في القراءة ماذا يحدث داخل عقلك حين تقرأ؟ لا أظن أن هذا السؤال يخطر على بالك لو كنت مثلي تتابع بعينيك عناوين الكتب الموجودة على أرفف المكتبات، أو في فهرس القارئ الرقمي مفتشاً عن ما يجذبك ما يسحرك ما ينقلك بعيداً عن رتابة الواقع وروتين الحياة تبحث عن متعة تذوق الكلمات وتأمل الأحداث وقراءة الشخصيات، تبحث عن الفكرة والفكرة المضادة عن المعلومة عن ما تعرفه عن ما كنت تظن أنك تعرفه. تقف صغيراً أمام كل الكلمات المكتوبة وكل الأفكار المطروحة، تمثل لك الكلمة أروع صور الفن وأرقى صور التواصل. لكن ماذا يحدث داخل عقلك حين تقرأ؟ من اللحظة التي تمسك فيها مثلاً برواية لتقلب الصفحات بهدوء الملول ثم تسحرك الأحداث وتنومك الشخصيات مغناطيسياً فتسرع في تقليب الصفحات وحين تنتهي منها تتمنى لو أنك بقيت بين هذه الصفحات ولم تغادرها قط. وماذا يحدث أيضاً داخل عقلك؛ حين تمسك بورقة بحثية مثلاً أو كتاب في مجال تخصصك مطلوب منك قراءته؟ أو حين تتحول قراءتك للرواية من قراءة عادية إلى قراءة نقدية لا قراءة استكشافية؟ هل تتغير حالة عقلك بمجرد تغير سبب القراءة؟ هل ينشط جزء مختلف من الدماغ حين نقرأ للمتعة أو حين تكون القراءة جزءاً من عملنا؟ هل نستخدم نفس المسارات العصبية والحيوية في التعرف على المعلومة والتعامل معها؟ هل تتغير نشاطاتنا الدماغية بمجرد تغير الهدف من القراءة؟ أسئلة كثيرة لا تخطر على بالنا لكن العلماء يطرحونها ويحاولون الإجابة عليها من خلال تجارب علمية مختلفة تستكشف الدماغ، وطريقة التفكير، وانتقائية التعامل مع المعلومة، واختيارية المسار الحيوي للتعامل مع مهمة القراءة التي قد تكون للمتعة أو تمضية الوقت أو جزء من عملك اليومي ومادور القراءة في إبقاء الدماغ متحفزاً نشطاً ليحاول قدر المستطاع مقاومة تأثير الشيخوخة والتغيرات في الذاكرة التي تصاحب تقدم العمر؟. أسئلة كثيرة من خلالها نحاول أن نفهم ما يجري داخل عقولنا وكيف تتفاعل مع ما حولها من معطيات ومحفزات.