في زمن مضى وقبل أن يخترع التليفزيون وربما الراديو، كان سامر الحيّ في ليالي رمضان، وخاصة في القاهرة هو الحكواتي (أو الحكواتية) الذي كان يطوف في المقاهي ويلقي على مسامع جلسائها الحكايات الشعبية كألف ليلة وليلة والزير سالم وأبي زيد الهلالي، وألف ليلة وليلة بالذات تعتبر أعظم كتاب في الأدب الشعبي، ونحن العرب مع الأسف لم نكتشف عظمته إلاّ بعد أن اكتشفها الغرب وترجمت له عدة ترجمات، ففي اللغة الانجليزية تعتبر ترجمة ريتشارد بيرتون أشهر ترجمة، أما في الفرنسية فكانت أول ترجمة لجالان عن طبعة سورية، وقد بدأ في ترجمتها في عام 1704، وتؤكد الدكتورة سهير القلماوي (التي كانت رسالتها للدكتوراة عن ألف ليلة وليلة) أنّ جالان ترجم قبل ذلك قصص سندباد، ثمّ ظهرت بعد ذلك عدة ترجمات فرنسية لماردروس ورينيه خوام وجمال الدين ابن شيخ بالاشتراك مع اندريه ميكيل، وكان لألف ليلة وليلة فضل كبير في ولادة الرواية الأوروبية، ومما يدلّ على ذلك أنّ جوتة كان في طليعة الغربيين الذين اهتموا بحكاياتها وتأثر بها عندما ألّف «كتاب الساقي» و«كتاب الشرف» و«كتاب المغني» كما تأثر بها رواد الواقعية السحرية في أميركا اللاتينية وبالذات بورخيس وجابرييل جارثيا ماركيز، وفي اليابان تأثر بها هاروكي موراكامي وهو كاتب فانتازياي وفي إحدى رواياته يتحدث عن رجل يكلم القطط ويصاحبها، وقد قال عن ألف ليلة وليلة أنّ شخصياتها أكثر واقعية من الأشخاص الحقيقيين الذين يتخبطون في الحياة، وقد قمت بترجمة كتاب عن أنثوية شهرزاد لباحثة فرنسية، وأنا واحد من أشدّ المعجبين بهذا الكتاب العظيم..