رئيس مجلس الشورى يهنئ القيادة بمناسبة إقرار الميزانية العامة للدولة    المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع يختتم فعاليات نسخته الثالثة بالرياض    خروقات في اليوم الأول ل«هدنة لبنان»    "الطيران المدني" تُعلن التصريح ببدء تشغيل الخطوط الجوية الفرنسية Transavia France برحلات منتظمة بين المملكة وفرنسا    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    التدريب التقني تمنح 63 رخصة تدريب لمنشآت جديدة في أكتوبر الماضي    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    مبدعون.. مبتكرون    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    هؤلاء هم المرجفون    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير اقتصادي حديث يتوقع فائضاً في ميزانية الدولة هذا العام يتجاوز ال191 بليون ريال
بسبب ارتفاع أسعار النفط.. و157 بليون دولار الايرادات المتوقعة من الصادرات النفطية
نشر في الرياض يوم 31 - 07 - 2005

توقع تقرير اقتصادي حديث ان يسجل الاقتصاد السعودي خلال هذا العام 2005م أفضل أداء في تاريخه على الاطلاق، حيث من المتوقع ان يسجل الناتج الاجمالي نمواً يبلغ 26٪ حسب المعيار الاسمي في ظل أوضاع يكاد التضخم ينعدم فيها.
وأفاد تقرير حديث اصدرته مجموعة سامبا المالية السعودية أمس عن الاقتصاد السعودي عند منتصف العام 2005م ان الايرادات النفطية والفائض في ميزانية الدولة الفائض في ميزان الحساب الجاري ستسجل جميعها مستويات مرتفعة بصورة غير مسبوقة نتيجة الارتفاع الاستثنائي في اسعار النفط وفي مستويات الانتاج، مشيراً إلى ان التوقعات توحي أن مجموعة العوامل المتفاعلة سواء كانت نفطية أو سواها بأن هذه الطفرة ما هي إلا بداية وبأنها ستدوم لفترة طويلة وذلك بسبب ان اسعار النفط المرتفعة لا تحركها أزمة في السوق بل نمو فعلي في الطلب وشح في الامدادات العالمية والتي من المرجح ان تستمر لسنوات تعود بالفائدة على السعودية على وجه الخصوص اضافة إلى توسع البنوك السعودية في عمليات الاقراض إلى الأفراد والشركات بحوالي 75٪ من اجمالي النمو في القاعدة النقدية بالمملكة.
وتوقع الخبراء في الدائرة الاقتصادية بمجموعة سامبا ان تبلغ ايرادات الصادرات النفطية 157 بليون دولار مرتفعة بمعدل 48 بالمائة فوق ايرادات عام 2004 البالغة 106 بلايين دولار والتي جاءت مرتفعة في حد ذاتها.
وأن يبلغ الفائض في ميزان الحساب الجاري 96 بليون دولار أو ما يعادل 30 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي مسجلاً بذلك سبعة أعوام متتالية من الفائض، وسيسجل فائض في ميزانية الدولة يبلغ 191 بليون ريال وذلك بعد تخطي مستوى الإنفاق في الميزانية بمعدل 20 بالمائة اضافة إلى نمو في الموجودات الأجنبية لدى البنك المركزي بمبلغ 47 بليون دولار لترتفع الموجودات بذلك إلى 135 بليون دولار بنهاية العام 2005. ويعني هذا التحسن في أوضاع الموجودات الأجنبية لدى البنك المركزي غياب الضغط لفك الربط في سعر الصرف في المستقبل المنظور.
أما ما يخص الدين الحكومي سوف يمثل 51 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي منخفضاً من أعلى مستوى له عند معدل 119 بالمائة سجله منذ 6 سنوات. لكن يظل الدين برمته محلياً ومقوماً بالريال وتمسك 75 بالمائة منه جهات حكومية، أي ان أوضاع مديونية الدولة تعتبر الآن جيدة.
ورجح التقرير ان ينمو الناتج الاجمالي الفعلي بواقع 6,5 بالمائة عاكساً ارتفاعاً في انتاجية كل من قطاعي البترول والأعمال بلغ 7 بالمائة ونمواً أقل في القطاع الحكومي دون مستوى 4 بالمائة.
