حوادث العاملات المنزلية والجرائم التي كُشفت خلال الأشهر القليلة الماضية، تُعطي مؤشراً ودليلاً على وجود خلل في آلية الاستقدام واختيار العاملة وطرق استخراج الأوراق من بلدها، وهذا مؤشر على عدم وجود ضبط اجرائي واضح يحمي حقوق المُستقدم، عند الكشف عن أي تلاعب قد يحدث من بعض مكاتب الاستقدام أو من العاملة نفسها، حيث يتركز حرص بعض تلك المكاتب على الدخل والعائد المادي فقط، دون النظر لأية أضرار قد تترتب جراء عدم التدقيق في الاختيار، ووجود ما يحفظ حقوق الأسرة تجاه أي تجاوز. و كشفت "الرياض" في تقرير نشرته عن استضافة مركز رعاية شؤون الخادمات بالرياض لأكثر من (200) عاملة أثيوبية خلال الشهرين الماضيين فقط، تعذر عملهن لدى الكفلاء لرفضهن العمل وإصابتهن بأمراض نفسية. مثل هذا الموضوع يجب أن يُدرس بدقة، و يُعاد النظر في آليات العمل مع مكاتب الاستقدام، وفي اختيار الدول، ولعل إعلان وزارة العمل مؤخراً بالتنسيق مع وزارة الداخلية، إيقاف الاستقدام من إثيوبيا مؤقتاً، وما لقيه القرار من ترحيب، بعد جرائم بشعة ارتكبت بحق أطفال أبرياء، يساعد أصحاب القرار على دراسة كل موضوع الاستقدام ووضع تلك الأحداث تحت المجهر، نقاشاً وفحصاً، ومن ثم قراراً صائباً بإذن الله. لذا، من الضروري إيجاد شروط وضوابط تضمن سلامة منازلنا، وتحفظ أبناءنا من أية اعتداءات قد تحدث بسبب العاملات لا سمح الله. وعند الحديث عن العمالة المنزلية لابد من التمحيص والتدقيق عند اختيار الجنسية، بشروط صحية لا تهاون فيها، خاصة بعد تلك الأحداث المؤسفة، وهذا الطلب مبرر جداً، خاصة عندما ذكر التقرير المنشور أن "الرياض" التقت عدداً من العاملات من الجنسية الأثيوبية اللاتي اعترفن أنهن لم يتلقين التدريب على الأعمال المنزلية في بلادهن، ومكاتب الاستقدام لا تشترط عليهن الديانة، واعترفن أنهن يعانين من صعوبات العمل والتعامل مع الأسر السعودية، ولا يرغبن في العمل، ويطلبن السفر إلى بلادهن). هذا الاعتراف يؤكد وجود خلل في الشروط الموجودة بالعقد بين مكاتب الاستقدام والمُستقدم، لأن لكل بلد ظروفه الاقتصادية والمعيشية والبيئية التي تربى عليها سكانه، وفق نظام معين، وعندما نأتي بهم الى المملكة دون تدريب وتعليم ولا يعرفون طريقة حياتنا وأسلوب مجتمعنا !، فهم يرتكبون الجرائم و المشاكل. لذا، فالمطالبة بالتدريب والكشف الطبي، من قبل مكاتب معتبرة وموثوقة في بلادهم، وكذلك الكشف النفسي للتأكد من سلامتهم النفسية، كل ما ذكرنا مهم جداً قبل وصولهم للمملكة، أيضاً وضع المكاتب وطريقة تعاملها مع المستفيدين، لابد أن يُعاد النظر فيها، من ناحية زيادة التكاليف المالية أحياناً دون مبرر مقنع!، ومن ناحية تطبيق العقد المبرم بين الطرفين، خاصة أننا نلاحظ أنها لا تظهر مشاكل أية عاملة إلا بعد انقضاء فترة التجربة الثلاثة أشهر، لأن المكتب يُعتبر غير مسؤول إذا تجاوز تلك المدة بيوم واحد! خطوة تصحيحية ننتظرها من وزارة العمل في هذا الموضوع الاجتماعي المهم جداً، و نتمى ألا يطول انتظارنا!، فموضوع العمالة المنزلية هاجس وهم، للعديد من الأسر، فمتى نرى الحل النهائي؟! نأمل أن يكون قريباً.