يقول نابليون «ليست السياسة العليا سوى الحكمة مطبقة على الأمور الكبرى» والحكمة تريد عبقرية تملك الخيال وتتصرف وفق إيقاع الأحداث، وحتى تنجح أي شخصية قيادية، أو ربّ أسرة، أو مدير عمل صغير أن يعرف كيف يمكنه معرفة مصالح من يتماس معهم في الحياة العملية، ومشكلتنا كأمة عربية كبرى أننا لا ندرك مبدأ التنوع بين شعوبنا، فاللغة تجمعنا، وتفرقنا السياسات لدرجة لا نعلم لماذا يتجدد لعن الثروة النفطية، وكيف أنها سبب تخريب الثقافة والعلوم، وجلب الدول الأجنبية، وسحب الفلاح من أرضه، وتحويله إلى جزء من طبقة خاملة، لمجرد أنه حصل على (فيزة عمل) بالخليج، مع أن الثروة هي سبب أساسي في قيام الحضارات البشرية.. في المملكة نعرف قدر أنفسنا لكننا لا نكابر، ونقول إننا حصلنا على تأشيرة دخول للدول المتقدمة، ولكننا، بالمعنى الموضوعي، تخطينا العتبة الأولى نحو التنمية المتكاملة أي توظيف المال في إنشاء الكادر الوطني في المجالات الصناعية، والاقتصادية المتقدمة، ولعل وصول قيمة سوق الأسهم في المملكة، إلى ما يزيد عن نصف السوق العربي مجتمعاً في التداول اليومي أمر غير عادي وحتى لو قال البعض إنها ثروة الصدفة النفطية، فهناك دول لديها تنوع سياحي، وثروات نفطية ومعدنية، وأنهر كبرى لكنها لم تطبق الحكمة على الأمور الكبرى، كما قال نابليون. في الأيام الماضية، ونحن نودِّع زعيماً تاريخياً، ونستقبل رجل المهمات الكبرى، كان العالم كله بيننا، ولا نعتقد أن من تواصلوا معنا كانوا يحصلون على امتيازات مادية مجانية، أو يبالغون في مجاملاتهم لبلد لديه خوارق غير عادية، بل لأن السياسة هنا قريبة بتميزها مع الجميع، وصناعة سمعة كبيرة تبقى ثروة مساندة، وهامة في العلاقات الدولية.. على المستوى العربي، هل المطلوب مضاعفة الخلافات، أم تجيير الصراع إلى وسيلة انتاج؟ وهل في حوزتنا مقومات تجعل التكامل العربي في ثرواته وبشره ونستطيع تمكين الكفاءة الوطنية لتكون قيمة بذاتها في تمكيننا من الخروج من المأزق إلى الانفتاح على ذاتنا، والآخرين، وإعطاء قدر من الحكمة في إدارة تلك الثروات؟ المملكة لعبت دورها الخاص في محاولة جمع الأضداد في هذه الأمة، فهل تكون الاستجابة بحجم الآمال..؟