في الدول المتقدمة على مستوى العالم تتخذ الجهات المعنية قراراتها بشكل منظم يهدف أولاً وأخيراً إلى خدمة المواطن، باعتباره الركيزة الأساسية التي تقوم عليها تلك الدول، ولتحقيق هذه الغاية؛ فإنها تتخذ تلك القرارات بعد دراسات وافية لكافة أبعادها، وآثارها المحتملة على المواطنين، وإضافةً إلى ذلك لابُدَّ أن يكون لدى صُنَّاع القرار حس مهني عالٍ يعمل على ضمان ذلك؛ لتحقيق أقصى درجات النجاح لهذه القرارات. وطالب مختصون ومواطنون الجهات المعنية بالتأنّي قبل تطبيق بعض القرارات التي تمس حياة المواطنين، لا سيما ما يتعلق منها بالشأن الاقتصادي، مُشيرين إلى أنَّ هناك من يستغل هذه القرارات الإرتجالية برفع الأسعار، أو زيادة أجور الخدمات، مُشدِّدين على ضرورة أن تراقب الجهة التي تصدر هذه القرارات الوضع عن كثب؛ للتأكُّد من تطبيقها بشكل يضمن عدم إلحاق الضرر بهم على مستوى الغلاء المعيشي، لافتين إلى أهمية توضيح آلية تنفيذها قبل البدء بتطبيقها، إلى جانب توضيح العقوبات الناتجة عن عدم تطبيقها، أو التحايل عليها سواء من المواطنين، أو المقيمين. نتائج سلبية وقال "إبراهيم الشيخ" - مدرب تنمية بشرية -:"إنَّ القرارات المفاجئة تؤدي إلى إرباك المواطنين والمقيمين على حدً سواء، وتُضيّق عليهم المجال لتصحيح أوضاعهم"، مُضيفاً أنَّ القرارات المفاجئة ينتج عنها نتائج سلبية تؤثر على المواطنين، خاصة ما يتعلق منها بالشأن الاقتصادي، مُشيراً إلى أنَّ القرارات السليمة لا يكفي أن تتم عن طريق لجان استشارية، أو تكون ناتجة عن خطط علمية مدروسة، بل إنه من الضروري أن تتم متابعتها والتحقق من تنفيذها على أرض الواقع بشكل يحقق الأهداف المرجوة منها، وبما لا يسبب الضرر للمواطنين، أو حتى المقيمين، لافتاً إلى أنَّ التدرّج في تطبيق القرارات أفضل من تطبيقها دون تمهيد يتضمن توضيح آليات ذلك القرار، والأهداف المرجوة منه، إضافةً إلى توضيح العقوبات التي تصدر نتيجة عدم تطبيقها، أو التحايل عليها. ثمن باهظ وأوضحت "فاطمة محمد" أنَّ القرارات أيَّا كانت، فإنَّها لابُّدَّ أن تمر بعدد من المراحل التي تكفل نجاحها وتحقيقها للأهداف المرجوة منها، قبل أن يتم تطبيقها على أرض الواقع، مُضيفةً أنَّ المواطن يدفع دائماً ثمناً باهظا نتيجة إصدار القرارات الارتجالية، وغير المدروسة، مُشيرةً إلى أنَّ احدى زميلاتها واصلت دراستها الجامعية عن طريق نظام الانتساب في "جامعة الملك عبدالعزيز بجدة"، مُبيّنة أنَّ قراراً سابقاً تم اتخاذه قبل عدة سنوات يقضي وقت صدوره بالسماح للطلاب والطالبات المنتسبين للجامعة بتأدية الاختبارات في مناطقهم، بَيْدَ أنَّه تمَّ استثناء الطالبات من ذلك، لافتةً إلى أنَّ زميلتها ظللن يسافرن خلال فترة الاختبارات من "الدمام" إلى "جدة" لتؤدي الاختبارات النهائية عدَّة سنوات نتيجة هذا القرار غير المدروس، مُستدركةً أنَّه تم تصحيح الأمر هذا العام بعد أن اتضح للمسؤولين عدم جدواه، وأنَّ العديد من الطالبات وأولياء أمورهنَ قد تضرروا من ورائه، ذاكرةً أنَّ هذا القرار في ذلك الوقت كان سبباً مباشراً في عدم انتسابها بالجامعة، مُشددةً على أنَّه من الضروري أن يتراجع المسؤول، أو الجهة المعنية عن القرار متى ما اتضح عدم تحقيقه للأهداف المرجوة، ومتى ما تبين أنَّه تم التسرع في اتخاذه، مُضيفة أن تصحيح الخطأ أفضل من التمادي فيه، لافتةً إلى أنَّ المتعارف عليه أنَّ أيَّ قرار لا يتم تطبيقه بعد الإعلان عنه مباشرةً، بل إنَّه لا بد من أن يتم تطبيقه بالتدريج، بحيث يتسنى للمواطن فهم القرار والتعايش معه. مصالح شخصية وأكَّد "د.