ما هو الأثر التربوي الديني الذي تتركه برامج الأطفال في التلفزيون على هؤلاء الأطفال؟ هذا هو السؤال من احدى الدراسات التربوية التي نوقشت في اللقاء الثاني لمشروع الشراكة التربوية الإعلامية تحت اشراف وزارة التربية والتعليم وعقد في مكةالمكرمة في الفترة من 24 - 25/3/1426ه. ومن الدراسات الميدانية التي ناقشها الدكتور أحمد عبدالكريم غنوم اتضحت الآثار الخطيرة التي تتركها هذه البرامج في نفوس هؤلاء الأطفال وفي تشكيل سلوكياتهم.. وبما أن مجتمعنا من المجتمعات المسلمة الذي يحرص على تنشئة أطفاله في إطار مجموعة من القيم والمبادئ الإسلامية، لأنها تشكل سياجاً حافظاً لأفراد المجتمع. وما يقدم في برامجنا يحافظ على هذا النسق ولكن برامج التلفزيون الأخرى لها تأثير على صياغة ذهنية وسلوكيات هؤلاء الأطفال، خصوصاً انها انتجت في مجتمعات مختلفة جذرياً عن مجتمعنا، فالقيم التي حملتها إلى أطفالنا كانت مختلفة تماماً عما لدينا فإن تأثيرها يكون عميقاً وخصوصاً ان إحدى الباحثات ذكرت ان قيم البرامج التلفزيونية ركام هائل من الغث يختلط به القليل من السمين جنباً إلى جنب دون مغزى أو هوية. إذ تتوالى الإعلانات والأغاني والتمثيليات والصور والمناظر غير الأخلاقية وبخاصة إعلانات الأفلام والمسرحيات وكل هذا في تتابع بشكل رخيص ومبتذل وفي الوقت نفسه هناك البرامج الدينية والأحاديث النبوية والبرامج التربوية الهادفة، فتصبح المحصلة طمس الحقير العظيم، ويطغى المعنى الهابط التافه على المعنى السامي القدسي، وحيث يرتفع الركام في شكل أكوام دون تمييز. وكما ذكر في الدراسة أنه من أكثر المواقف تناقضاً أن تكون البرامج والحلقات الخاصة المقدمة للأطفال تكون بطلتها راقصة أو ممثلة تأتي بكامل بهرجها وتميّعها وزينتها لتعلم الأطفال القيم والأخلاق وبطريقة راقصة.. كما أن هناك مشكلة أخرى وهي الأفلام أو الرسوم المتحركة التي تجذب الأطفال بشكل كبير جداً حيث إنها تعرض يومياً ولأنها عبارة عن أفلام كارتون فهي تعتمد على الخيال الجامح المخالف لسنّة الحياة والواقع الكوني.. وكما يذكر د.فاروق الدسوقي أن من سلبيات هذه الأفلام أنها خالية تماماً من القيم الإسلامية والتقاليد العربية وذكر عدداً من الأمثلة على تلك الأفلام التي توحي للأطفال بإيحاءات خطيرة وخصوصاً فيما يتعلق بالعقيدة وثقافة الإسلام مثل المسلسل الكرتوني (God Zela) الإله زيلا (لا إله إلا الله) ذلك الذي تستدعيه الأسرة البشرية لانقاذها من وحش خطير يعترض حياتها فيأتي لينقذها. وخطورة هذا الفيلم انه لم يفهمه الطفل المسلم العربي بسبب اللغة عن طريق الحوار إلا أن الأحداث والمشاهد تترك بصماتها في نفسه مما يشكل خطراً على فطرته الموحدة. كذلك في مسلسلات حروب الفضاء التي تقوم على افتراض وجود أعداء للبشر في كواكب أخرى يهددون الأرض وهذا افتراض مخالف للواقع الكوني الذي اخبرنا به الله عز وجل.. ولم يأت في القرآن الكريم ولا في السنّة خبر عن مخلوقات فضائية يمكن أن تغزو الأرض وتهلك الإنسان.. كما أن قصر وحصر القيم والأهداف والمفاهيم الإسلامية في البرامج التاريخية وإن كان له ايجابيات متمثلة في تعريف المسلمين بأمجاد أسلافهم إلا أن له سلبيات خطيرة: إذ يرسخ هذا في نفوسهم معنى خطيراً وهو أن الإسلام كان لزمن مضى وليس صالحاً لهذا العصر.. ٭٭ وتوضح الدراسة أهمية البرامج التلفزيونية الجيدة التي توجد حالة من الدافعية في حياة الأطفال توجه وتشحذ القدرة على القراءة عندهم وتستثير الشغف والاهتمام والحماسة لديهم.. فالبرامج التي تجذبهم من أفلام مسلية وعلمية من عالم الحيوان والطبيعة والأسماك والطيور والنباتات مما يجذب انتباههم ويشدهم إلى ذلك الجهاز الذي يسهم في زيادة حصيلتهم ونموهم اللغوي والعقلي والنفسي والفني وإظهار مهاراتهم الإبداعية.. ٭٭ أما ما ذكرته الباحثة سعدية بهادر عن تأثير جهاز التلفزيون في تغذية حواس الطفل السمعية والبصرية والنطقية وفي إثراء الخبرات العلمية لديه فوجدت بعد دراسة ميدانية علمية أن الطفل يتلقى معلومات عبر حواسه بدرجات ونسب مختلفة وأنه يتذكرها بالنسب الآتية: - 10٪ مما يقرأه الطفل من معلومات وأفكار وقصص وأخبار. - 20٪ مما يسمعه من حوار وحكايات وقصص ومعلومات. - 30٪ مما يشاهده من مواقف ومشاهد وقصص وحوادث ومعلومات. - 50٪ مما يشاهده ويسمعه في الوقت نفسه من مشاهد وقصص وحوادث ومعلومات وأخبار عن طريق التلفزيون. - 70٪ مما يردّ به أو يقوله أو يعرفه للآخرين من معلومات وقصص وحوادث. - 90٪ مما يردّ أو يشرحه اثناء أدائه لعمل معين.. هذه النسب مهمة ومؤثرة ومهم استثمارها في جميع ما يعود بالنفع على شخصية هذا الطفل. (يتبع)