كل تجربة رائدة أو ناجحة لا بد وأن تلفت الانتباه وتُغري الآخرين بتقليدها ومحاولة تقديم ما هو أفضل منها لتجاوزها، وقد مرّت التجارب الإعلامية في ساحة الشعر الشعبي بعدة مراحل شهدت كل مرحلة تسجيل الريادة باسم جهة مُعينة ثم جاء بعدها تدفق التجارب التي نجح قليل منها في تحقيق النجاح والتجاوز للتجربة الرائدة وفشلت الكثير منها وظلت نسخاً مُكررة ليس لها أدنى تأثير أو حضور في ذاكرة المُتابع. حين صدرت مجلة (الغدير) في عام 1410ه كانت خطوة رائدة كأول مجلة للشعر الشعبي في الخليج، وتسابق بعد صدورها الكثير من الشعراء والمهتمين -وغير المهتمين أيضاً- لإصدار مجلات شعرية في مُحاولة لدخول أبواب الشهرة والثراء من هذا الباب الجديد والواسع، وبعدها بعشر سنوات عندما بدأت مرحلة المنتديات الشعرية على شبكة الانترنت بتأسيس منتديات (النداوي) و(شظايا أدبية) كان هناك سيل من المنتديات الشعرية التي ترفع شعار خدمة الشعر والموروث الشعبي، وسعى كل شاعر لإنشاء منتدى خاص به، وحين بدأ عصر القنوات الفضائية الشعرية بعد أربع سنوات من تدشين مرحلة المنتديات وانطلقت قناة (الواحة) كأول قناة تختص بالشعر والموروث الشعبي وجدنا تسابقاً جديداً لإطلاق القنوات الشعرية بالرغم من اختلاف هذه التجربة وصعوبة تنفيذها مُقارنة بالتجارب الإعلامية السابقة، وقرأنا تصريحات الشعراء الكثيرة عن نيّة إطلاق قنوات شعرية من بينها تصريح الشاعر حامد زيد عن إطلاق قناة فضائية شعرية تحمل اسم إحدى قصائده (الجمهرة) وكذلك تصريح الشاعر والإعلامي حمد السحيمي عن رغبته في إطلاق قناة تحمل اسم المنتديات التي أنشأها (النداوي)، وأعلن الإعلامي الحميدي المريبيط عن قرب إطلاق قناة (العرّاب)، وصرح غيرهم أيضاً عن حماسهم ورغبتهم في امتلاك قنوات شعرية، وكانت نتيجة الحماس الزائد هو عدم خروج هذه القنوات لأسباب متباينة وتوقف العديد من القنوات الشعرية بعد عمر قصير من ولادتها، مع مُحاولة مُستميتة من مُعظم القنوات لمُقاومة الفشل والتوقف باستنساخ البرامج والمسابقات الشعرية الناجحة من بعضها البعض. أعتقد أن تلاشي كثير من التجارب الإعلامية دون ترك أثر جيد هو طغيان الحماس والرغبة في تحقيق مكاسب مُعينة دون وجود أهداف ورؤية واضحة، مما يؤدي لنتيجة حتمية وهي الاضطرار لتقديم مادة إعلامية هزيلة أو مُستنسخة من تجارب سابقة. أخيراً يقول المبدع ماجد لفى الديحاني: الحب من فترة مسكّر بابه والناس عن صدق المشاعر عيّت يا عاشقين: اللي يخون أحبابه صلّوا على إحساسه صلاة الميّت!