قال شاعر يشكو فقره :- ولقد قلتُ حين أحجرني البردُ كما تحجر الكلاب ثُعاله في مبيتٍ من الغضارة قفْرٌ ليس فيه إلا النوى والنخاله والغَضارة النّعْمة والسَّعة في العيش. ولاحظتُ أن النخالة مخزون الجياع والمعدومين. وليست الحالة كما هي عليه الآن حيثُ أخذت المادة (النخالة) طريقها إلى موائد الترف، وفترينات صالونات الحلوبات والخبازين ومحلات أطائب الطعام، وأيضا عروض شركات المطاحن والصوامع، فقد أصبحت تزيد حجم ما يُدفع إلى السوق من ( النخالة). النخالة أو الردة هي الطبقة الخارجية الصلبة من الحبوب، ويتكون مشتركاً مع القشرة. ، هي جزء لا يتجزأ من الحبوب الكاملة، وكثيراً ما تنتج كمنتج ثانوي للمطاحن من خلال إنتاج الحبوب المكررة. وعندما تتم إزالة النخالة من الحبوب، تفقد الحبوب جزءاً من قيمتها الغذائية. وراجت النخالة أيام الاحتلال الإنجليزي للخليج والعراق، فكان مقاول تغذية المعسكرات يأخذ تعليمات بجعل النخالة جزءا مُشاهدا من رغيف الخبز. ويُعرف في العراق ب" صمّون جنود"، ويأخذ اللون الأسمر من شكله حيزاً كبيراً. وكانت قيادات المعسكر ترغب في انتظام عملية الهضم لدى الجنود، وقلة الشكاوى من القبض الناتج عن أكل الرز بمفرده. وانتقلت قناعات الناس إلى أن أصبح صمّون الجنود رائجاً، وسوقه والطلب عليه أكبر من سوق الخبز الأبيض. ولم يكن الشاعر الذي قال تلك الأبيات – ربما – عالماً بفائدة تلك " الثروة " الذي قال إنه يختزنها. وربما كانت تصله من باب الإحسان. أو ينالها من تجار علف الحيوان، لأنها أيضاً معتمدة كعلف للأبقار والأغنام والإبل. وفي الشام، من لديه من الطعام بسيطُه يود أن يتفاخر به. لأن موضة زمننا تميل إلى الحمية والبساطة. غنّت صباح في منتصف القرن الميلادي الماضي: تغدّيني جبنه وزيتون وتعشيني بطاطا. وقال أحد أهلنا آنذاك: " زين والله... حنا ما نلقى هالاكل "الناعم".