وقف خطيب المسجد في خطبة الجمعة محذراً من تكرار السرقات داخل الحي، لافتاً إلى حدوث خمس سرقات في ليلة واحدة من ليالي رمضان، مشيراً إلى أن غالب ما يُسرق هو اسطوانات الغاز، حيث تُترك في أحواش الفيلات، ويتسلل اللصوص لسرقتها في الصباح الباكر، وتحديداً حين يكون الناس نياما ولا حركة في الشوارع، داعياً إلى عدم إهمال أي ممتلكات حتى لا يجد اللص ما يسرقه، إلاّ أنه فات على إمام المسجد تأكيد ضرورة إبلاغ الشرطة بما سُرق، ورفع بصمات من سرق، وهذا يكشف حالة القطيعة بين السارق والمسروق، حين تبقى السرقات من دون أي إجراء رسمي، فتضيع الحقوق وتضلل العدالة. حيرة! وقف المواطن «عبدالإله الزهراني» حائراً أمام باب منزله، فقد فوجيء باختفاء اسطوانة الغاز التي تركها في حوش المنزل، وكانت حيرته كبيرة ما بين الإبلاغ أو الدعاء على اللص، رغم يقينه أن الأمرين لن يطفئا حرقته على تطاول اللصوص وتعديهم على حرمات المنازل، مرجعاً سبب تردده في الذهاب لمركز الشرطة وتسجيل بلاغ عن سرقة اسطوانته إلى أن لدى الشرطة ما هو أهم من اسطوانة غاز، موضحاً أن هذا التصور خاطئ، ويفترض أن يبلّغ المواطن عن أي حالة سرقة؛ لأنها قد تقود إلى السارق الذي ربما سرق ما هو أكبر من ذلك. إهمال وتردد وعرض «تركي الحربي» تجربة سابقة له مع (الحرامية الخفافي) - كما يقول: نتيجة لإهماله، فقد خسر ألف ريال في لحظات عابرة، حين سُرق جواله من سيارته في غمضة عين. وقال: «أوقفت سيارتي أمام أحد المطاعم ونسيت النافذة مفتوحة، وحين عودتي بحثت عن جوالي، لأفاجأ بسرقته، رغم أن غيابي عن السيارة لم يتجاوز عشر دقائق، وهذا جعلني على يقين بأنني كنت مراقباً والموقع مراقب ومستهدف من قبل اللصوص، لذلك قررت التوجه للشرطة لتسجيل بلاغ عن جوالي المسروق بعد أن تأكدت من سرقته، وبعدما اتصلت عليه من جوال أحد المارة وجدته مغلقاً، حينها قررت التوجه للشرطة حتى تتم مراقبة الموقع والإطاحة باللصوص وخلاص الناس من شرورهم»، مشيراً إلى أنه قاوم حالة التردد التي انتابته حين اقترب من مركز الشرطة؛ لشعوره بعدم جدوى بلاغه وكثرة المراجعين للشرطة، رغم أن الوقت قارب المغرب، إلاّ أنه حزم أمره وقرر الدخول ليبلغ عن السرقة، ثم توجه مساءً إلى أقرب محل لبيع الجوال لشراء جهاز جديد بديلٍ عن جهازه المسروق. نحتاج إلى تطوير آلية البلاغ إلكترونياً وزيادة كاميرات المراقبة وتوعية المجتمع بالتخلي عن الإهمال وفرط الثقة وأضاف إن جراءات التبليغ - في حال تعرضت للسرقة، خاصة حين يكون الغرض بسيطاً مثل اسطوانة غاز أو جوال وما شابهها - التوجه إلى مكتب شرطة الحي الذي حدثت فيه السرقة لتقديم البلاغ، ويتم استقبال البلاغ عبر محضر ورقي يستهلك وقتاً ليس بالهين وتزيد المعاناة حين تكون مكاتب الشرطة مزدحمة، حيث يقف أمام (ضابط الخفر) العشرات من أصحاب القضايا الكبيرة منها والصغيرة، ويرى الزائر للشرطة قضايا مؤلمة، ما يجعل الإنسان يشعر بالخجل حين يرى حجم المصائب التي أمامه وغالباً ما يضطر الواحد منا للانسحاب والتراجع عن تقديم البلاغ، مطالباً بالبلاغات الإلكترونية حفظاً للحقوق ومنعاً لتعطيل المصالح. صدمة! ودعا «أسامة العلي» - صاحب مقهى انترنت - إلى تطوير إجراءات الشرطة أثناء استقبال البلاغات؛ للحد من إحجام من يتعرض للسرقة في التبليغ. وقال: «في فترة سابقة تكرر تعرض سيارات مرتادي المحل للسرقة، وبعد متابعة دقيقة ومراقبة عن بُعد، اكتشفنا أن اللص هو حارس أحد العمائر المجاورة، حيث يكسر زجاج السيارات وسرقة ما بداخلها، وعندها تقدمنا ببلاغ للشرطة ليتم القبض على اللص، لكن المفاجأة هو إطلاق سراحه بعد اسبوعين!»