واستندت توقعات الخبراء على اعتقاد ان سعر الخام السعودي سيبلغ 45 دولاراً في المتوسط هذا العام، أي ما يعادل 51 دولاراً للبرميل من خام تكساس القياسي، كما توقع ان يبلغ متوسط انتاج السعودية من النفط الخام 9,6 ملايين برميل في اليوم.
وحول متوسط أسعار النفط هذا العام توقع التقرير ان يبلغ متوسط الأسعار هذا العام 51 دولاراً للبرميل. وكنا قد توقعنا أيضاً ان ينتج عن تراجع الطلب تراجع في الانتاج السعودي مما يؤدي لخفض المملكة لانتاجها دون مستويات عام 2004 البالغة 9 ملايين برميل/ يوم في المتوسط. لكن وعلى النقيض من ذلك نتوقع الآن ان يبلغ الانتاج السعودي حوالي 9,6 ملايين برميل/ يوم في المتوسط.
أما قوة أسعار النفط الحالية فمردها إلى النمو المرتفع في الطلب عليه وليست إلى شح الامدادات منه. ويتناقض ذلك مع أسباب ارتفاع أسعار النفط السابقة (في السبعينات والتسعينات وفي عام 2003) التي حركتها أزمات نتجت عن قصور في الامدادات. وقد عُزِي ارتفاع الأسعار في بادئ الأمر عندما اتخذت اتجاهاً صعودياً متواصلاً في أوائل عام 2004 خارج النطاق السعري الأعلى المستهدف من قبل منظمة الأوبك والبالغ 28 دولاراً للبرميل. عزي إلى المخاوف من نقص الامدادات من عدد من البقع الساخنة مثل العراق وفنزويلا ونيجيريا وروسيا. لكن نجد اليوم أن معظم تلك المخاوف الجيوسياسية قد خفتت حدتها وتحول التركيز إلى النمو في الطلب.
وأبان التقرير ان منتجي النفط يجتهدون في الوقت الراهن في تزويد السوق بأكبر قدر من الامدادات من أجل استيفاء الطلب، وتعمل صناعة النفط العالمية عند مستويات لن تسمح لها إلا بقدر محدود من المرونة لمجابهة أي قصور في الامدادات إذا جد مثل ذلك الظرف ، وتظل السعودية المنتج الوحيد الذي يحتفظ بطاقة انتاجية احتياطية يركن إليها تبلغ حالياً 1,4 مليون برميل/ يوم وذلك عند مستوى انتاجها الحالي البالغ 9,6 ملايين برميل. يوم مقارنة بالطاقة الانتاجية القصوى لها البالغ 11 مليون برميل/ يوم.
وأشار التقرير ان السعودية ومنظمة الأوبك لم تعلن بصورة عامة سعرا مستهدفا للنفط حالياً. وقد تخلت المنظمة عن النطاق السعري المستهدف البالغ 22 - 28 دولاراً/ برميل في يناير هذا العام. ومن ضمن الاعتبارات الأساسية للسعودية في هذا الصدد اثر ارتفاع الأسعار على النمو الاقتصادي العالمي. وكما ذكرنا أعلاه، فإن الخطر الرئيسي لأسعار النفط المرتفعة يتمثل في التسبب في تباطؤ النمو في الولايات المتحدة والصين وعند مستوى 60 دولاراً للبرميل يبدو ان هناك بعض العلامات المبكرة وارتفاع شعبية السيارات الهجين مرتفعة الكفاءة في استهلاك الوقود. لكن ليس هناك من دليل بعد أن الأسعار الحالية تسببت في تباطؤ اقتصادي أشمل رغم ان احدى مؤسسات التحليل الرئيسية قد خفضت من تقديراتها للناتج الاجمالي الأمريكي بواقع0,25نقطةمئوية هذا العام بسبب ارتفاع أسعار النفط على وجه التحديد.
وقدر ان السعودية ومنظمة الأوبك سوف تتدخلان لحماية حد أدنى لأسعار النفط عند حوالي 40 دولاراً للبرميل إذا ما قدر ان تنحدر الأسعار، وان النطاق السعري 40 - 50 دولاراً للبرميل لن يتسبب في آثار سلبية في معدلات نمو النواتج الاجمالية العالمية في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية السائدة.
