناس وتفرقهم واختلافهم في ملحمة توحيد فريدة لم تتوقف عند حد اكتمال البطولة وانتصار القائد وتحقيق الحلم بوحدة الوطن بل انتقلت إلى مسارات التنمية وبناء الدولة وتكوين المؤسسات وتحقيق المنجزات التنموية العملاقة على امتداد الوطن في مختلف القطاعات التنموية.ولقد استمرت هذه البلاد تحت قيادة ابناء الموحد سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله وهاهي تسير بقيادة مجدد مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله، والذي يقود هذه البلاد بخطى راسخه (مستعينا بالله ومستنيرا بما حباه الله من تراث زاخر من الخبرة السياسية والادارية وصفات قيادية) لتصبح دولة راسخة شامخة وفق القواعد والأسس التي رسمها موحد البلاد -طيب الله ثراه- (دولة إسلام وسلام) دولة متمكنة بثوابتها مراعية حقوق مواطنيها سائرة بهم نحو التطور والرقي. في ذكرى يومنا الوطني تتجدد مشاعر الولاء والوفاء والإخلاص، ويظهر بجلاء التلاحم والوحدة بين كافة المواطنين، فهي مناسبة نجتمع فيها على وحدة الوطن ووحدة الهدف، ونشكر فيها جميعاً الله على هذه النعمة من الأمن والأمان والاستقرار والرخاء ووحدة القيادة الرشيدة، ونتبادل فيها الشعور بالعزة والكرامة وفخر الانتماء وأننا جميعا شركاء في مسيرة التنمية التي تتقدم بشكل مفرح تحت قيادة راشدة لتبقى المملكة منارة يشع منها نور الإسلام ورمزاً للفخر والاعتزاز لكل مسلم في العالم مترسمين السيرة الفذة للملك المؤسس رحمه الله الذي اعتنى كثيرا بتغيير حال الناس من حياة البساطة والبدائية إلى الشعور بالمستقبل وربطه بالأرض والدولة ومبادئها السامية، بتوثيق العلاقة بينهما وهل ينسى التاريخ تكوين الهجر وتوطين البادية في رؤية بعيدة المدى لم تكن مستوعبة في وقتها، مع ارتباط قيام الدولة واستمراريتها بتطبيق تعاليم الإسلام التي لا يمكن التساهل بها أو تعطيل دورها في تنظيم حياة المجتمع حتى أثمرت تلك الجهود لحمة ومحبة متبادلة بين القائد وأبناء شعبه إلى يومنا، فقد مرت على البلاد سنوات ثقيلة بسبب قلة الموارد وجفاف البيئة ومنها ما كان بفعل الحرب العالمية الثانية، فوقف الملك عبدالعزيز رحمه الله بكل ما يملك من حب وما تملكه الدولة من مقدرات مالية رغم ضعفها آنذاك لمعالجة تلك الأوضاع الصعبة وتجنيب المجتمع ويلات الحروب والتي كان من أكبر تداعياتها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مرت بها المنطقة كلها، وكان للملك المؤسس جهود عظيمة في احتواء الأزمة ومعالجتها بكل الإمكانيات المتاحة ليصبح شعبه مستقراً وآمناً. كما لا يمكن أن يغيب عن الذاكرة التجربة الناجحة في نقل الأرض وإنسانها في الجزيرة العربية إلى الاهتمام الدولي بعد أن برز دورها في خدمة الإسلام والمسلمين باعتبارها حامية وخادمة للأماكن المقدسة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، كما أن إنشاء دولة حديثة هي المملكة العربية السعودية أوجد نوعاً من التوازن السياسي والاجتماعي في المنطقة مما أدى إلى استقرار سياسي جعل اهذه البلاد تسعى في خطط تنموية وتنافسية طوَّرت خلال القرن الماضي كثيراً من الجوانب الحضارية والاجتماعية والاقتصادية دون اهتزاز في القيمة الإنسانية. استمرت البلاد منذ عهد المؤسس إلى يومنا هذا وستستمر بإذن الله حتى نالت كل تقدم وحضارة وتطور بفضل الحنكة السياسية التي قامت عليها أول ما قامت والتطلعات الحضارية التي كان يراها الملك عبدالعزيز وهو يقود البلاد نحو إنسان ووطن حضاريين، ونشهد أبهى صوره المتقدمة في عهد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله - التي وصل فيها الصوت السعودي الحكيم إلى مراتب عليا في الأحداث العليا وحقق الإنجاز الحضاري تقدماً كبيراً وواضحاً على المستويات كافة. لنا الحق إذن أن نغتبط ونفرح بذكرى اليوم الوطني لدلالاته الحاضرة التي أبرزها اللحمة الوطنية وهذا الحب المتبادل بين القيادة والمجتمع الذي أثمر عن إنجازات حضارية أبرزها القيمة النوعية للإنسان السعودي، ولنا الحق بأن يكون حجم فرحتنا بحجم المنجز بين اليوم الوطني واليوم الوطني الذي يليه بإذن الله. ملامحنا هذه سعودية وستظل بإذن الله. حفظ الله وطننا وقيادتنا الرشيدة وأن يديم مجد الوطن وأمنه وعز قيادته ورخاء مواطنيه وأن يعيننا جميعاً على القيام بواجب المواطنة على وجهها الأكمل ليظل الوطن شامخاً فوق قمم المجد بإذن الله. * مدير عام الإدارة العامة للحقوق العامة والمتحدث الرسمي بإمارة منطقة الرياض