توفي الخال الشيخ علي بن ناصر بن نوح - رحمه الله - بعد رحلة طويلة من العمل المخلص في عاصمتنا الحبيبة، فهو من رجالات هذا الوطن ومن تلامذة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - ومن زملائه سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ - متعه الله بالصحة والعافية، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وغيرهم كثيرون. الشيخ علي بن نوح من الرعيل الأول الذي درس بمعهد إمام الدعوة وتخرج من كلية الشريعة في الثمانينات الهجرية وقام بالتدريس بمعهد الكريمات لأنه كفيف البصر حتى قبل تخرجه. وطالباته يذكرنه كثيراً مثل الدكتورة خيرية السقاف والدكتورة فريال كردي وغيرهن. كان معروفاً بعلمه وإخلاصه وإدارته الصادقة والأمينة لتعليم الطالبات في الفصل الدراسي. وطالباته يشهدن له بشخصيته القوية وأخلاقه العالية وقدرته العلمية. وكنت وأخي الدكتور إبراهيم نقوم ونحن صغار بمساعدته في قراءة اجابات طالباته عليه أيام الاختبارات النهائية ويقدر لهن الخال "علي" الدرجات، ولأخي قصص في هذا الأمر لعله ينشرها تدل على حكمة الخال علي ومعرفته الدقيقة بطالباته واعطائهن ما يستحقننه ويشجعهن. أسهم الشيخ علي - رحمه الله - باعتباره كفيفاً وعالماً - في إمامة صلاة التراويح لعدد من الأميرات في قصورهن منهن سمو الأميرة والدة الأميرة جوزاء ابنة الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - وسمو الأميرة حرم سمو الأمير فهد بن محمد بن عبدالعزيز - رحمها الله - ثم كان يصلي بسمو الأميرة نوف بنت عبدالعزيز - متعها الله بالصحة والعافية وسمو الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز - رحمها الله. أما على المستوى الأسري فقد تعلمت من الخال علي بن نوح - رحمه الله - الكثير وكنت أستشيره في مرحلة الشباب في كثير من أموري وكان نعم الموجه. وكنت دائماً أتابعه واستفيد من أسلوبه في التعامل مع الأمور فقد كان دقيقاً ومنظماً ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة وكان يتعامل مع أبناء وبنات اخواته من أسرة السماري والريس والزهيري والرزوق باهتمام وحرص واحترام ويعالج مشكلاتهم إن وجدت ويتدخل لتحقيق الوئام ويشجعهم لتحقيق تطلعاتهم. ورغم انه كفيف البصر إلا انه كان يحسن الأمور أكثر من المبصر. إن ركب معك السيارة أرشدك في الطريق بسهولة وكأنه يرى، وان أصاب شيئاً خلل أصلحه بيديه بشكل أفضل من المهندس المبصر. كنا نراه ينشغل في إصلاح الأجهزة ويتقن إصلاحها ونستغرب حدوث ذلك وهو كفيف. حتى إذا توقفت السيارة شرع في تلمس مواضع الخلل وقام بإصلاحها أمام انشداه من يكون حاضراً. كان صاحب رأي وحديث ممتع ويتابع ما يحدث ويثني على ما يسمع ويوجه عندما يشعر بأن الآخر في حاجة إلى ذلك. وكان يتابع الاذاعة دائماً ويلازمه المذياع أينما حل، ويسعد بسماع أخبار ابناء اخواته ونجاحاتهم واسهامهم. ومن زملائه: الشيخ شبيب بن جاسر والشيخ عبدالعزيز بن عثمان والشيخ عبدالله بن سلامة والشيخ علي الشدي والشيخ سلطان العيدان والشيخ سليمان السائر والشيخ محمد المعيوف والشيخ شبيب الدويان والشيخ علي بن مشعل وغيرهم كثيرون. كان الشيخ علي - رحمه الله - يتسم بالاعتدال وحسن الرؤية وعدم الاستعجال ويبدي آراءه دون الاصرار عليها. وكان مربياً مخلصاً فأبناؤه محمد وفهد وخالد يحرصون عليه ويقومون بواجبه ويهتمون به وبزملائه الذين يزورونه كل جمعة ويهيئون ذلك الاجتماع الاسبوعي الذي كان يسعده ويسره وهو يتسامر مع أحبابه وزملائه ويتذكرون تلك الأيام الجميلة ومواقفها. فعزاؤنا لأبنائه وبناته وزوجته واخواته الثلاث منيرة وحصة والبندري وأبناء وبنات أسرته وزملائه ومحبيه، وألهم الجميع الصبر والسلوان وعلى رأسهم زوجته أم محمد من أسرة آل سحيم الكريمة. ولن ننساك يا أبا محمد معلماً وموجهاً ومربياً وشيخاً فرحمك الله وأسكنك فسيح جنانه.