سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التحذير من استغلال تصحيح وضع العمالة برفع الأجور في قطاع مقاولات بناء المساكن ارتفاع أسعار العمالة في الوقت الحالي ساعد على انفراد الشركات النظامية بالأعمال
جاء قرار تصحيح أوضاع العمالة في المملكة مؤثرا بشكل لافت على شركات التطوير العقاري، وشركات المقاولات، حيث كان له -القرار- تبعات على هذه الشركات، منها ارتفاع الأجور بنسبة فاقت 15 في المئة بشكل مبدئي، خصوصا في العقود التي أبرمت مؤخرا، ما ادى الى توقف بعض الشركات عن تقديم عروضها، ونتج عن هذا التوقف نقص لافت في قطاع الانشاءات. وعلى الرغم من ان وجهات النظر بين مختصين في قطاعي المقاولات والتطوير العقاري تباينت حول سير العمل في مشاريع المقاولات أو تعثرها بعد قرار التصحيح، إلا أن نقطة الالتقاء بينهم كانت حول أهمية هذا القرار في الحد من وجود العمالة السائبة ورخص أجورها وجودة اليد العاملة والمدربة. وساعد ارتفاع أسعار العمالة في الوقت الحالي على انفراد الشركات النظامية بالأعمال، وتراجعت بعض الشركات لعدم نظاميتها واعتمادها على العمالة السائبة، مما اتاح للشركات النظامية بأن تدخل في المناقصات والعروض بأسعار أقل من الموجودة حاليا، إلا ان خبراء اقتصاديين توقعوا ان يتحسن الوضع ويستمر على ما هو عليه في حدود الثلاث سنوات حتى يرجع الامر الى سيرته الاولى. وبات من الصعب البحث عن شركات إنشائية مستقرة تقوم بالعمل خصوصا وأن هناك كثيرا من المؤسسات خصوصا الصغيرة وضعها غير مستقر، وفي المقابل عمليات تصحيح أوضاع العمالة تتحرك بسرعة كبيرة، لتدارك الوقت والانتهاء من العقود التي أبرمت قبل صدور القرار. وأكد خبراء ان القرار يعمل بشكل اساسي على توظيف السعوديين، ويستعين بالعمالة الأجنبية في حدود ضيقة. وتباين تداول العقارات في العاصمة الرياض بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، خاصة في قطاع الأراضي السكنية، فبحسب دراسة حديثة قد بلغ إجمالي المعاملات على الأراضي نحو 32496 بقيمة 44.4 مليار ريال، وهو ما يمثل انخفاضا بنحو 23 في المئة عن 2010، وهو العام الذي بلغ فيه التداول اعلى الارقام. وتوقعت الدراسة التي أعدتها شركة سنشري 21 السعودية بعنوان "النظرة العامة على سوق العقارات في الرياض خلال النصف الثاني لعام 2012"، أن تشهد الأعوام الثلاثة المقبلة تشييد أكثر من 102.5 ألف وحدة سكنية، بما يزيد من إجمالي المعروض الإسكاني إلى 1,250,000 وحدة بحلول العام 2020، في وقت يبلغ رصيد العاصمة من الوحدات السكنية نحو 900 ألف وحدة. وأشارت دراسة حديثة إلى أن عددا كبيرا من الوحدات السكنية ذات التكلفة المنخفضة لم يتم بيعها، وخاصة في المشاريع المجتمعية الكبيرة الرقعة في جنوبالرياض والتي تم عرضها للإيجار بعد فشل بيع وحدات كافية منها. وكانت السعودية قد قامت بحملة على العمالة المخالفة لتنظيم السوق وإنهاء ملف العمالة المخالفة، وكان لقرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإعطاء العمالة مهلة 3 أشهر لتصحيح أوضاعهم أو السفر، دورا في ترتيب معظم الشركات والمؤسسات أوراقها من جديد والعمل بشكل نظامي، وسينعكس هذا القرار على تنظيم دور العمالة واقتصار عملهم على كفلائهم بشكل خاص. ويعتبر نقص العمالة في السوق السعودية مشكلة مزمنة طالما عانى منها القطاع حتى من قبل إصدار القرار، إلا أن الأمر ازداد تعقيدا بعد ذلك، حيث أن السوق المحلية تشهد نموا مطردا لا تستطيع العمالة الموجودة تلبيته أو تغطيته بشكل كامل، وتعد السعودية من أوائل الدول في العالم التي تشهد طفرة نوعية في قطاع الإنشاءات نظرا لحاجتها المتزايدة إلى وجود العمالة الماهرة. وبدأت شركات التطوير العقاري في رسم سياسة سعرية جديدة لبيع الوحدات السكنية بعد ارتفاع أجور العمالة بالطبع، خصوصا وان البيع بالأسعار القديمة يعرضهم لخسائر قد تكون محدودة، فيما توقفت بعض