تُعد مراكز الشرط الوجهة الأولى التي يلجأ إليها المواطن أو المقيم؛ لتقديم بلاغه عن سرقة سيارته أو منزله، أو محله، أو حتى الاعتداء على حقه الخاص، أو الجناية على شخصه ضرباً أو طعناً أو حتى سلاحاً، ولكن لا يزال استقبال بلاغه في قسم الشرطة هو أسوأ ما يعانيه، وتحديداً حين يكون برود "العسكري" أو "الضابط" وصل إلى مرحلة "خلك طبيعي قبلك واجد مبلغين عن سرقات"، وحينها يُصدم أن الشرطة التي هي ملاذه لم تتفاعل معه، وتحتويه، وتخفف من مصابه، بل يكون الرد بكل برود مرة أخرى "خلاص بلّغت.. انتهت مهمتك.. ونتصل عليك"، وأحياناً يتعرض المبلغ نفسه لتحقيق ممل قبل تسجيل بلاغه، وإحراجه بضرورة الإفادة بأسماء أشخاص يشك فيهم، كما أنّ المبلغ قد يفاجأ بتجهم رجل الأمن الذي يتقبل بلاغه ولا يستطيع الأخذ والعطاء معه؛ مما يحوجه إلى دورات مكثفة للتعامل مع الجمهور، كما أنّ الحاجة ماسة لجمع الجهات الأمنية تحت سقف واحد في غرفة عمليات عملاقة، يخصص لها رقم موحد، حيث يساعد ذلك في معالجة القضايا الطارئة، واستقبال البلاغات وتمريرها في الوقت نفسه إلى الجهة المختصة، بعيداً عن "الروتين الممل" و"البيروقراطية" المعتادة في تلقي البلاغات. بصمة اليد وانتقد "فيصل بازهير" التعامل أثناء استلام البلاغات في أقسام الشرط، خاصة المتعلقة بسرقة السيارات، حيث تجد "العسكري" يطلب منك تعبئة استمارة، ومن ثم تمريرها على كذا قسم، ثم يطلب منك أن تنتظر إلى أن يجدوها أو تراجعهم بعد عدة أيام، مضيفاً: "صحيح أنّه قد يكون هناك تقصير من البعض في ترك السيارة تعمل، ولكن لو ضُرب بيد من حديد تجاه من يسرق أي سيارة وكانت هناك عقوبات رادعة لما كان هناك من يتجرأ على هذا الفعل، وهناك نقطة أخرى لو رُفعت البصمات عن كل سيارة يتم التحفظ عليها بعد سرقتها، وتم عمل مقارنة لهذه البصمات لمعرف من هو السارق، خاصةً بعد الانظمة الجديدة التي عُمل بها، سواءً في الأحوال المدنية أو الجوازات في أخذ البصمات، وبالتالي يعرف السارق أنه سيتم الإتيان به عبر بصماته، وبالتأكيد سيترك بصمة في السيارة مهما حاول أن يمحيها". التبليغ في أقسام الشرط معاناة تبدأ من «تشك في أحد» وتنتهي عند «نتصل عليك بعدين» استقبال البلاغات ولفت "رمزي عديني" إلى أنّ هناك الكثير تعاد لهم سياراتهم بعد سرقتها، ولكن للأسف لا يعرفون ماذا تم بحق من سرقها، هل قبض عليه؟، هل تمت محاكمته؟، أم أنّ الهدف هو إيجاد السيارة فقط، فيما يخرج السارق بكفالة، وقد لا يتم إتخاذ أي إجراء قانوني ضده، مضيفاً: "لابد أن يُفضح السارق حتى يتعض البقية، أما أن يُترك فهذا ما يجعل السرقة تنتشر، كذلك نحتاج إلى من يتخصص في التعامل مع السرقات، وأن يكون هناك جهاز مخصص لمتابعة سرقة السيارات، بحيث يتم تشكيل فريق متكامل يتولى العملية من استقبال البلاغات إلى إيجاد السيارة والقبض على المشتبة بهم ورفع بصماتهم، ولا ننسى أنّ الشرط تستقبل العديد من الشكاوى والبلاغات، وأضيفت لها أعباء جديدة باستقبال الشيكات بعد قرار مجلس الوزراء القاضي بأن يكون تلقي البلاغات وشكاوى الشيكات ابتداءً من رجال الضبط الجنائي بوصفها جريمة جنائية، وأيضاً السرقات الالكترونية، فمراكز الشرطة فتحت أبوابها لاستقبال بلاغات سرقة البريد الإلكتروني، استعداداً لمطاردة ما سموه ب(الكركر)، وهم الأشخاص المتلصصون على أجهزة الحواسيب ولصوص الإيميلات، إذ يتم تعقبهم والقبض عليهم، كون ذلك يعدّ إحدى الجرائم الإلكترونية، التي تطاردها وزارة الداخلية؛ نظراً لآثارها السلبية المتعددة، وهذه كلها مهام اضافية فلابد من التخصص في كل مجال". يوم الاجازة