تُقدم بعض المواقع الالكترونية استشارات طبية، في عالم افتراضي تتزاحم فيه المعلومات التي يغلب عليها العشوائية، وقد يتم التوصية من خلالها بأدوية غير مرخصة، وهنا قد يعود الضرر على المريض، بعدم حصوله على التشخيص المُناسب، وقد تتدهور صحته أكثر فأكثر، وهنا لابد من زيادة الوعي الصحي داخل المجتمع، وتوضيح أهمية أخذ المعلومات والاستشارات من مواقع موثوق بها. إن ما نلاحظه من كثرة المواقع الطبية الالكترونية يحتم تدخل الجهات المعنية، عبر الإشراف عليها من كوادر متخصصة ومفرغة ولو جزئياً، حيث إن الاستثمار في التوعية الصحية لابد أن يعطى قدرة من الاهتمام، كما أنه من المُهم سن قواعد وآليات تنظم عمل الاستشارات وتُلغي الاجتهادات، عن طريق التحقق من أهلية من يُعطي المشورة، والتحقق من صلاحية ونظامية الأدوية المصروفة، وكذلك التحقق من طالب المشورة بحيث لا يكون تحت السن النظامي. غير دقيقة ووصفت «دعاء باقازي» -صيدلانية- المواقع الالكترونية الطبية العربية بالضعيفة المحتوى مقارنة بمحتوى المواقع الدولية باللغة الانجليزية، مضيفةً أن الأسوأ من ضعف المواقع الالكترونية، المعلومات الطبية المتداولة في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، ففي الغالب تكون مغلوطة أو غير دقيقة وارتجالية، بل ولا تخضع لرقابة طبية، ولا تناسب بالضرورة كل شخص، مشيرةً إلى أن من إيجابيات بعض المواقع الطبية وفرة وسرعة المعلومة، ومشاركة المرضى الآخرين تجاربهم، خاصةً قصص الشفاء، وكذلك الآراء الطبية فيما يخص أعراض المرض أو العلاج والتشخيص، إلى جانب متابعة أفضل المراكز الاختصاصية والأطباء المتميزين والأدوية المتوفرة أو البدائل العلاجية. وأضافت أن لهذه المواقع الالكترونية وجه سلبي يتجاوز فهم المريض بحالته الصحية، حيث إن المواقع الالكترونية توفر المعلومة بشكل عام، وقد يكون لدى المريض أدوية أخرى، فيتسبب ذلك بتداخلات دوائية خطرة، ذاكرةً أن المواقع الطبية مساحة عريضة لتداول المعلومة الطبية، أما التشخيص فيلزم أخذ تقرير طبي تدرس فيه حالة المريض بشكل دقيق، من قبل طبيب مختص. مواقع صديقة ووصفت «د.وفاء احمد الفهد» -تخصص صيدلانية سريرية- المواقع الطبية الموثوق بها بالمواقع الصديقة، وقالت: في الغالب تكون هذة المواقع تحت إشراف طبي، وتعتمد على مراجع معروفة ومعتمدة ضمن نطاق المهنة، وساهمت بشكل كبير وملحوظ في زيادة الوعي الطبي والدوائي عند المريض، في المقابل هناك مواقع طبية مجهولة تحاول خداع المرضى بهدف التغرير بهم لتسويق أدوية غير مرخصة، غالباً ما تكون لها أضرار تتخطى المرض إلى مضاعفات متعددة، ناصحةً المستخدم أن يحرص على اختيار مواقع موثقة، وفي حالة تضارب المعلومات المرجعية للطبيب المعالج، يجب الاستفسار وأخذ الرأي المناسب للحالة، مشيرةً إلى أن من إيجابيات تلك المواقع توعية المريض، وتقديم خدمة معلوماتية سريعة عن الاستفسارات المتعلقة بالمرض أو الأدوية، وتزويد المريض بكل ما هو جديد، خاصةً إذا كانت هذه المواقع تُدار بكادر طبي متخصص، ذاكرةً أن من سلبياتها تقديم الاستشارات الطبية الاجتهادية من غير مؤهلين، فربما يتلقى المريض معلومة أو استشارة غير صحيحة قد تنعكس عليه سلبياً. وأكدت على أن كثيرا من المرضى استجابوا للعلاج ، بسبب ارتفاع سقف وعي المريض المتابع للمواقع الطبية الالكترونية، لكل ما هو جديد عن مرضه، مما خلق لديه الوعي التام والثقافة المرضية والعلاجية، مبينةً أنها تسمى المواقع الصديقة للطبيب؛ لأنها توفر الوقت والجهد للبعض في شرح المرض والعلاج للمريض. توعية المجتمع وعن تجربته التوعوية الصحية في المواقع الالكترونية التي يشرف عليها، قال «د.صالح الأنصاري»: للأسف المواقع الالكترونية العربية المحترفة في مجال التوعية الصحية، مقارنةً بما هو موجود من مراكز الدولية المتخصصة، يوضح فقراً شديداً في المحتوى، كما تزيد ساحات «الدردشة» المليئة بالتجارب الشخصية من سوء المحتوى المعلوماتي الطبي التي ضررها أكثر من نفعها، إلى جانب عدم التخصص والعمومية في طرح الموضوعات، وهذا يقودنا الي ضرورة الإشراف على هذه المواقع من كوادر متخصصة ومفرغة ولو جزئياً، فالاستثمار في التوعية الصحية لابد أن يعطى قدرة من الاهتمام، مضيفاً أنه يتزامن مع النمو الملاحظ للمواقع الالكترونية، تطور واحترافية في محتويات بعضها، إلاّ أنه من سلبياتها عدم تحديثها وأحياناً تكتب بلغة صعبة الفهم على المتصفح العادي، لافتاً إلى أن خلاصة تجربته في ترجمة مقالات التوعية الصحية في مواقع هادفة، وتعزيز الوعي الصحي مع مجموعة من المترجمين المتعاونين، وكذلك الإشراف على طالبة طب مهتمة ومتخصصة بالتوعية الصحية من خلال القصص الناجحة، مشدداً على أهمية زيادة الوعي الصحي داخل المجتمع، مع الإفادة من التجربة الغربية والترجمة من المواقع العلمية المتخصصة. تواصل اجتماعي وفيما يتعلق بدور مواقع التواصل الاجتماعي في التوعية الصحية، أوضح «د.