يجب أن يدرك المسئولون في وزارة العدل أن صلاح القضاء وصلاح العدل والقضاة هو صلاح لكل أجهزة الدولة وهو صلاح للمجتمع ككل.. ليس هذا في بلادنا فقط بل ذلك في كل دول وشعوب العالم.. وهذه حقيقة عرفها التاريخ منذ القدم.. وادرتكها كل الخلافات في انحاء المعمورة!! هيبة القضاء واحترامه.. مستمدة من صلاحه ومن عدالته ومن نزاهته.. كأنظمة وكأحكام قضائية وقضاة.. ومن غير تلك العدالة وتلك النزاهة فمن المؤكد أن ذلك سينعكس سلباً على هيبة القضاء وعلى احترامه من كافة شرائح المجتمع والعكس صحيح.. ومن الطبيعي أن ذلك سينعكس تلقائياً ايضاً على كل الأنظمة وعلى كل مؤسسات الدولة الرسمية وحتى على أفراد المجتمع!! القضاء.. كيف.. ومتى.. يتطور.. سؤال يتردد بكل عفوية وبكل تلقائية على ألسنة الناس وخصوصاً أكثر من يضطر إلى مراجعة كافة الدوائر الشرعية كطالب حق.. وكباحث عن عدالة.. وليس العكس لأن من يبحث عن الحق والعدل والإنصاف هو المتضرر الأكبر.. وهو الضحية الأولى من بعض حالات "بطء" الإجراءات وبرودة التعامل وتأخير مواعيد الجلسات وتعددها إلى مدة زمنية قد تصل إلى سنوات!! وهذا البطء والتأخير والإطالة أصبحت ظاهرة طبيعية لبعض القضايا وفي بعض المحاكم!! القضاء في بلادنا ولله الحمد يسير الآن في مؤشرات إيجابية من حيث الأحكام.. وبدأ يسير في (طريق طويل) نحو التطوير والتحديث ووزارة العدل ووزير العدل لديهم في الوقت الراهن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لتطوير مرافق القضاء وهو المشروع المنتظر الذي يؤمل فيه كل الناس القضاء على كل مشاكل التأخير والإطالة في المواعيد وهي ظاهرة أدركها "المشتكي عليه" واستفاد منها كثيراً من المحامين للمشتكى عليهم ببراعة المواعيد.. هي معضلة القضاء والمحاكم الأولى التي يعاني منها المراجع.. والمشكلة الآن أصبحت معلومة ومعروفة وواضح جداً أن أسبابها تكمن بالدرجة الأولى في قلة عدد القضاة، وذلك بسبب محدودية مخرجات القضاة، وبسبب تسرب الكثير من القضاة سنوياً إلى مهام أخرى داخل أروقة القضاء أو إلى خارج القضاء!! إن نحن فعلاً أدركنا هذه الأسباب فإن الحلول سهلة وذلك من خلال عدة بدائل أهمها توسيع مخرجات القضاة وزيادة أعداد الكليات الشرعية. أيضاً من المهم رفع الحدود العليا من المزايا المالية والمعنوية للقضاة والذين يباشرون مهام القضاء والعدالة فقط بحيث تكون هذه المزايا من خلال نسب مئوية ترتبط بإعداد القضايا التي تم البت فيها أي من خلال الحكم الصادر.. أيضاً لابد من التفكير في التخفيف من عبء اجهزة العدل لدينا، وذلك من خلال تخليص مرفق العدل من العديد من المهام والكثير من المسؤوليات، ونقلها من من وزارة العدل إلى جهات اختصاص أخرى منها مثلاً إحداث لجان او إدارات مستقلة في البلديات لفض المنازعات العقارية، ولجان او إدارات في وزارة الشؤون الاجتماعية لفض المنازعات الأسرية والاجتماعية، وفي إمارات المناطق والمحافظات لجان او إدارات لفض المنازعات المالية وما إلى ذلك من حلول مماثلة!! مثل ما نراه حالياً في لجنة فض المنازعات المصرفية التابعة لمؤسسة النقد والتي تبت في كل القضايا والخلافات المصرفية المالية، وحققت هذه اللجنة نجاحاً كبيراً جداً بعيداً عن أروقة المحاكم. أيضاً وهو الأهم التفكير الجدي في نقل كتابات العدل المعنية بكافة الأمور العقارية كبيع وشراء وتأجير العقارات، ونقل ملكياتها من وزارة العدل إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية بمشاركة مهندسين وقانونيين في إدارة وعمل مثل هذه المهام مهام توثيق وتصديق واختصاصها العملي أقرب للبلديات أكثر من وزارة العدل لاسيما أن مهام كتابات العدل تستنزف جهود إدارية ووظيفية ومالية ومعنوية من وزارة العدل.. لذلك فإن تولي وزارة الشؤون البلدية هذه المهام من خلال البلديات إجراء معمول به في كثير من دول العالم حيث تتم جمع عقود بيع وشراء وتأجير العقارات من قبل جهات مختصة غير القضائية وسبق أن كتبت عن هذا المقترح في هذه الزاوية بعنوان (إصدار صكوك العقارات) بتاريخ 3/2 /2012م نتأمل في معالي وزير العدل وفي وزارة العدل ككل الإسراع في تنفيذ مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء ميدانياً وفي أروقة المحاكم وفي اختصار مواعيد الجلسات إن تحقق ذلك فهذا التطوير المهم الذي ننشده!!