تخبط نظام بشار الإجرامي في إدارة الأزمة السورية وإصراره على استخدام القوة لمواجهة شعبه الثائر لم يعد مجدياً هذا ما كان واضحا منذ الأيام الأولى للثورة السورية التي أقضت مضجع النظام وجعلته يستخدم كل الوسائل المتاحة وغير الشرعية للجم أصوات التغيير ولعل الخطأ الجسيم الذي لربما لم يحسب تبعاته باستخدامه للسلاح الكيماوي المحظور دولياً ضد الأطفال والنساء والشيوخ كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير لتحرك الرأي العام الدولي الذي بدأ يفكر ملياً في التدخل العسكري لإنهاء مسلسل الطاغية. حول خفايا استخدام السلاح الكيماوي في مجزرة الغوطة أكدت وسائل إعلام غربية بأن خلافا حادا وقع بين بشار وأخيه المتغطرس ماهر الذي أصر على استخدام السلاح المحظور في حين كان بشار ليس مقتنعا بالفكرة لكنه لم يستطع مواجهة تهور أخيه الذي يسيطر على مخازن السلاح ويقود دفة الجيش إلا بإعطائه الموافقة على مضض وهذا ما يؤكد عدم سيطرة الطاغية على المشهد في ظل ضعف شخصيته الواضح وعدم درايته بعواقب ما حدث في الغوطة. إيران تتوعد وترتعد خوفاً من نهاية متوقعة لحرسها الثوري في سورية نظام الطاغية أنكر الكارثة الإنسانية الأليمة ورمى الاتهامات على ما أسماهم بالإرهابيين ليراوغ بغباء على الأممالمتحدة ويرفض دخول مفتشيها للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية لكنه تراجع بشكل غريب بعد خمسة أيام من الكارثة ليسمح للمفتشين بالدخول إلى المناطق المنكوبة وقد اعتبر محللون للمشهد ذلك تخبطا من المجرم بشار الذي لم يعد يمتلك القدرة السياسية للتعامل مع ما يجري من نداءات دولية في حين عدت الولاياتالمتحدة موافقة دمشق بأنها لا يمكن تصديقها. الأسد في مواجهة مع العالم الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا باتوا على قناعة تامة بضرورة شن غارات جوية لشل أوصال النظام وما اجتماع قادة جيوش عشرة دول في العاصمة الأردنية عمان إلا دليل جلي على إحساس الدول الكبرى بالخطر الذي يشكله بشار وأعوانه وفي حالة تحقيق هذا المبتغى بشن غارات جوية على أهداف إستراتيجية لنظام الأسد سيزعزع ذلك من قدرة بشار ويشل أوصال النظام وليصبح للجيش الحر ذراعاً مهماً سيمكنه من بسط نفوذه على باقي المناطق ومن الإطاحة القريبة ببشار الذي سيفكر بالنجاة والهروب لدول صديقة وهنا موازين القوة ستتبدل وستكون الكرة في ملعب المعارضة. المراقبون للتطورات المتسارعة دولياً في سبيل التصدي للأسد يؤكدون بأن سيناريوهات ضرب مواقع للنظام السوري ستكون حاضرة لدى الدول الكبرى التي تدرس بكل جدية ردة الفعل الإيرانية المتوقعة وهي الحليف للنظام السوري الذي حذر من تجاوز الخط الأحمر متوعدة بالعواقب الوخيمة لأي تدخل، هذا التهديد هو الحيلة الوحيدة لطهران التي هي على يقين تام بأن حرسها الثوري المنتشر في أرجاء سورية ستكون نهايته حتمية بعد الغارات الجوية الوشيكة فما كان منها إلا التحذير والوعيد. ماهر ورط بشار باستخدام السلاح الكيميائي المجتمع الدولي ثارت ثائرته بعد استخدام السلاح الكيماوي لإيمانهم التام بكارثية استخدامه وهو الذي انتشر فعلياً منذ الحرب العالمية الأولى وقد استخدمته كافة الأطراف المتنازعة وقد أدى إلى وقوع أكثر من 800 ألف إصابة في صفوف قوات روسيا أمريكا فرنسا أنكلترا ألمانيا، وعلى الرغم من التطورات التي ضاعفت من قدرات الأسلحة الكيماوية، فإنها لم تستخدم إبان الحرب العالمية الثانية غير أن الولاياتالمتحدة استخدمتها إبان حرب الفيتنام وخاصة في مجال تخريب المحاصيل وتدمير الغابات. وفي عام 1988 استخدم الجيش العراقي غاز الاعصاب في الهجوم الكيماوي على مدينة حلبجة وقتل أكثر من خمسة آلاف من المدنيين واصابة أكثر من سبعة آلاف أغلبهم من النساء والأطفال، وقد مات آلاف من سكان البلدة في السنة التي تلتها من المضاعفات الصحية والأمراض والعيوب الخلقية. ورغم كل هذه المآسي فإن نظام الطاغية بشار لم تردعه تداعيات ما حدث للإنسانية جراء استخدام السلاح المحظور دولياً راغباً في استخدام كل ما يمكن استخدامه للبقاء على كرسي الحكم الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من مفارقته. ويأمل الجميع في أن تسهم التحركات الدولية في إنهاء أزمة طال انتظارها والتي تمثل بارقة أمل للسوريين الذين يتجرعون مرارة المجرم بشار وأعوانه.