أما أهم التداعيات للسعودية فهي ترجيح استمرار الأوضاع القوية للايرادات النفطية وذلك في تقديرنا أحد العوامل الأساسية التي بنينا عليها رأينا بأن الطفرة الحالية في الاقتصاد السعودي ستكون مستدامة لسنوات عديدة.
وقال ان المملكة قبضت عام 2004 ما قيمته 106 بلايين دولار من عوائد صادرات النفط نتيجة تضافر عاملي الأسعار والانتاج المرتفعين. ما شكل أعلى مستوى انتاج لها على مر التاريخ وأعلى كثيراً من متوسط الأعوام الخمسة السابقة البالغ 69 بليون دولار. ونتوقع ان تبلغ عوائد صادرات النفط 157 بليون دولار في عام 2005 وذلك عند متوسط سعري يبلغ 45 دولاراً للبرميل من الخام السعودي ومتوسط سنوي للانتاج يبلغ 9,6 ملايين برميل. يوم.
وحول الاقتصاد الكلي توقع التقرير نمواً اسمياً في الناتج الاجمالي قدره 26,1 بالمائة ونمواً فعلياً في الناتج الاجمالي قدره 6,5 بالمائة في عام 2005. وتنبني توقعاتنا هذه على النمو الشامل لكافة أوجه النشاط الاقتصادي السعودي. ونعتقد فيما يتعلق بالنمو الفعلي (الذي يقيس الانتاج وليست الأسعار المدفوعة مقابل ذلك الانتاج). نعتقد ان القطاع الخاص غير النفطي سينمو بنفس وتيرة نمو القطاع النفطي وربما أسرع منه قليلاً بمعدل يفوق 7 بالمائة. لكن نسبة للأسعار الأعلى المدفوعة للنفط هذا العام مقابل العام السابق فسوف يتخطى النمو الاسمي في القطاع النفطي (49 بالمائة) النمو الاسمي في القطاع الخاص غير النفطي بمعدلات مرتفعة (8,9 بالمائة).
ومن شأن الفرق بين الناتج الاجمالي الاسمي البالغ 26,1 بالمائة والناتج الاجمالي الفعلي البالغ 6,5 بالمائة ان يخلق نوعاً من الارتباك حيث لم يشهد الاقتصاد المحلي تضخماً يذكر. أما سبب النمو المرتفع في الناتج الاسمي فهو أسعار النفط العالمية المرتفعة والتي بالطبع تصب في مصلحة الاقتصاد السعودي ولا علاقة لها بالتضخم المحلي. وعند تعديل الناتج الاسمي للتغير في الأسعار للوصول إلى الناتج الفعلي يؤخذ في الاعتبار التضخم المحلي وكذلك التضخم في أسعار الصادرات. ونجد ان السبب في الفرق بين الناتج الاسمي والفعلي يعزى إلى ارتفاع الصادرات السعودية وخصوصاً النفط وبالطبع فإن الاقتصاد السعودي استفاد فعلاً من ارتفاع أسعار الصادرات لذا فإن ارتفاع الناتج الاسمي بمعدل 26 بالمائة يبدو «فعلياً» جداً حيث تتعادل الزيادة في القوة الشرائية مع الزيادة في الناتج الاسمي.
وبعبارة بسيطة نعتقد ان معدل النمو البالغ 26 بالمائة في الناتج الاجمالي الاسمي بصفته المعيار الأشمل لقياس النمو في الاقتصاد السعودي يعكس بصورة أفضل الأوضاع الحالية مقارنة بالنمو في الناتج الفعلي البالغ 6,5 بالمائة ويعزى ذلك لأسباب واضحة هي ان السعودية تستفيد من ارتفاع أسعار النفط العالمية.
وقال التقرير إن أحد أبرز ملامح الاقتصاد السعودي عام 2005م هو الزيادة الملحوظة في مستوى الاستثمار في الأصول الثابتة مثل الأبنية والآليات والشاحنات. وقد ظلت تلك الاستثمارات كنسبة من الناتج الإجمالي ثابتة نسبياًخلال الفترة 1990 إلى 2004م عند مستوى 18 بالمائة من الناتج الإجمالي، بينما بلغ متوسط النمو في الناتج الإجمالي 1 بالمائة فقط خلال حقبة التسعينات.
