هناك روايات تحقق المعادلة الصعبة، فهي تمتع وتبهج القراء بمختلف أطيافهم وترضي النقاد أيضاً، ولعل رواية "ساق البامبو" للروائي الكويتي سعود السنعوسي من تلك الروايات التي حققت هذه المعادلة. لم يكن فوز الرواية بجائزة البوكر سبباً وحيداً في انتشارها، بل لأنها حملت مكونات العمل الإبداعي المدهش، وامتلك صاحبها مزايا السارد ذي النكهة الكونية، القادرة على أن يجعل الرواية قابلة للقراءة من شرائح وأطياف متعددة من القراء. في هذا الحوار مع الروائي سعود السنعوسي نتعرف على تفاصيل رواية ساق البامبو: * في رواية ساق البامبو كان صوت السارد صوتا ملائما لمأزق بطله الروائي إذ جاء صوتاً هادئاً، لا هو حزين فيغرق في البكائيات ولا هو انفعالي فيطغى بهجائياته على النص. هل تعمدت أن يكون صوت السارد بهذه النكهة وهل ترى أن هذا الصوت منح النص تعاطفا من القارئ؟ - السارد في "ساق البامبو" كان هو نفسه هوزيه ميندوزا/ عيسى الطاروف. أنا لا أبالغ في ذلك، فقد تخليت عن الكثير من الأمور واستبعدت سعود تماما أثناء الكتابة وكنت بطل الرواية متشظي الهوية، لذلك، ربما، جاء صوت الراوي الضمني منسجما، بلغته وأفكاره، مع الظروف التي مرّ بها. شخصية غسان معقدة جداً، وعدم وضوح مواقفه في الرواية كان متعمداً مسألة تعاطف القارئ مع بطل الرواية هي مسألة نسبية لا تقبل التعميم، هناك من تعاطف مع هوزيه/ عيسى، وهناك من لم يتحمّس له على الإطلاق. وهذا أمر طبيعي خصوصا إذا ما أخبرتك انني في كثير من الأحيان أثناء الكتابة كنت أفقد تعاطفي مع بطلي، رغم أنني كنت هو. أنا متعاطف ومتحمّس تماما لقضيته، ولكن طبيعة الشخصية لم تساعدني على التصرف كيفما أردتُ لها. بيئة هوزيه وثقافته بالإضافة إلى صغر سّنه وجهله بثقافة الآخر (بلاد أبيه) كلها أمور أجبرتني أن أتعامل مع الظروف وفقا لهذه الخلفية الهادئة المتسائلة. * جوزافين وهي تشرح وتصف المشهد لعيسى وللقارئ باسترجاعاتها في منزل الطاروف بدا صوتها السردي متماسكاً وآملاً، بل وميالاً إلى صوت الحكمة أيضاً، إذ عندما يسألها هوزيه عن مصير فتيات الليل: هل يذهبن إلى الجحيم؟ كانت إجابتها: لست أدري، ولكنهن حتماً يقدن الرجال إليها. هذا التماسك والحكمة في صوت جوزافين هل هو نتاج ظروفها الحياتية أم لأنها كانت تلك القارئة المغرمة بالروايات؟ - كلاهما. الظروف الصعبة التي عاشتها جوزافين كانت وراء فلسفتها الخاصة ورؤيتها المختلفة للأمور، التجربة الحياتية هي المكون الأساسي لهذه الفلسفة. من أين جاءت جوزافين بهذه الإجابة لولا تجربة شقيقتها آيدا التي أجبرت على ممارسة هذا الدور؟ فلسفة جوزافين أيضا تتجلى في مواقف عدة جاء ذكرها في الرواية، بالإضافة إلى نظرتها إلى مصير فتيات الليل، كانت تؤمن بفلسفتها الخاصة: كل شيء يحدث بسبب ولسبب. والمتتبع للأحداث في الرواية، خصوصا قبل مولد هوزيه/ عيسى، يمكنه أن يتعرّف إلى شخصية جوزافين وأفكارها ونظرتها للأمور بشكل أكبر. حرصت على مصداقية العمل من خلال توظيف بعض الأحداث التاريخية * اتسمت مواقف جميع شخصيات الرواية بالوضوح عدا شخصية غسان، هل يعود هذا إلى مرجعتيه الاجتماعية أم لأن تعتيم تلك الشخصية جاء لمطلب فني. كيف تقرأ شخصية غسان؟ - أتفق معك في ذلك، لم أركز كثيرا على موقف غسان بقدر ما كان تركيزي على ظروفه، خصوصا في تلك المفارقة حين يساعد عيسى/هوزيه على العودة إلى الكويت واستخراج جواز سفر له قبل ذلك، في حين هو لا يملك أن يسافر أو حتى يحصل على جواز سفر. شخصية غسان معقدة جدا، ما كان سهلا عليّ أن أفسح لها مجالا أكبر مما فعلت لأن قضيته كبيرة وشائكة جدا، لقد قمت، فقط، بتوظيف ما يتقاطع بين ظروف غسان "البدون" وعيسى نصف الكويتي نصف الغريب. ورغم ذلك تجد أن لغسان موقف في الرواية، أعترف بأنه لم يكن واضحا، وقد كان هذا الأمر متعمدا، خصوصا حين ظهر موقف آخر لغسان في الرواية، موقف لا يشبه الموقف النبيل الذي قام به حين نفذ وصية صديقه والد عيسى. أردت أن أترك القارئ في حيرة لأحفزه على التفكير، بالضبط مثل قضية البدون التي تحتاج إلى وقفة جادة للتفكير في معاناة أصحابها. أما عن قراءتي لشخصية غسان فقد تركتها في صوت هند الطاروف في الرواية.. تعاطف العاجز. كل شخصية تعاني اضطراباً بشكل من الأشكال لا بدّ أن تقف عند مسألة الدين * ماما غنيمة كانت شخصية ناضجة فنيا ومرسومة بإتقان، وحتى تباين موقفها من عيسى كان جليا للقارئ، بينما كانت الشخصيات الكويتية الأخرى أقل نضوجا. هل تعود براعتك في كتابة شخصية ماما غنيمة لكون الروائي الخليجي يبرع في كتابة ووصف جيل الأمهات أكثر من جيل الشابات؟ - بأمانة لست أملك إجابة واضحة حول السؤال رغم أنني أحببته. أثناء تلقي السؤال كنت أفكر: بالفعل لماذا؟ ان للجدة حضورا مهما في حياتي، وإن اختلفت عن الصور التي أكتبها، ولعل هذا الأمر هو الذي يجعل لها حضورا وشخصية تكاد تكون حيّة في "ساق البامبو" بل وربما في عملي المقبل. أنا لا أستطيع وصف ما يشبهني بقدر ما أستطيع أن أصف ما يختلف معي. جيل الجدّات لا يشبه جيلنا في شيء، من السهل رصد ووصف تلك الشخصيات لتمايزها واختلافها، حركيا ونفسيا وحتى في أسلوب التفكير، لذلك ربما رُسِمَت شخصية ماما غنيمة بتلك العناية. كنت أكتب الموقف من باب شرّ البلية مما جعل النص يتضمن شيئاً من المواقف الطريفة دون تعمد * مشاعر الأم في السرد كانت تحمل الحب والتبجيل لراشد وتحاول ما استطاعت أن تكون لطيفة بما يكفي لإبعاد ابنها عن مشاعر الكراهية للجدة أو للعمات، وحتى للمكان بشكل عام. هل يعود ذلك لأنها لا تريد لعيسى أن يأخذ موقفا عدائياً أم ان ذلك جاء نتاج حالة حب حقيقية؟ - هي لا تريد أن تفوّت فرصة عودة هوزيه إلى بلاد أبيه، أو "الجنة" كما كانت تصفها. لذلك نجد أنها قد تصرفت بما لا يتناسب إطلاقا مع التجربة التي مرّت بها. كانت، برغم معاناتها أثناء وجودها في الكويت، تحاول أن تحبّب ابنها في ذلك المكان. كانت تلقنه كلمات عربية، وتحكي له عن والده بحب، وتتمنى له أصدقاء كأصدقاء أبيه غسان ووليد، كما أنها لم تقم بتربية عيسى/هوزيه دينيا على الإطلاق تمهيدا لاعتناقه الإسلام في بلاد أبيه إذا ما عاد إليها. أضف إلى ذلك أن جوزافين قد