قررت شركات التطوير العقاري في السعودية إعادة النظر في تقييم أسعار بيع الوحدات السكنية بعد ارتفاع أجور العمالة، والذي صاحب قرار وزارة العمل بتصحيح أوضاعهم، ودفع ذلك الشركات إلى وقف البناء في المشاريع التابعة لها إلى أن يتم الانتهاء من تقدير التكاليف. وأرجع مسؤولون في شركات التطوير العقاري أسباب ذلك إلى ارتفاع أجور العمالة بعد موجة تصحيح الأوضاع مما جعل من الصعب البيع بالأسعار المعلنة حاليا والتي تبدأ من 900 ألف ريال بحسب الموقع والمساحة. وقال بارع عجاج خبير التسويق العقاري إن عددا من الشركات توقفت عن بيع الوحدات السكنية خاصة للمراحل التي لم يتم بناؤها حتى الآن في الكثير من مشاريعها وذلك بهدف حساب التكلفة مع زيادة أجور الأيدي العاملة خاصة مع شح العمالة في الوقت الحالي نظرا لتصحيح وضع لكثير منهم. وأشار إلى أن السوق العقارية وخاصة قطاع بيع الوحدات السكنية الجاهزة تترقب قرار الرهن العقاري ودخول شركات تمويل وتقسيط العقار مما جعل من الصعب على الشركات التنبؤ بالأسعار في الوقت الحالي ودفعهم ذلك إلى اتخاذ قرار التريث في طرح الوحدات السكنية للبيع، مشيرا إلى أن الكثير من الشركات سارعت إلى بيع الوحدات. والسعودية هي أكبر سوق عقارية في منطقة الخليج، وتحتاج إلى 200 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي، وتعمل الحكومة من خلال وزارة الإسكان إلى بناء 500 ألف وحدة سكنية بقيمة 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، في الوقت الذي تشهد فيه دخول شركات تطوير عقاري بشكل مرتفع خلال الفترة الماضية. من جانبه قال عبد الله البلوي شيخ طائفة العقاريين في جدة سابقا إن ارتفاع تكاليف وأجور العمالة على شركات التطوير العقاري يدخل في التكلفة النهائية للمنتج العقاري مما يصعب عليها البيع بالأسعار الحالية، مشيرا إلى أن هذه الشركات تتعامل من خلال المقاولين الذين شرعوا في رفع أسعار البناء في الكثير من المشاريع وخاصة الجديدة، مبينا أن المشاريع التي يتم الإعلان عنها في الوقت الحالي وتباع بأسعار مناسبة قياسا بالأسعار المتداولة في السوق تم بناؤها منذ فترة طويلة وتم تحديد أسعار بناء على التكلفة في ذلك الحين إلا أن الخطوة التي قامت بها بعض الشركات في وقف البناء في مشاريعها تأتي في ظل مخاوف من زيادة التكلفة وعدم تجاوب السوق مع هذه الزيادة خاصة أنه لا يزال في السوق الكثير من المشاريع المعروضة للبيع. يشار إلى أن حجم الاحتياج في السوق العقارية المحلية سيبلغ نحو 4.5 مليون وحدة سكنية بحلول 2020. فيما تشير تقارير إلى حاجة السعودية لبناء ما لا يقل عن 2.6 مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس المقبلة بهدف تلبية الطلب المتزايد على الوحدات العقارية السكنية. ويقدر حجم التمويل الإسكاني بنحو 117 مليار ريال (31.2 مليار دولار) سنويا لاستغلال مساحة 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصالحة للاستثمار لمواجهة النمو السكاني المرتفع. وفي السياق ذاته وكانت دراسة متخصصة أشارت إلى أهمية إيجاد صيغة دقيقة لعملية انتقال العمالة في قطاع المقاولات بحيث يسمح للعمالة الأجنبية المؤهلة بالإقامة لمدة زمنية تنتهي بانتهاء تنفيذ المشروع، مشيرة إلى ضرورة تطوير المؤسسات وشركات المقاولات المحلية في المجالات الإدارية وإعداد الكوادر الفنية المؤهلة والمدربة وتوفير نظم المعلومات الجيدة لتمكن هذه المؤسسات بمواجهة التطورات العالمية والمنافسة بفاعلية وكفاءة ومرونة. وطالبت الدراسة لجنة المقاولين الوطنية بصياغة خطة مدروسة وبرنامج عمل قابل للتنفيذ بشأن توفير الحوافز والدعم لهذا القطاع ومن ثم تقديمها للجهات المختصة وبحيث تكون هذه الخطة تتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية علما بأن الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات لم تمنع الدول من تقديم الدعم في قطاع الخدمات. وينظم عامل ارتفاع أسعار الأيدي العاملة إلى مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي التي تصعب من محاولات مطوري القطاع الخاص، والذين يجدون أنفسهم غير قادرين على تلبية المتطلبات السعرية للشرائح المتوسطة والدنيا من المجتمع والراغبين في شراء عقار. ومن جهة أخرى يستمر السعوديون من ذوي الرصيد المالي العالي بتفضيل تملك الأراضي كوسيلة استثمار طويلة الأجل، وبذلك تتضخم أسعار الأراضي السكنية إلى حد كبير مستبعدين الاستثمار في المساحات السكنية منخفضة التكلفة والمنتشرة في مساحات المملكة الواسعة، وفقا لما ذكره تقرير شركة الاستشارات العقارية العالمية «سي بي آر إي». وكان مايك ويليامز، كبير مديري البحوث والاستشارات في سي بي آر إي قد ذكر في وقت سابق: «ليس هناك عمليا أي إطار تنظيمي تقدمه الحكومة للتحكم بتجارة الأراضي، ولا يأخذ المشاركون فيها عادة حسابات القيمة الاقتصادية الفعلية للأراضي عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية». وأشار التقرير إلى أن عددا كبيرا من الوحدات السكنية ذات التكلفة المنخفضة لم يتم بيعها، وخاصة في المشاريع المجتمعية الكبيرة الرقعة في جنوبالرياض والتي تم عرضها للإيجار بعد فشل بيع وحدات كافية منها.