وقد تزامن النمو المنخفض خلال حقبة التسعينات مع تدني مستوى استثمارات الشركات، أو ما يعرف بصورة عامة ب«هيكل الاستثمارات الرأسمالية». إضافة، اتصفت تلك الاستثمارات بنوع من التورم، أي أنها تركزت في قطاعات قليلة (الحكومة والتبروكيمائيات في بعض السنوات).
وأفاد أنه يتعين أن تجتهد السعودية لتحقيق نسبة استثمارات تبلغ 25 بالمائة من الناتج الإجمالي. ومن شأن هذه الاستثمارات أن تمهد الطريق للنمو في المستقبل، حيث إن نسبة 18 بالمائة من الناتج الإجمالي خلال حقبة التسعينات كانت أقل كثيراً من أن تستحث النمو. ويوضح التاريخ أن الدول التي تمتعت بفترات طويلة من النمو الاقتصادي المرتفع خصوصاً الدول النامية التي تسعى للحاق بالركب تراوحت معدلات استثماراتها من الناتج الإجمالي بين 25 - 50 بالمائة، وتشمل الأمثلة على ذلك الولايات المتحدة خلال فترة الثورة الصناعية فيها (أوائل القرن العشرين) واليابان وألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية، والنمور الآسيوية (سنغافورة وماليزيا وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية، الخ) وذلك خلال حقبة الثمانينات من القرن الاضي، والصين حالياً.
وفي حالة الصين حيث تراوح نسبة الاستثمارات الرأسمالية بين 40 - 50 بالمائة من الناتج الإجمالي هناك قلق من أن الإفراط في الاستثمارات قد أصبح غير كفؤ ومهلهل وسوف يؤدي لظهور طاقة إنتاجية فائضة كبيرة في بعض الصناعات وفي المساكن، إلخ، لذا فإن الاستثمار غير المحدود أو المرتفع غير صحي بنفس القدر. ويبدو أن الاستثمارات بعد وصولها إلى مستوى 40 - 50 بالمائة تبدأ في الانفلات، لذا نعتقد أن 25 بالمائة من الناتج الإجمالي تمثل حداً مناسباً لدعم نمو قوي في السعودية لكنه قابل للسيطرة عليه في نفس الوقت.
وأفاد التقرير عن ارتفاع في عدد المشروعات العملاقة التي بدأ العمل فيها في السعودية بصورة حادة. خصوصاً في مجال البتروكيميائيات. وللتدليل على درجة الالتزام بتنفيذ هذه المشاريع أعلن وزير البترول في أواخر العام الماضي أن شركة أرامكو قد وافقت على توفير المواد للقيم (الغاز الطبيعي لاستخدام مصانع البتروكيميائيات والطاقة الكهربائية على سبيل المثال) لأربعة وعشرين مشروعاً تبلغ استثماراتها 40 بليون دولار سوف تبدأ العمل بين عامي 2006 و2010م، وباعتبار الأطر الزمنية الطويلة للأعمال الهندسية وأعمال البناء لهذه المشاريع يبدو أن مستويات الاستثمار العالية في المشاريع العملاقة في السعودية ستستمر لسنوات عديدة.
ونود التطرق هنا إلى مصادر الاستثمارات هل هي محلية أم أجنبية (أجنبية مباشرة). في رأينا السعودية، خلاف العديد من الدول الأخرى، ليست في حاجة ماسة إلى الاستثمارات الأجنبية وذلك لسببين هامين: 1) أنها لا تحتاج إلى الاستثمارات الأجنبية كمصدر للعملة الأجنبية لتمويل الواردات، حيث إن حجم صادرات المملكة يعادل ثلاثة أضعاف وارداتها السلعية لذا فإن العملة الأجنبية لتمويل الواردات متوفرة لديها وبكثرة. 2) السيولة والمدخرات اللازمة لتمويل الاستثمارات في الاقتصاد المحلي يوجدان بكميات وفيرة، أي أن المملكة لا تعاني من شح في مصادر التمويل.