الأنصاري» أنها أصبحت خدمة واسعة الانتشار، وأداة تواصل لا تقدر بثمن لملايين المستخدمين، مضيفاً أنه أشارت دراسة حديثة أنها قد تصبح أيضاً عنصراً أساسياً للنجاح في إنقاص الوزن، وذلك على سبيل المثال، لسعة تواصل الأطفال والمراهقين بشكل متزايد مع تلك المواقع، بل وتُعد أداة قوية لمكافحة السمنة لدى الأطفال، وفقاً لجمعية القلب الأمريكية (AHA)، حيث طبقت نتائج هذه الدراسة على مواقع التواصل الاجتماعي للتوعية عن الصحة والنمط المعيشي، للإفادة من التجارب الناجحة في مجال النمط الصحي للمعيشة. وأضاف: هذا الحراك الالكتروني يقدم خبرة توعوية لا تنافس وسائل التوعية الصحية التقليدية، ولا في المواقع الالكترونية العادية، ويعمل على تعزيز الصحة ونشر ثقافة النشاط والتغذية الصحية، وكذلك تحسين النمط المعيشي، مؤكداً على مواقع التواصل الاجتماعي تؤدي دور عجزت عنه إدارات التوعية الصحية في مستشفياتنا. عدة جوانب وعن نظامية المواقع الالكترونية الطبية، قال «فارس حمد الفارس» -مستشار قانوني-: إن تقديم الاستشارات ووصف الأدوية الطبية عن طريق المواقع الالكترونية له عدد من الجوانب القانونية التي تتعلق إمّا بأهلية مقدم المشورة، أو متلقيها، أو بالعلاج الموصوف، مضيفاً أن نظام مزاولة المهن الصحية نص على أنه يُحظر مزوالة أي مهنة صحية إلاّ بعد الحصول على ترخيص، كما أن مقدم الاستشارة الطبية غير مصرح له بإجراء الفحوص أو العلاج خارج الأماكن المخصصة لذلك، مبيناً أن متلقي الاستشارة لدية عدة حقوق أهمها إلزام الممارس الصحي بسرية معلوماته، وأن يتم شرح الوضع العلاجي وآثاره والجوانب السلبية له، مشيراً إلى أن نظام مزاولة المهن الصحية نص أيضاً على أنه يحظر على الممارس الصحي بيع أي أدوية خارج الصيدليات أو بيعها بصورة مطلقة، ذاكراً أنه من ناحية المسؤولية عن المواقع الالكترونية فمرجعيتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات سواء أما بالترخيص لها، أو بمراقبتها، وكذلك التأكد من مناسبة محتواها. قواعد وآليات وشدّد « الفارس» على أهمية التنسيق مع وزارة الصحة للتأكد من تطبيق الأنظمة المعنية على تلك المواقع، كما يجب عليهما العمل المشترك لسن قواعد وآليات تنظم عمل الاستشارات الطبية الالكترونية، تشمل على سبيل المثال التحقق من أهلية من يُعطي المشورة، والتحقق من صلاحية ونظامية الأدوية المصروفة، وكذلك التحقق من طالب المشورة بحيث لا يكون تحت السن النظامي، إضافةً إلى الشروط المتعلقة بحماية معلومات المرضى، مبيناً أن أداء الجهات المذكورة ذلك سوف يعود بالنفع على متلقي المشورة أو طالبها، بحيث يستطيع التمييز ما بين المواقع المعتمدة و المشبوهة، أو التجارية، مشيراً إلى أن هذا الموضوع يقودنا إلى ضرورة إقرار قواعد وآليات وضوابط ممارسة الطب البديل، أو وصف المنتجات المتعلقة بالصحة والجمال وما شابها، بحيث تندرج تحت تلك القواعد. بدون ترخيص وأكد «الفارس» على أهمية تدخل الجهات المعنية بوضع القواعد اللازمة، كما أنه على أي متضرر من جراء المشورة الطبية من خلال المواقع الالكترونية التقدم بشكوى إلى لجنة النظر في المخالفات الصحية والمطالبة بمحاسبة المقصر، حيث أن نظام الممارسات الصحية تُجرّم مزاولة المهنة بدون ترخيص ضمن المسؤوليات الجزائية التي يعاقب مرتكبها بالسجن مدة لا تتجاوز ستة أشهر وغرامة مالية لا تتعدى (100) ألف ريال أو كلاهما معاً، مضيفاً أن النظام ينص على معاقبة من لديه ترخيص مزاولة مهنة ويمارس الأعمال خارج الأماكن المخصصة، أو من يصرف أدوية خارج الصيدليات، أو يبيع الأدوية بصورة مطلقة، بغرامة لا تتجاوز (50) ألف ريال، ولا يخل تطبيق هذه العقوبات بالعقوبات الخاصة بالمسائل التأديبية. الانترنت يضم معلومات طبية كثيرة ينبغي التحقق من مصداقيتها على المريض التحقق من أهلية المُستشارين د.صالح الأنصاري