ونوّه "سالم خليف" بأن استقبال البلاغات في اقسام الشرط لا يوازي حجم المنجز، مضيفاً: "أحد الزملاء فوجئ في الصباح وقبل توجهه للعمل بعدم وجود اللوحة الخلفية لسيارته، ونظراً لخطورة الحادثة توجه لمركز الشرطة لتقديم بلاغ لإخلاء مسؤوليته القانونية، وللحد من المخاطر التي قد تلحق به وبالمجتمع جراء استخدام الجاني للوحة مسروقة، وفور وصوله لمركز الشرطة في تمام الساعة العاشرة صباحاً صُدم برفض مركز الشرطة تلقي بلاغه -رغم خطورة الأمر-، وطلب المسؤول هناك بالمركز المبلغ بالعودة يوم السبت لتسجيل البلاغ؛ مما أثار العديد من التساؤلات عن آلية استقبال البلاغات الأمنية، ومن المسؤول عنها؟، حيث توجه ببلاغ لعمليات دوريات الأمن (999) وطلب من المبلغ الاتصال بمركز الشرطة". مكافحة الإهمال وقال الملازم أول "نواف البوق" -الناطق الإعلامي لشرطة محافظة جدة-: "أمر طبيعي أن يكون التعامل روتيني، هل تريد من الضابط أن يترك عمله ويذهب للبحث عن السيارة التي تركها صاحبها مفتوحة أمام السوبر ماركت ليرجع ويجد المكيف بارد؟، هاهو فقدها كلياً، ومن باب أولى أن يناقش موضوع الإهمال والتسيب الذي ليس له داع"، موضحاً أن السرقات التي تحدث للسيارات معظمها إهمال، فتجده إما يتركها مفتوحه أو يضع فيها شنطة، أو لابتوب، أو جوال، أو محفظة بشكل ظاهر، مؤكداً على أن السيارة ليست معرضاً، فهناك ضعفاء لا يستطيعون أن يقاوموا، مشيراً إلى أنه حقق مع لصوص أقر الواحد منهم بأنه لا يستطيع أن يقاوم إذا رأى الأشياء القيمة أمامه. الملازم البوق: هل تريد أن يترك الضابط عمله ويبحث عن سيارة تركها صاحبها مفتوحة؟ وأضاف: "في الأونة الأخيرة هناك انخفاض واضح وملموس في السرقات بصفة عامة، ولكن هل هذا يعود للوعي؟، أم يعود للتكثيف الأمني؟، أم يعود لفهم المواطن لكيفية الحفاظ على ممتلكاته الشخصية؟، فخلال خمس سنوات متتالية انخفضت نسبة الجريمة، وتحديداً سرقات المنازل والسيارات، ونحن متواجدون على مدار الساعة لاستقبال البلاغات، سواءً سرقة أو فقدان، ولو لم نتلقى البلاغات لما تواجدت الدوريات الأمنية في الشوارع لتقديم أي خدمة مباشرة في أي حادث، أو عبر مراكز الشرط المنتشرة في أرجاء المملكة، ولكن يجب أن نواجه الإهمال الذي يفتك بالدول والمجتمعات، فهناك رسائل كثيرة وجهت من الأمن الأمن العام في هذا الجانب". وأشار إلى أنّ من الاهمال أن يعطي الشخص مفاتيح منزله لأشخاص لا يعرفهم معرفة حقيقية، وهو من يأتي بسائق ليس على كفالته، أو مقيم بشكل غير نظامي، ويشغله فترة من الزمن، ويثق فيه، ثم يعطيه مفاتيح بيته، وبعد فترة من الزمن يسرق العامل البيت ويذهب، وعندما تسأله عن اسم العامل يقول "محمد" ولا يعرف عنه أي شيء آخر، متسائلاً: "لماذا نضع أنفسنا في هذه المواقف؟، لابد أن يكن الإنسان حريص على حفظ ممتلكاته الخاصة قبل أي شيء، فهو المسؤول عنها قبل أي أحد.. لا تدع فرصة لأن تكون فريسة لضعاف النفوس، ولابد من الأخذ بالأسباب". بلاغات الصم والبكم وكانت أجهزة الشرط قد وفرت وسائل خاصة لبلاغات الصم والبكم، ويتم تنظيم زيارات من قبل مدارس الصم والبكم والمعاهد الخاصة لغرفة العمليات، لتوضيح هذه الخدمة لهم من قبل أفراد الشرطة، وتقديم شرح مفصل لهم حول كيفية الاتصال بالعمليات، على الرغم من أنّ بلاغات الصم والبكم بالرسائل النصية قليلة جداً، حيث لا يتجاوز عدد الرسائل خلال الأسبوع للمبلغين من الصم والبكم رسالتين أو أقل، ويكون البلاغ عن طريق رسالة جوال يشرح بها مضمون البلاغ، وموقعه، وعلى الفور يتم إرسال رسالة للمبلغ بأن الدورية متجهة إلى الموقع. الملازم البوق