رغم ذلك، هناك مزايا عديدة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبما أن الأموال الأجنبية «لا تحتاج إلى جواز سفر» فإن درجة تدفقها إلى المملكة تعتبر مقياساً على القدرة التنافسية لها على المستوى العالمي. لذا فإن في مقدرة قطاع معين على جذب الاستثمارات الأجنبية وفشل قطاع آخر في ذلك إشارة من سوق التمويل للمملكة على مدى جاذبية قطاعاتها المختلفة. إضافة أن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة يشجع على رفع مستوى الاستثمارات المحلية ويساعد في نقل وانتشار التكنولوجيا المتطورة.
وعن الصادرات النفطية توقع التقرير أن تبلغ الصادرات النفطية إلى 157 بليون دولار عام 2005، ونتوقع كذلك للصادرات الأخرى، وأهمها البتروكيميائيات ثم السلع المصنعة والمنتجات المعدنية ومواد البناء أن ترتفع قيمتها من 16 بليون دولار عام 2004 إلى 17,5 بليون دولار عام 2005 بحيث يبلغ إجمالي الصادرات السلعية حوالي 175 بليون دولار.
وفي المقابل نرجح أن ترتفع قيمة الواردات ب12 بالمائة خلال عام 2005 لتصل 45 بليون دولار، تعزى إلى الأسباب التالية:
٭ تعكف المملكة على إنشاء عدد من المشاريع التوسعية ذات العلاقة بالنفط سوف تستخدم إمدادات أجنبية.
٭ بصورة عامة، قطاع الأعمال يستثمر بمستويات أعلى مقارنة بالأعوام الأخيرة لذا سوف يتم استيراد آليات ومعدات وماكينات إضافية.
٭ سترتفع القوة الشرائية وستفتح شهية المستهلكين الأفراد لمختلف السلع الاستهلاكية المستوردة.
وحول ميزانية الدولة قال التقرير: إن المجموعة لا يساورها شك في منتصف العام بأن الأداء المالي سوف يأتي قوياً لعام 2005 بأكمله. وكما أشرنا سابقاً، نتوقع أن تبلغ ايرادات النفط للمملكة هذا العام 157 بليون دولار. وكانت الحكومة قد وضعت تقديرات الميزانية لعام 2005م على اساس افتراض سعر البرميل لنفط يبلغ 25,50 دولاراً في المتوسط حسب تقديرات سامبا، باعتبار تراجع أسعار النفط في نهاية عام 2004م ما يعني الحاجة إلى 63 بليون دولار من الايرادات النفطية لاستيفاء متطلبات الميزانية، ولكن المتوسط السعري الفعلي للنفط السعودي بلغ 44 دولاراً للبرميل حتى الآن هذا العام ويبدو أنه سوف يرتفع أكثر لبقية العام. وحتى لو افترضنا احتمال أن يتعدى الانفاق الفعلي مقررات الميزانية بواقع 20 بالمائة نتوقع تحقيق فائض في الميزانية لعام 2005م يبلغ 191 بليون ريال.
وقد وضعت الميزانية تقديرات الدخل والانفاق عند مستوى 280 بليون ريال سعودي لتحقيق موازنة متعادلة، لكن نتوقع أن يبلغ الإنفاق الإجمالي الفعلي 336 بليون ريال، مما يتمشى مع نمط الانفاق تاريخياً دون أن يعني ذلك التخلي عن سياسة الانضباط المالي. والإنفاق عند مستوى 336 بليون ريال يمثل زيادة تبلغ 14 بالمائة فوق الإنفاق الفعلي لعام 2004، مما يضع المملكة في موقف مالي يتصف بأنه محفز للاقتصاد بصورة معتدلة.
ولا يبدو أن الانفاق الحكومي يتعدى هذه الحدود رغم إيراداتها النفطية الضخمة وغير المتوقعة. وتشير البيانات بوضوح إلى أن فائض ايرادات النفط يتم تجميعه ضمن بند الموجودات الأجنبية لدى البنك المركزي (مؤسسة النقد العربي السعودي - ساما) ولم يتم ضخه في الاقتصاد المحلي. وقد ارتفعت الموجودات الاجنبية لدى ساما حتى مايو 2005 (آخر البيانات المتوفرة) مبلغ 22 بليون، أي بمتوسط قدره 4 بلايين دولار في الشهر لتبلغ 109,5 بليون دولار بنهاية شهر مايو. ونعتقد أن نمو الموجودات الأجنبية لدى ساما سيأتي تقريباً متمشياً مع حجم الفائض في الميزانية أي حوالي 50 بليون دولار في عام 2005. وتدعم وتيرة نمو هذه الموجودات حتى نهاية شهر مايو هذا الرأي.
