التأثير هو المعيار أو المقياس لتقييم القيادة الإدارية وليس ما يصاحب المركز الوظيفي من مسميات ومظاهر. بهذا المعيار فإن مجرد وصول الإنسان إلى مركز وظيفي قيادي لا يعني أنه قادر على التأثير فى الآخرين فالمسمى الوظيفي لا يعطيه هذه القدرة. تبعا لما سبق يفترض ألا نلاحق المسميات الوظيفية والمناصب القيادية لتضيف إلينا شيئاً من القوة وإنما نجعلها هى التي تلاحقنا لما ننجزه وما نملكه من قدرات قيادية من أهمها القدرة على التأثير وإحداث التغيير. قرأت لكم في هذا المجال ما يلي: (كانت لدى الرئيس وودرو ويلسون مديرة منزل وكانت تشتكي باستمرار أنها وزوجها ليس لهما مناصب مهمة بالحياة وذات يوم تقدمت السيدة من الرئيس بعد أن عرفت أن وزير العمل قد استقال وقالت: سيدي الرئيس إن زوجي مناسب جدا لهذه الوظيفة الشاغرة فهو رجل عامل ويعرف معنى العمل ويفهم العمال، أرجوك فكر به عندما تعين وزير العمل الجديد، فأجابها الرئيس ويلسون: أقدر هذه التوصية لكن عليك معرفة أن منصب وزير العمل منصب هام ويحتاج إلى شخص ذى تأثير). (من كتاب قائد ال 360 درجة / تأليف جون سي ماكسويل / مكتبة جرير) القصة السابقة تذكرنا بأن المنصب القيادي ليس جائزة أو هدية وقد تعطي الإنسان منصباً ولكنك لا تستطيع أن تعطيه القدرة على التأثير. الأمر الآخر أن الإنسان يستطيع إحداث التأثير من موقع مسؤوليته مهما كان مستوى هذا الموقع في خريطة العمل أو في الهرم التنظيمي وفي بعض الحالات قد يصل زوج هذه السيدة (بطلة قصتنا اليوم) أو تصل هي الى منصب قيادي بدرجة وزير أو أكثر، وما أكثر التجارب الناجحه فى هذا المجال. ومن جانب آخر ليس على الإنسان أن ينتظر المركز الوظيفي ذي المسؤولية العالية لكي يحدث التأثير ذلك أن فرص التأثير والتغيير موجودة ومتاحة للإنسان الذي لديه الرغبة والقدرة. نعم موجودة في المنزل والمتجر والمصنع والمدرسة والمستشفى وغيرها. ونستطيع القول أيضا إنه ليس هناك ما يمنع وصول زوج هذه السيدة إلى منصب وزير إذا توفرت لديه القدرات والمهارات القيادية. هنا تبرز أسئلة منها كيف نكتشف هذه القدرات والمهارات وكيف عرف الرئيس ويلسون أن زوج مديرة المنزل لن يكون صاحب تأثير؟ وهل هناك مدة محددة لظهور القدرة على التأثير؟ وهل هذه القدرة موهبة أم مهارة يمكن اكتسابها بالتعليم والتدريب؟ وهل في برامجنا في المدارس والجامعات ما ينمي تلك القدرات والمهارات؟ أترك الإجابة للطلاب والمتدربين والأساتذة المختصين وأختم بهذا الموقف الطريف ذي العلاقة والدلالة: دخل سيناتور أمريكي أحد المطاعم فأحضر له الجرسون قطعاً من الخبز ولكن بدون زبدة، عندئذ طلب السيناتور من الجرسون بعض الزبدة فهز الجرسون رأسه علامة على أنه سيلبي الطلب ثم مرت عشر دقائق بدون زبدة فأعاد السيناتور الطلب وطال الانتظار ولم تحضر الزبدة وهنا قال السيناتور: يبدو أنك لا تعرف من أنا فأنا خريج جامعة برينستون ولاعب السلة المشهور وأنا اليوم سيناتور في الولاياتالمتحدةالأمريكية ورئيس اللجنة المالية ورئيس لجنة الطاقة والمياه وعضو كذا وكذا.... ثم رد عليه الجرسون: يبدو أنك لا تعرف من أنا.... أنا الشاب المسؤول هنا عن الزبدة.