تيسير الخنيزي" - مدير عام احدى المدارس الأهلية - على أنَّ أيَّة قرارات من المفترض ألاَّ تصدر إلاَّ بعد أن تمر بدراسةٍ متأنية، مُضيفاً أن عدداً من القرارات التي تصدر بين الحين والآخر من قبل "وزارة التربية والتعليم" تؤدي أحياناً إلى أن نعمل على زيادة الرسوم الدراسية على الطلاب المنتسبين لمدارسنا، مُشيراً إلى أنَّهم لا يتعمدون رفع الأسعار، بل إنَّ ذلك يأتي كردة فعل طبيعية للتعامل بما تقتضيه المصلحة العامة، مُستشهداً في ذلك بصدور قرار رفع رواتب معلمي ومعلمات المدارس الأهلية، حيث أدَّى ذلك إلى رفع الرسوم على الطلاب بنسبة بلغت نحو (20%). وأضاف أنَّ مثل تلك القرارات المفاجئة تؤدي إلى إرباك العملية التعليمية، وإلى عدم تحقّق النجاحات التي تسعى إليها المدارس، مُشدداً على ضرورة التأني وعدم التسرُّع في اتخاذ القرارات، مُبيناً أنَّ التعليم في المملكة شهد في الماضي إصدار وتطبيق قرارات دون دراسة مُسبقة، ومن ثم تمَّ إلغاؤها مما أثر بشكل سلبي على العملية التعليمية، لافتاً إلى أهمية الدراسة المتأنية والتطبيق المتدرج للقرارات، مُوضحاً أنَّ تخصيص فترةً انتقاليةً قبل تطبيق القرارات، يسمح بتهيئة المواطن لتقبّلها والعمل بها، كما أنَّ ذلك يمنح المؤسسات فرصة لتطبيقه دون أن تتأثر بشكل يتعارض مع مصالحها الشخصية. أهداف مرجوة وراى "أحمد المزيد" -إداري- أنَّ القرارات السليمة هي التي يتم التخطيط لها، ودراستها بشكل متأنٍ يكفل تحقيقها للأهداف المرجوة، مُضيفاً أنَّ القرارات السليمة بشكلً عام تمر بعدَّة مراحل قبل أن تصبح قرارات قابلة للتنفيذ، وهذه المراحل هي: تحديد موضوعاً معيناً، وتحديد الأهداف المرجوة منه، ووضع قائمة بالقيم ذات الصلة، وكذلك تحديد موعد نهائي لاتخاذ القرار، ووضع الخطط التنفيذية، إلى جانب استشارة المستشارين، ثم يلي ذلك كُله اتخاذ القرار، لافتاً إلى أنَّ القرارات التي يتم اتخاذها على مستوى الجهات الحكومية، أو الخاصة، لا تصدر غالباً في صورة ارتجالية، وإنَّما بعد أن تمر بخطوات عديدة، ودراسة علمية متأنية، مُشيراً إلى أنَّ القرارات المفاجئة غالباً ما تتسبب في انهيار المنشآت، كما أنَّها تُلحق الأذى بالأشخاص المعنيين بتطبيقها. وأضاف أنَّ موقف الناس من تلك القرارات يكون عادةً مرتبطاً بمدى ما تحققه لهم من آثار إيجابية يرونها ماثلةً للعيان، بحيث تحقق لهم الفوائد المرجوة التي يتوقعونها من وراء إصدار وتطبيق تلك القرارات، مشيراً إلى أنَّها لابد وأن تكون كذلك؛ ليتمكنوا من تطبيقها وعدم مخالفتها، أو الالتفاف عليها، مُستشهدا في ذلك بقرار وزارة العمل الذي صدر مؤخراً بتحصيل رسم المقابل المادي إلى (2400) ريال عند إصدار أو تجديد رخص العمل للعمالة الوافدة، حيث أدى ذلك القرار إلى زيادة أجور العمالة، وبالتالي فإن المُتضرر الأول من وراء ذلك هو المواطن. حملة ملاحقة المخالفين قد تترك فراغاً في السوق للمنشآت الصغيرة والمتوسطة رسوم المدارس الأهلية ناتجة عن زيادة رواتب المعلمين والمعلمات إبراهيم الشيخ د.تيسير الخنيزي أحمد المزيد