أحبّت راشد بالفعل، وإن كان راشد لم يبادلها ذلك الحب الذي كان مجرد انتقام من نفسه ووالدته التي حرمته من الاقتران بفتاة الجامعة التي كان يحب. جوزافين ضحت كثيرا من أجل حياة أفضل لابنها وقد يتجلى هذا الأمر حين بررت ابتعادها عنه في منزل زوجها الجديد: "كي لا أتعلق بك، وليصبح رحيلك إذا ما جاء وقته.. أسهل". * في الرواية كانت هناك ثلاث حالات لمن يعيشون دون أب: الحالة الأولى هو الجد ميندوزا والحالة الثانية ميرلا والحالة الثالثة هو عيسى، وكانت لكل حالة تداعياتها، لكن القراء، على ما يبدو، أهملوا الحالتين وظلت حالة عيسى هي الحالة الأهم. ما تفسيرك لهذا الأمر؟ - أضف إلى الحالات الثلاث حالة رابعة وهي "خولة الطاروف" أخت عيسى/هوزيه من أبيه. أتفق معك تماما، ليس القارئ وحده من انصرف عن الحالات المشابهة والتفت إلى هوزيه وحده، أنا كنت كالقارئ تماما، حين كنت هوزيه أثناء الكتابة كنت أكتب بقلمه وأحكي بلسانه، وكان من الطبيعي جدا أن أصف معاناته بخبرة المعايش والمجرب أكثر من وصفه لمعاناة الآخرين. لو كان الراوي الضمني في الرواية هي ميرلا مثلا لاختلف الأمر تماما. القارئ كان قريبا جدا من هوزيه لأنه الراوي الضمني ولأنه أعطي المساحة الأكبر للحديث عن معاناته في حين لم يفسح مجالا كبيرا للآخرين سوى في إشارات في مواضع متفرقة من الرواية. * كان بطل رواية "حياة باي"، في ظل ديانات متعددة في أرض الهند، قد اختار أن تجتمع تلك الأديان في قلبه وبحسب فلسفته الخاصة، فإن عيسى شبيه بباي من ناحية، لكنه مختلف من أخرى، هل ترى وجود لهذا التقاطع ولاحظت ان العامل الديني لم يكن هاجسا رئيسيا لدى عيسى؟ - الهاجس الحقيقي لدى عيسى هو الرب ووجوده، لقد جاء تفكيره في الدين بعد إيمانه بوجود الله في قلبه. كل شخصية تعاني اضطرابا بشكل من الأشكال لابد أن تقف عند مسألة الدين. لبطل رواية حياة باي أسباب دفعته إلى التوقف والتفكير مليا في الدين، منها التعدد الديني في الهند، وإيمان والدته وانصراف والده عن الدين تماما. هوزيه/عيسى أيضا كان لابد أن يتوقف عن الأمر ذاته، هو نشأ في بيئة متسامحة منفتحة على الآخر، كما انه ولد لأبوين ينتميان إلى ديانتين مختلفين، والأهم من ذلك تعرفه إلى الدين في مراحل متقدمة مع عمره، فهو زار الكنيسة في الثانية عشرة من عمره أول مرة، وفي السادسة عشرة دخل المعبد البوذي، وفي الثامنة عشرة زار المسجد. أضف إلى ذلك تأثير بعض الشخصيات على هوزيه، تلك الشخصيات التي كان للدين دور بارز في تشكيلها، تشانغ بائع الموز البوذي، خالته التي تؤمن بربها وفق حالتها المزاجية، وصديقه إبراهيم سلام المترجم والمنتمي إلى جماعة التعريف بالإسلام. بل حتى الرموز الوطنية في الرواية كانت تنتمي إلى أديان مختلفة مثل المسيحي خوسيه ريزال ولابو-لابو سلطان جزيرة ماكتان المسلم، مثل هذه الشخصيات بالإضافة إلى تشظي هوية هوزيه/عيسى وبحثه عن اسم ودين ووطن جعلت من طرح المسألة الدينية ضرورة لابد منها في العمل. * الشخصيات المثقفة في الرواية هي الأضعف إنسانيا وهي من تسببت في أزمة عيسى الذي عاش على أمل الفردوس المفقود، فلماذا اخترت أن تكون بعض شخصيات روايته مثقفة أو ميالة للثقافة والقراءة؟ وهل تتفق معي بشأن ضعف تلك الشخصيات انسانيا؟ - هذا ما أرى عليه المثقف العربي بشكل عام. هو أضعف من أن يواجه، أو بالأحرى هو أضعف من أن ينتصر بعد أي موجهة. المثقف مقيد بلائحة طويلة من الممنوعات، موروثات وعادات وتقاليد ودين يُستغل وفقا للموقف. وما راشد الطاروف سوى صورة عن هذا المثقف الذي سقط في أول اختبار أمام العادات والتقاليد. ليس المثقف وحده العاجز أمام تلك الأمور، الدين ذاته لم يغير الكثير من موروثاتنا وأفكارنا البالية، ومن هنا جاءت تساؤلات هوزيه حول الإسلام الذي يبيح، والمسلمون الذين يحرمون! * حين قرر عيسى العودة إلى الكويت، وبينما كان يركب الحافلة، تأمل الحياة الفقيرة وتأمل الوجوه الكادحة، وفي تلك اللحظة لم يعد هو هوزيه.. كان في لحظتها عيسى الكويتي الذي يلتفت ولأول مرة إلى هذه الأماكن بتلك النظرة المختلفة. هل نقول ان عيسى هو أيضا لديه حالة خفية من الاستعلاء؟ - ليست حالة استعلاء أبدا، هي حالة من الوعي والإدراك المفاجئ، لحقتها حالة فزع من مصير مشابه لأولئك الذين كانوا معه في الحافلة. أناس معدمون تحت خط الفقر يعملون لساعات طويلة وفي ظروف قاسية فقط لتوفير قوت يومهم. نظرته المختلفة جاءت بسبب الخوف من ذلك المصير رغم انه يملك الحق في العيش بشكل أفضل. * في الفلبين كان السرد يذهب إلى تفاصيل المكان وكان بيت ميندوزا يتجلى لنا. ثمة وصف للأشجار وللفواكه وللاخضرار بشكل عام وحتى منزل تلك العجوز أدركناه من خلال الوصف، لكن ما أن عاد عيسى إلى الكويت حتى انصرف السرد إلى الظواهر الاجتماعية وأغفل تفاصيل المكان. كيف تقرأ حالة المغايرة في السرد؟ - لأن الظواهر الاجتماعية كانت مصدر دهشة بالنسبة إليه وهو الذي لا يعرف شيئا عن تلك الأمور تقريبا قبل عودته إلى الكويت. إن وصف عيسى/ هوزيه للتفاصيل في الفلبين لا تعني انه أهمل التفاصيل في الكويت، بل على العكس، وهذا ما لمسته لدى المتلقي العربي الذي يعيش خارج الخليج، فقد وجد توازنا بين وصف البيئتين. كل ما في الأمر هو أنك كقارئ خليجي لن تنتبه إلى وصف أمور تألفها ولا تشكل لك مصدر دهشة، لا جديد بالنسبة لك حين يصف هوزيه سلوك الناس في الكويت وثيابهم وأشكال البيوت والسيارات والمساجد من الداخل والمجمعات التجارية والديوانية بمقاعدها الأرضية والطقس بل وحتى "استكانات" الشاي وملاعقها الصغيرة، لأن مثل تلك الأمور معروفة لديك بعكس أي تفصيلة صغيرة في الفلبين ممكن أن تترك أثرا في داخلك لأن لك خيالا مطلقا في تصور المكان الجديد الذي نكاد لا نعرف عنه شيئا. * استحضار الحوادث الوطنية الكويتية يمنح النص أهميته لدى القارئ المحلي، بينما قد تشكل دوراً تعريفياً بتاريخ الكويت للقارىء الأجنبي، وبهذا فهو يضمن حالة مزدوجة من التلقي مهما كان موقع القارىء. هل كنت تقصد بأن يخالط النص شيء من الحس الوطني العالي؟ - لم أقصد أن أطعم النصّ حسّا وطنيا، وقد يكون ذلك موجودا بالفعل كما لمست أنت، ولكنه لم يكن أمرا مقصودا بقدر ما كان القصد توظيف بعض الأحداث التاريخية في الفلبين والكويت لإضفاء نوع من المصداقية على العمل. الرواية لم تعتمد على الحدث التاريخي وحسب، بل أيضا كان للشخوص الواقعية دور أيضا، كالروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل والشاعر الراحل فائق عبدالجليل. كما أنني أردت أن أعرّف القارئ المحلي قبل الأجنبي ببعض من تلك الأحداث والشخصيات على أن لا يكون شيئا منها مقحما على العمل، بل على العكس وجدت أن تلك الأحداث والشخصيات ساعدت على دفع عجلة سير الأحداث بما سهل علي كثيرا في انتقال هوزيه من مرحلة إلى أخرى. أدركت أهمية تطعيم العمل بأحداث تاريخية وشخوص واقعية من خلال احتكاكي المباشر ببعض مجموعات القراءة التي يقيمها الشباب – من جيل بعد الاحتلال – والذين لا يعرفون شيئا عن تلك الاحداث والشخصيات. كثير منهم قال لي أنه اكتشف، من خلال اليوتيوب، ان حادثة اختطاف طائرة "الجابرية" المذكورة في الرواية هي حادثة حقيقية! الأمر ينطبق تماما على شخصية الشاعر فايق عبدالجليل التي مع الأسف ظنها بعض الشباب، جهلا، أنها مجرد شخصية ورقية لولا أن أثبت محرك البحث غوغل عكس ذلك! * رغم الجدية التي كان عليها النص ورغم عمق المأزق الإنساني إلا أنك بللت النص بدفقة من الحس الكوميدي أو باللقطة الطريفة كما حدث في مواقف الجد مع هوزيه وكذلك مواقف ميرلا وأيضاً عندما قام عيسى بتدليك ساق ماما غنيمة. هل كان تشريب النص بالطرافة هو محاولة لخلق حالة من التوازن بين الجدية والخفة في السرد؟ - هل تصدق إن قلت لك إنني ما تعمدت شيئا من ذلك؟! بل انني عرفت إن نصَّي يتضمن شيئا من المواقف الطريفة من خلال القارئ وحسب. أنا نفسي حين عدت لقراءة العمل وجدت ما نبهني إليه القارئ. ربما لأنني كنت أكتب الموقف من باب شرّ البلية، تخرج مني كلمة في فورة غضب أو يأس لا أنتبه لها بقدر ما ينتبه لها المتلقي. بشكل عام الرواية، أي رواية، حياة، والحياة لا تخلو من مواقف تلقائية كتلك حتى في أحلك الظروف. * بعد عودة عيسى إلى الفلبين وإنجابه طفلا هناك، سيعيش هذا الطفل مأزق والدهما وبذلك يتم تدوير أزمة الهوية إلى ما لا نهاية. هل كنت ترى أن مثل هذه الأزمة ستظل أزمة مفتوحة وليس لها حل نهائي؟ - هل تتصور ان راشد الصغير سوف يعيش مأزق أبيه؟ أنا نفسي لا أملك تصورا للأمر. أحداث الرواية انتهت في 2011. ربما عاد هوزيه وأسرته الجديدة إلى الكويت الآن. ربما توفيت ماما غنيمة وعاد حفيدها للحصول على حصته من الميراث. ربما تصالحت عائلة الطاروف مع ذاتها ومع ابنها الشرعي. أنا أرى ان أزمة الهوية لدى هوزيه/ عيسى قد انتهت بالمشهد الأخير أثناء مشاهدته المباراة، كان متصالحا مع ذاته كما لم يكن قبل ذلك في حياته قط. كان قد تعرّف أخيرا إلى هويته متصالحا مع ذاته، فهو كما توصل في نهاية الرواية نصف الفلبيني نصف الكويتي.. "بهذه النتيجة أنا متعادل". هذا بالنسبة لبطل رواية "ساق البامبو"، أما بالنسبة لأزمة الهوية في مجتمعاتنا، بشكل عام، فلن أجيبك على هذا السؤال خوفا من أن تدفعني إجابتي إلى مزيد من.. الإحباط!