الشركات عن بيع الوحدات السكنية خاصة للمراحل التي لم يتم بناؤها حتى الآن في الكثير من مشاريعها وذلك بهدف حساب التكلفة مع زيادة أجور الأيدي العاملة خاصة مع شح العمالة في الوقت الحالي. وأوضح عقاريون مختصون ان حالة الركود الحالية التي يشهدها قطاع العقارات في السعودية لا يقتصر على قرار العمالة وتصحيح أوضاعها، وإنما يرجع بالدرجة الأولى إلى هدوء الحركة التجارية المعهودة سنويا خلال موسم الإجازات وما يتبعه من مناسبة الأعياد، مبينين أن الركود الحالي يتمثل في حركة البيع والشراء والتسويق للعقارات، بينما حركة الإنشاء والتطوير والصيانة فهي نشطة خلال هذه الآونة ولا يعاني من ركود باستثناء ما تأثرت به من حملة المخالفين وتصحيح أوضاعهم. وتعد المملكة أكبر سوق عقاري في منطقة الخليج، وتحتاج إلى 200 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي، وتعمل الحكومة من خلال وزارة الإسكان إلى بناء 500 ألف وحدة سكنية بقيمة 250 مليار ريال التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. كما يبلغ حجم الحاجة في السوق العقارية المحلية نحو 4.5 مليون وحدة سكنية بحلول 2020. فيما تشير تقارير إلى حاجة السعودية لبناء ما لا يقل عن 2.6 مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس المقبلة بهدف تلبية الطلب المتزايد على الوحدات العقارية السكنية. ويقدر حجم التمويل الإسكاني بنحو 117 مليار ريال سنويا لاستغلال مساحة 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصالحة للاستثمار لمواجهة النمو السكاني المرتفع. وأشارت دراسة متخصصة إلى أهمية إيجاد صيغة دقيقة لعملية انتقال العمالة في قطاع المقاولات بحيث يسمح للعمالة الأجنبية المؤهلة بالإقامة لمدة زمنية تنتهي بانتهاء تنفيذ المشروع، مشيرة –الدراسة- إلى ضرورة تطوير المؤسسات وشركات المقاولات المحلية في المجالات الإدارية وإعداد الكوادر الفنية المؤهلة والمدربة وتوفير نظم المعلومات الجيدة لتتمكن هذه المؤسسات من مواجهة التطورات العالمية والمنافسة بفاعلية وكفاءة ومرونة. وطالبت الدراسة لجنة المقاولين الوطنية بصياغة خطة مدروسة وبرنامج عمل قابل للتنفيذ بشأن توفير الحوافز والدعم لهذا القطاع ومن ثم تقديمها للجهات المختصة وبحيث تكون هذه الخطة تتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية علما بأن الاتفاق العام للتجارة في الخدمات لم تمنع الدول من تقديم الدعم في قطاع الخدمات. وكانت اللجنة الوطنية العمالية قد طلبت أثناء جلسات الحوار الاجتماعي الذي عقد مؤخرا بشمول العمالة الوافدة مع العمالة الوطنية في وضع حد أدنى للرواتب يضمن العيش اللائق لكل العمالة المحلية والأجنبية، وحددت الراتب الشهري ب5837 ريالاً كحد أدنى لرواتب العمالة الوطنية والوافدة، موضحة بأن أجور العمالة الوافدة في المملكة قد وضعت على أساس تكاليف المعيشة في بلدانها وليس المملكة. وفي المقابل، رأى البعض أن التصحيح لم يكن له أي تأثير في مشاريع المقاولات، لوجود المقاولين المتعاملين مع العمالة السائبة لإنجاز عملهم في وقت قياسي وبسعر مناسب وزهيد، مشيرين إلى أن كثيرا من المقاولين قد بدأوا بالفعل بتصحيح أوضاع العمالة التي يحتاجون إليها من نقل كفالات وتوفير حقوقهم. كما رأوا أن القطاع لم يتأثر كثيرا بالمهلة سابقا ولن يتأثر حاليا، مشيرين إلى عدم صحة تأثر المكاتب العقارية بالمهلة، فهي خالية حاليا من العمالة غير السعودية وفق الأنظمة، وقالوا ان الزيادات الأخيرة في الأسعار على تكلفة المنتج النهائي في العقار كافة والسكني منه خاصة، لا ترجع للزيادة في أجر العامل وحده، وإنما للزيادة الشاملة في تصاعد الأسعار، فيما اعتبر البعض ان الأيدي العاملة في القطاع العقاري مشكلة تؤدي إلى وضعه في موقف حرج لكثير من الناس بما يتطلب حلولا لتسهيل إعطاء التأشيرات للمقاولين وكبار المستثمرين وتنظيم آلية العمل من جديد.