منذ يومين تنازل الملك ألبرت الثاني لابنه فليب ليكون الملك الجديد لبلجيكا في أوساط شعبية عادية كعادة الأوروبيين حول الحدائق الملكية والتي هي خاصة للملك في قلب العاصمة بروكسل وفي قلب الحديقة الشرقية يوجد جامع كبير، قد يستغرب الكثيرون وجود جامع إسلامي في قلب هذه العاصمة الأوروبية العريقة خصوصا أن هذ المسجد مبني على حديقة تعد ملكاً للملك البلجيكي وفي أجمل الحدائق الملكية فما قصة هذا المسجد. تعود قصة هذا المسجد إلى ملك بلجيكا السابق الملك (بدوان) وهو الأخ الأكبر للملك ألبرت الثاني (الذي تنازل مؤخراً لابنه) والابن الأكبر للملك (ليوبيد الثالث)، كان الملك (بدوان) شخصية إنسانية ومتدينة وانه (بدوان) لدرجة أنه تنازل عن العرش لمدة يوم كي لا يصادق على قانون الإجهاض البلجيكي وأنه كان من المطالبين باستقلال الكنغو عن بلجيكا وكان أيضاً مثقفاً ويحرص على دعوة الملوك الذين يلفتون نظره في ثقافتهم والإعجاب العالمي بهم وكان من هؤلاء الملك فيصل الذي كان محل احترام أوروبي نظراً لجهوده في تحديث المملكة في تلك الفترة وتعليم المرأة والإنفاق على التعليم والتي هي عند الأوروبيين معايير أساسية للإصلاح بالإضافة لشخصيته رحمه الله والتي كانت محل إعجاب في المحافل الدولية. في عام 67 ميلادية قام الملك فيصل بزيارة بلجيكا بدعوة من الملك (بدوان) وكان قبل ذلك في عام 62 ميلادية أن أسست الجالية المغربية والتركية أول مسجد في بروكسل وكان عبارة عن شقة صغيرة في أحد الأحياء الفقيرة وأثناء الزيارة سمع الملك فيصل عن المسجد الصغير وعن الصعوبات التي تواجه تأسيس مسجد أكبر يناسب الجالية، صادف خلال الزيارة حدوث انفجار كبير في أحد المباني هز أمن المدينة وهنا تختلف الروايات حيث رواية تقول بأن الملك فيصل زار الجرحى ورواية أخرى بأنه أرسل رسائل مواساة لذوي الجرحى ورواية ثالثة بأنه تكفل بعلاج الجرحى الذين لم يشملهم نظام التأمين الطبي أو أن نظام التأمين لم يكن أصلاً متطوراً في تلك الفترة. كان تصرف الملك فيصل رحمه الله مزيج من الشهامة والحنكة وفي نفس اليوم ذهب الملك (بدوان) لزيارة الملك فيصل في مقر إقامته وسأله بماذا يستطيع الملك بدوان أن يقدم للملك فيصل فأجابه بأن يساعد الجالية المسلمة بمحاولة إيجاد مخرج لتأسيس مسجد أكبر، فأجاب (بدوان) هل تتذكر جلالتك المتحف الملكي الذي زرته اليوم في الحديقة الشرقية فسوف أجعل هذا المتحف جامعكم والحديقة أيضا، وتنازل الملك (بدوان) عن أحد أجمل الحدائق التي ورثها وهو لا يمتلك الكثير من هذه الحدائق وكما تعلمون فإن مكانة الملك هي تشريفية فقط ولم يكن يملك سوى هذا الحل كرد جميل لضيف أعجبه نبله ووعيه وما سمعه عنه. انتشرت هذه القصة بين الأوساط الملكية وقصور الرئاسة الأوروبية كنموذج للتسامح الديني بين ملكين متدينين.