في العام 1977 كان أسطورة موسيقى الريغي " بوب مارلي" يلعب كرة القدم مع بعض أصدقائه عندما أصيب في إبهام قدمه اليمنى، ورغم أن الإصابة بدت بالغة إلا أنه لم يهتم بعرضها على أي طبيب, ومما زاد الأمر سوءاً أن مارلي كان يعاني من سرطان الجلد (الميلانوما) وهو ما أدى الى مضاعفات خطيرة أجبرت الأطباء على اتخاذ قرار بتر إبهام القدم. إلا أن الديانة الرستفارية التي يعتنقها أسطورة الريغي ويؤمن بها إيمانا تاما كانت حائلا بينه وبين عملية البتر إذ رفض أن يبتر الأطباء قدمه بحجة أن ديانته تعتبر قطع أي جزء من الجسم خطيئة لا تغتفر.. كما يعد الجسم البشري بحسب تلك الاعتقادات كيانا مقدسا، إذ يقول الكتاب المقدس الذي يتبعه الريستفاريون :" ولا يجوز لهم أن يغطي رؤسهم الصلع , ولا يجوز لهم أن يحلقوا أطراف لحيتهم , كما لايجوز لهم أن يقطعوا شيئاً من أجسادهم". بوب مارلي أصر على موقفه كما كان مؤمنا إيمانا تاما - أيضا - بأن السرطان حتى لو قضى عليه فإنه لن يموت إذ بحسب الديانة الرستفارية الخلود عبر تناسخ الأرواح هو مصير الموتى الصالحين. كان المغني الجمايكي يخشى إن وقع في خطيئة قطع إصبعه بأنه لن يكون مخلدا إلا أنه رضخ أخيرا و خضع لعملية استئصال للجلد بدلا عن البتر وهو ماكان محاولة فاشلة لإنقاذه لينهش مرض السرطان جسده بنهاية صيف 1980 وينهار خلال ممارسته لرياضة الجري في سنترال بارك في نيويورك. عاش مارلي بعد ذلك قرابة العام وتوفي في شهر مايو من عام 1981 في ميامي، حيث ظل معتنقا الرستفارية التي كان يعتنقها كثير من مغني موسيقى الريغي، وهي ديانة أو حركة دينية كما يفضل اتباعها وصفها حيث يؤكدون بأنها ليست ديناً بل " أسلوب حياة" إلا أنها صغيرة السن مقارنة بالحركات الدينية الأخرى إذ نشأت عام 1930 ويعتنقها قرابة المليون شخص حول العالم. على الرغم من أن الرستفارية حركة تدعو للمحبة ونشر السلام بين البشرية إلا أن نشوءها كان نتيجة للسأم الذي اعترى الأفارقة الذين تم أخذهم كعبيد في جامايكا من المعاملة السيئة التي كانوا يتلقونها, وأصبح لديهم معتقد بأن أفريقيا - وبالتحديد إثيوبيا - هي أرض المعاد لمنح ذاتهم أملا بأن لمعاناتهم نهاية, و لذلك يلاحظ أن الألوان التي تميز الرستفارية هي ذات الألوان في العلم الأثيوبي, الأحمر, الأسود , الذهبي والأخضر. معتنقو الرستفارية لهم طقوس غريبة من أبرزها الشعر الكثيف الذي يعمدون لتغطيته غالبا بالقبعات زاهية الألوان كالتي يعتمرها الجامايكيون, بالإضافة الى تدخينهم الكثيف للماريوانا. كما يعتقد بعض المختصين بأنه ماكان للرستفارية أن تلقى انتشارا حول العالم حيث يعتنقها إلى جانب كثير من الجامايكيين وسكان منطقة الكاريبي عدد لا باس به من الأمريكيين والأوروبيين وغيرهم, إذ لم يكن ليكتب لها هذا الانتشار بدون مساعدة موسيقى الريغي التي يعشقها الكثير, والتي ارتبطت ارتباطا كبيرا بهذه الحركة, بالإضافة إلى اعتناق عراب موسيقى الريغي بوب مارلي ومجموعة "ذا ويلارز" لها. لذلك تتضمن كلمات أغاني الريغي التي قدمها مارلي المبادئ التي يقوم عليها مذهبه لتخاطب الفقراء والمعدمين وتحدث عن الحب والسلام والوحدة. وبالرغم من وفاة بوب مارلي إلا أن أعماله وشخصيته وموسيقاه لازالت تجذب الاتباع لهذه الحركة الدينية المليئة بالمتناقضات حتى الآن. * من أغنية "One Love" لبوب مارلي: "حب واحد .. قلب واحد دعونا نجتمع ونشعر بالخير لنشكر الخالق وسأشعر بعدها بأنني على مايرام ..