طالب عدد من مراجعي المحكمة العامة وزير العدل الدكتور محمد العيسى بوضع بعض القوانين التي من شأنها الإسراع في فصل قضاياهم الموجودة بالمحاكم لمدة أعوام ولا يعرفون السبب الحقيقي وراء تأخيرها، وأن يكون هنالك حسم وحزم في تنفيذ الأحكام القضائية وتضييق الخناق على المحكوم عليهم لحفظ حقوقهم من الضياع. وكشف مصدر قضائي مطلع ل«شمس» عن رصد العديد من الملاحظات على أداء بعض القضاة في المحاكم، وتضمنت الضعف في صياغة الأحكام وتأخر البت في إصدارها، وانشغال بعض القضاة بأعباء الإدارة، والتباحث في أوقات الجلسات، وعدم استخدام القضاة للتقنية. وأكد أن ثلث القضايا المعطلة في المحاكم السعودية، تعود أسبابها إلى عدم التزام الخصوم أصحاب العلاقة بالقضايا المنظورة، بحضور سير المحاكمات «هناك عدة أسباب لتعطل القضايا في المحاكم، غير أن عدم التزام الخصوم لطلبات التحضير في المحكمة، يشكل أحد أهم أسباب تعطل القضايا». وأوضح المصدر أن هنالك جهات قضائية وحقوقية تعمل على إعداد دورات لمنسوبيها لتأهيلهم وتثقيفهم بالأنظمة العدلية، من خلال برامج تدريبية مكثفة للتعريف بالنظام القضائي والسرعة في البت في قضايا المواطنين وكيفية التعامل معها، وتعنى البرامج التدريبية بتأهيل منسوبي القطاعات القضائية من المحاكم والدوائر القضائية الأخرى، حيث سيكون له دور كبير في إيضاح أهم اختصاصات التنظيم القضائي الجديد. من جهة أخرى، أرجع رئيس محكمة الاستئناف في القصيم الشيخ عبدالله المحسن، سبب تأخر قضايا المواطنين وبطء الفصل فيها إلى أطراف القضية أنفسهم حيث يعمد الكثير منهم إلى عدم حضور المحاكمات والتخفي، إضافة إلى قلة القضاة في المحاكم، مبينا أن حجم القضايا الهائل التي ترد للمحاكم وتنوعها يحتاج القضاة إلى التمعن ودراستها جيدا قبل إصدار الأحكام عليها. وطالب المحسن بزيادة عدد القضاة ودخول الحاسب الآلي لسرعة الفصل في القضايا الواردة للمحاكم. وحول محكمة الاستئناف في القصيم، قال «من خلال عملنا في المحكمة لا نجد أي تأخير في القضايا الواردة إلينا التي تقدر ب50 قضية في اليوم الواحد، ونحث القضاة في المحكمة دائما على سرعة إنجاز قضايا الناس، إضافة إلى إدخالهم العديد من الدورات التدريبية في كيفية التعامل مع قضايا المواطنين». إلى ذلك، أكد الخبير في الشؤون القضائية المحامي محمد السنيدي، أن معاناة المتقاضين في تأخير البت في قضاياهم تأتي من طرفين، جانب يتعلق بالقضاة، والآخر بالمتقاضين «ما يتعلق بالأخير يكمن في عدم احترامهم لمواعيد المحاكم، وعدم تفعيل نظام التحضير كما ينبغي المتمثل بالمحضرين لدى القضاة، وعدم وضوح عناوين المدعى عليه، وفي الدول المتقدمة إذا لم يحضر الشخص المدعى في أول جلسة يسجن لأن تصرفه يعتبر ازدراء للمحكمة، بالتالي فإن القاضي ليس بيده شيء لأنه محكوم بنظام المرافعات الشرعية». وأوضح أن القضاة لم يتح لهم المجال لتفعيل الحكم الغيابي، مع أن هذا موجود مع لجان شبه القضائية التي تزيد على 80 لجنة قضائية، ومنها لجنة حسم المنازعات الخاصة بالأوراق التجارية واللجان الابتدائية والاستئنافية. وحول الإطالة في مواعيد القضايا، قال السنيدي إن قلة القضاة وضعف وقلة المعاونين لهم من الأسباب الرئيسة وراء الإطالة، مع أن مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء كافي لتفعيل هذه الأمور وتنفيذها. وأشار السنيدي إلى أن بعض القضاة يتردد في إصدار حكمه وذلك لعدم وجود مدونات قضائية أو ما يسمى بالقانون المكتوب كما هو موجود في الدول الأخرى، إضافة إلى أن بعض القضاة يقدم إجازته في وقت توجد لديه الكثير من المواعيد «الأولى أن يكون هنالك توازن بين إجازات القضاة ومواعيد الخصوم، وبعض القضاة يحرصون على تأخير بعض القضايا الأسرية كالطلاق والإرث حرصا منه على المصالحة بين الأقارب وتفادي حزازات الأنفس وهو اجتهاد جيد»، مؤكدا أن تفعيل القضاء المتخصص سيخفف العبء على المحاكم العامة، وكذلك تفعيل المحاكم المرورية والعمالية. في السياق ذاته، طالب عدد من المواطنين التقتهم «شمس» لدى إحدى المحاكم، بأن تكون هناك محاكم متخصصة حسب نوع الدعوى أو القضية أو المطالبة، مبينين أن القضاة ينظرون كافة أنواع القضايا الأمر الذي يجعل الضغط عليهم كثيرا «القاضي الواحد تجده في اليوم ينجز عددا من القضايا الجنائية المدنية والأحوال الشخصية والتجارية، ونحن نعرف أن كثرة المراجعين في المحاكم يؤدي إلى بطء الفصل ولكن على المسؤولين أن يرفعوا من عدد القضاة في تلك الدوائر، لأن قلتهم أدت إلى الوضع الذي نعيشه حاليا». ويروي أحد المراجعين ل«شمس» معاناته مع تأخير قضيته في إحدى المحاكم «لم أكن أتوقع أن يطول الانتظار بسبب معاملتي لأكثر من 30 يوما داخل أروقة المحكمة، وهناك الكثير من المشكلات والملاحظات، حيث إن هنالك الكثير من القضايا لا تستدعي التأخير أو البت فيها، إضافة إلى الروتين وغياب القضاة» .