وأشار التقرير إلى نقطة أساسية تناقض مع المنطق وهي أن النمو في السيولة في الاقتصاد السعودي عامي 2004 و2005 لم تكن له علاقة تذكر بالنفط. وأن الآثار الإيجابية جداً للنفط ستنعكس لاحقاً في عام 2006 والأعوام التالية.
لن يضمن وضع ميزانية عام 2006 على أساس افتراض أسعار أعلى للنفط أن الإنفاق سوف يرتفع بنفس القدر، لكننا نعتقد أن ميزانية عام 2006 سوف تكون محفزة للاقتصاد بدرجة أكبر من ميزانية عام 2005. وسوف يتأتى ذلك من أن أثر ايرادات النفط في عام 2004 و2005 سوف ينعكس على الاقتصاد المحلي بصورة أكبر في عام 2006. وحتى الآن وكما تطرقنا سابقاً، فإن الزيادة في الانفاق الرأسمالي بواسطة ارامكو تلعب الدور الطليعي في تدفق الايرادات النفطية العالية في الاقتصاد المحلي. لكن نعتقد ان العام 2006 سيشهد الأثر الحقيقي والبداية الفعلية للانفاق الحكومي المرتفع من إيرادات النفط الحالية على الاقتصاد المحلي.
وحسب تقديرنا سيبلغ الدين الحكومي 604 بلايين ريال بنهاية عام 2005 أي ما يعادل 51 بالمائة من الناتج الاجمالي. قد استقرت مستويات الدين منذ عام 1998 وشرعت في التناقص على مدى العامين السابقين. وكان العامل الرئيسي في تناقص معدل الدَّين إلى الناتج الإجمالي هو النمو القوي في الناتج الإجمالي ذاته.
وتراجع جزء من الدَّين الحكومي متمثلاً في سندات الحكومة لدى البنوك التجارية بواقع 6,4 بلايين ريال حتى الآن هذا العام (حتى نهاية مايو) ليبلغ 140 بليون ريال، أي ما يعادل 23 بالمائة من إجمالي الدين الحكومي. أما معظم بقية الدين فيخص صندوق معاشات التقاعد الحكومي. وبناء على البيانات التي تنشرها البنوك التجارية من الواضح أن الحكومة لم تعد تصدر ديوناً بنفس القدر الذي تسددها به كما لم تلجأ إلى سداد ديونها في السندات المعلقة قبل حلول آجالها.
وحول سوق الأسهم السعودي ذكر التقرير أنه الآن بأكثر من عشرة أضعاف قيمته منذ انطلاق دورة الصعود الحالية في مارس 1999 عندما سجل المؤشر 1327 نقطة حينذاك. وقد بلغت القيمة الإجمالية لرأسمال السوق بحلول منتصف هذا العام 1,941 بليون ريال (518 بليون دولار) أي ما يعادل 210 بالمائة من الناتج الإجمالي الإسمي لعام 2004، وما يعادل 164 بالمائة من الناتج الإجمالي الاسمي للعام الجاري 2005 حسب تقديرات سامبا. وتتركز ما يعادل 54 بالمائة تقريباً من قيمة السوق في ثلاثة شركات هي: شركة الصناعات الأساسية (سابك) وشركة الاتصالات السعودية وشركة الكهرباء السعودية.
واختتم التقرير بالقول: إن الأوضاع الاقتصادية في المملكة تعتبر قوية على كافة الأصعدة، فالنمو يزدهر بمعدلات متسارعة، والأوضاع المالية للدولة صلبة وتمضي نحو الأفضل، ويتمتع الاقتصاد بدرجة عالية من السيولة في ظل غياب التضخم، والاستثمارات الرأسمالية بواسطة الشركات جيدة. وكذلك مستويات الانفاق الاستهلاكي، أما أسعار النفط وصلت إلى أعلى مستوياتها تاريخياً. ويعكس كل ما تقدم تغيرات هيكلية جذرية نحو الأفضل مما يزودنا بالثقة بأن الطفرة هذه المرة ستكون مستدامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.