، مطالباً بتفعيل الأمن الوقائي من خلال قبض الأجهزة الأمنية على مجهولي الهوية الذين غالباً ما يكونون هم اللصوص وهم ينتشرون بكثرة في أحياء مدينة جدة، مؤكداً أن الفترات التي تشهد تحركاً للجهات الأمنية فإن حوادث السرقة تقل، ومع عودتهم وانتشارهم تزيد، مطالباً بتركيب مزيدٍ من كاميرات المراقبة، خاصة في المنشآت التجارية والشوارع الرئيسة والداخلية التي بدورها ستسهم في الأمن الوقائي، حيث هناك حالات كثيرة تمكّن رجال الأمن من الوصول للجناة واللصوص بفضل تلك الكاميرات. ثقافة غائبة وأرجع الأستاذ «محمد عبدالستار» - مستشار ومحام - تراخي المواطنين في التبليغ عن السرقات إلى أمرين، أولهما: الافتقاد إلى سلاسة الإجراءات في التبليغ والوقت والجهد لمن يتعرض للسرقة في سبيل الإبلاغ عن مفقوداته، والثاني: هو غياب الوعي بأهمية التبليغ. وقال إن الدور الأكبر يقع على الشرطة؛ لأن المواطن في قناعاته يرى أن المسروقات البسيطة لا تستحق عناء التبليغ، أو لقناعته أيضاً بعدم إمكانية استرجاعها؛ لذلك يكتفي بالتحسر على ما سُرق منه، داعياً الشرطة إلى تغيير الآلية المتبعة في تلقي البلاغات عبر المحاضر الورقية و(سين وجيم)، مطالباً باعتماد التقنية في تلقي البلاغات، خاصة أن وزارة الداخلية تعد من أفضل الوزارات في التعاملات الالكترونية، إلى جانب إمكانية خصخصة مثل تلك الخدمات، والأمر الآخر هو التثقيف والتوعية للمواطنين بأهمية الإبلاغ عن المفقودات مهما كانت بسيطة، وزرع تلك الثقافة في نفوس النشء والطلاب وجميع فئات المجتمع، واستثمار المساجد والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام في التوعية حتى يدركوا أن تراخيهم في الإبلاغ يكون بمثابة مكافأة للصوص؛ لأنهم يكونون في مأمن عن أعين الشرطة وتزداد السرقات؛ لذلك يجب أن ترسخ في أذهانهم فائدة التبليغ ومدى ارتباط ذلك بقياس نسبة الجريمة، من خلال المعلومات الدقيقة والواقعية التي تقود إلى إعداد تقارير إحصائية سليمة يتم التحري والتحرك بموجبها للحد من السرقات وملاحقة اللصوص. الأمن في البلاغات ودعا ملازم أول «نواف البوق» - المتحدث الإعلامي بالنيابة في شرطة جدة - إلى ضرورة تبليغ المواطن والمقيم عن أي سرقة يتعرض لها. وقال: «الفوائد المتحققة من التبليغ حتى لو لم يسترجع ما فقده المبلغ، هي قياس نسبة جرائم السرقة ومعرفة الأماكن الأكثر استهدافاً من قبل اللصوص، والتخطيط لمحاصرة السرقات عبر تحديد الأماكن التي تستدعي تكثيف التواجد الأمني والمراقبة»، مستدركاً إمكانية استرجاع المسروقات متى ما تم رفع البصمات والإطاحة باللصوص بعد مواجهتهم بالأدلة، وحينها يحق للمواطن المطالبة بمسروقاته، مشيراً إلى الضرر الذي قد يحدث نتيجة التراخي عن الإبلاغ، مهما كان حجم المسروق؛ لأن في ذلك تضليل لرجال الأمن، حين تبنى المعلومات والإحصاءات على واقع غير دقيق في حين يكون الواقع عكس ذلك، موضحاً أن شاشة المتابعة لأحياء جدة تبين عبر مؤشرات متنوعة حجم الجريمة وأنواع السرقات في كل حي من أحياء جدة؛ لتجسد تلك الشاشة أهمية ودور البلاغات في تعزيز الأمن للمناطق الأكثر تعرضاً للسرقة وبالتالي الحد منها والإطاحة باللصوص. سرعة إبلاغ مواطن عن لص قاد إلى القبض عليه متلبساً لصوص بعثروا غرفة النوم بحثاً عن المال والمجوهرات عبدالإله الزهراني تركي الحربي محمد عبدالستار ملازم أول نواف البوق