يعتبر كينيث والتز واحداً من أعظم كتاب العلاقات الدولية وهو الأب الروحي والمؤسس للمدرسة الشهيرة في السياسة والعلاقات الدولية المعروفة باسم (الواقعية الجديدة)كما أن كتابه الشهير (نظرية السياسة الدولية)يعتبر من أهم مراجع السياسة الدولية في العالم ويعتبر أحد أسس تدريس العلاقات الدولية لكل السياسيين والدبلوماسيين في كل الدول. ورغم كل ما قيل ونوقش عن نظريته في السياسة الدولية إلا أنها تبقى النظرية الأكثر تطبيقاً في أرجاء المعمورة! نظرية والتز أو السياسة الواقعية الجديدة تقول بالمختصر(إن النظام العالمي يعتمد على الاناركي) أو الفوضى يعني لا يوجد في العالم قاض أو قوة عادلة ترتب علاقات الدول مع بعضها بل كل دولة تخدم نفسها (سيلف هيلب) للمحافظة على بقائها واستقرارها! للتوضيح يضرب مثال لو دولة اعتدت على أخرى لا يوجد خدمة (911) تتصل بها لمساعدتك! قد يقول قائل والأممالمتحدة ومجلس الأمن؟ الجواب ان النظرية تضع تفسيرا لكل شيء لكن قبل هذا دعنا نفصل قليلاً في النظرية ! هناك ما يسمى (توازن القوى) وهو شيء مهم وحيوي لبقاء الدولة فإذا وجد توازن قوي بينك وبين من حولك فأنت في مأمن إلى حين يختل هذا التوازن!. وينقسم توازن القوى إلى قسمين توازن داخلي ويشمل القوة العسكرية والاقتصادية الخ.. والقسم الآخر التوازن الخارجي وبشمل تحالفاتك مع الدول الأخرى كمثال يجب أن يكون هناك توازٍ وتعاضد بين التوازن الداخلي والخارجي ولا يجب إهمال أحدهما على حساب الآخر فالتوازن الداخلي يشمل بناء قوة عسكرية وبناء اقتصاد قوي وهذا يحتاج إلى شعب ومساحة ديمغرافية ومصادر وثروات طبيعية وإمكانيات وسياسة اقتصادية كفؤة واستقرار سياسي وكفاءة سياسية لقيادة هذه العوامل بتناغم! أما التوازن الخارجي فيكمن ببناء تحالفات ذكية ومتوازنة ولكن بحذر حتى لا تكون عرضة للابتزاز ! القوة العسكرية والاقتصاد يسيران جنباً إلى جنب وإذا اختل أحدهما سقطا معا وكمثال الاتحاد السوفيتي كقوة عسكرية كان يملك أسلحة أكثر من أمريكا لكن أهمل الاقتصاد فسقط سقطة مريعة! كل الدول في حالة حرب خفية لكن يوجد توازن ولكن عندما تضعف ويختل توازن قوى أقرب الدول ستقوم بنهشك ! إن وجود عالم ثنائي القطب أكثر أمناً وأكثر استقرارا من عالم متعدد الأقطاب! وهذا مثبت تاريخياً وأكده وشرحه والتز وللأسف نحن الآن مقبلون على عالم متعدد الأقطاب إذن نسبة الحروب والنزاعات ستكثر مستقبلا!(خبر سيىء أليس كذلك) كمثال الأزمة السورية هناك ضعف أمريكي ووجود عدة أقطاب لذلك كل يبحث عن مصالحه لذلك جمد مجلس الأمن والتوقع انه لو حصلت أزمة دولية جديدة لن يحصل تدخل جدي فهناك الكثير من اللاعبين الذين يريدون الحصول على جزء من الكعكة أو على الأقل رفض التدخل عناداً بقوة أخرى أو حتى الحصول على مكاسب من المتحمسين! العالم حالياً يتجه إلى تجميد دور الأممالمتحدة بسطوع قوى جديدة كروسيا والصين ودول البركس وضعف أمريكا وكل يبحث عن مصالحه التي حتما ستكون متضاربة لذلك الأفضل أن تساعد كل دول نفسها بنفسها. يقول كينيث ان أفضل طريقة لإظهار التوازن والقوة يكمن في شيئين أولاً بناء قوة عسكرية محترمة وثانياً التدخل بشئون الدول! لا تستغرب عزيزي القارئ أن ما يدرس بالعلاقات الدولية عملياً يختلف عما تصرح به الدول(من عدم التدخل..) !يجب أن لا تعزل الدولة نفسها عمن حولها لان أي حريق في بيت جارك قد يمتد إليك فيدك يجب أن تكون في كل مكان ويجب أن تبحث عن مصالحك بقوة وبجرأة (هو شيء متعارف عليه لكن لا يصرح به أحد) لو أتينا إلى دول الخليج وطبقنا النظرية لوجدنا أن دول الخليج اعتمدت سابقاً على نظريتين في علم السياسة (شاين غانغن) وهي النظرية التي بني عليها مجلس التعاون وأيضا طبقت نظرية (باك باسنغ )في علاقتها بأمريكا وعراق صدام وإيران! والآن هاتان النظريتان أصبح تطبيقهما صعباً مع الضعف الأمريكي الحالي ومع عدم وجود عمق استراتيجي لبعض دول الخليج لذلك الأخت الكبرى أخذت زمام المبادرة فنجد تحركات ذكية وحاسمة لإعادة توازن القوى للمنطقة هناك تطوير وتحديث وبناء للقوة العسكرية السعودية بإشراف الأمير سلمان –حفظه الله- وهناك تحرك سياسي حاسم وفعال للخارجية بوجود حكيمها سعود الفيصل والاستخبارات السعودية تبذل جهوداً مميزة تثير الإعجاب بقيادة الصقر البارع بندر بن سلطان وما تساقط شبكات العملاء إلا يسير من كثير من نجاحاتهم! لكن الأهم أن تتكون منظومة عمل متكاملة تتفاعل معها بقية أجهزة الدولة سواء الاقتصادية أو الإعلامية وغيرها فكمثال لا يمكن الجمع بين وزارة خارجية نشطة كأنها قلب ينبض لا يتوقف عن العمل وبين بعض السفارات التي تنام في العسل أو بين سياسة إعلامية توسعية عالمية وبطء حكومي لبعض الجهات! نحن الآن أمام منعطف تاريخي هام يجب أن تتضافر له كل الطاقات! بلدنا وخليجنا محسود والطامعون كثر ينتظرون أي فرصة للنهش والابتزاز لكن ثقتي عالية برجال يجمعون ليلهم مع نهارهم للعمل وحماية هذا البلد فهذه البلد ستكون حمايتها بعد الله بسواعد أبنائها فعالمنا الحالي يعترف بالدول التي تحمي وتساعد نفسها فقط.