وضعت شبكة التلفزة الأمريكية HBO صورة الممثل جيمس غوندلفيني على واجهة موقعها الرسمي في شبكة الإنترنت عرفاناً بدوره المؤثر في الثورة التلفزيونية التي أحدثتها الشبكة العملاقة نهاية التسعينيات. لقد أحدث رحيل هذا الممثل المبدع مساء الأربعاء صدمة كبيرة لدى الشركة والجمهور على السواء، كونه رحل فجأة ودون مقدمات وهو يقضي عطلته في إيطاليا وقبل يومين فقط من ندوة كان مقرراً أن يلقيها في مهرجان سينمائي إيطالي. مات النجم التلفزيوني الشهير وهو بالكاد بلغ الخمسين عاماً، تاركاً وراءه أعظم دور في أهم مسلسل تلفزيوني أمريكي على الإطلاق؛ مسلسل "آل سوبرانو" الذي نقل التلفزيون الأمريكي من هزل السيتكوم والسوب أوبرا والمسلسلات البوليسية الرخيصة والتسلوية الطابع إلى الإنتاجات الضخمة التي تقارب في عمقها وألقها وإبداعها ما هو موجود في السينما. فلولا النجاح الكاسح الذي أصابه هذا المسلسل لما امتلك التلفزيون الجرأة على إنتاج مسلسلات ضخمة أخرى بحجم: 24، وبريزون بريك، ولوست، وسي إس آي، وبريكنغ باد، وقيم أوف ثرونز وغيرها. كان "آل سوبرانو" نقلة حاسمة في تاريخ التلفزيون الأمريكي، وكان جيمس غوندلفيني نجم هذه النقلة بامتياز، بأدائه الرائع لشخصية زعيم المافيا "توني سوبرانو" الذي يحارب على أكثر من جبهة لحماية نفسه وعائلته وأعماله من خصومه المتربصين. شخصية "توني" ظهرت في المسلسل بشكل مختلف عن صورة زعيم المافيا التي كرستها السينما من قبل، فهو يبدو هنا بديناً متذبذباً وخائفاً ويطلب الإنقاذ من طبيبة نفسية، ومع ذلك فقد امتلك جاذبية آسرة تفوق جاذبية رجال المافيا السينمائيين, بفضل الآداء الممتاز لغوندلفيني الذي منح هذه الشخصية المرتبة الثامنة والعشرين في قائمة أكثر الشخصيات جاذبية في تاريخ التلفزيون الأمريكي. غوندلفيني ليس ممثلاً تلفزيونياً فحسب، بل له حضور مهم في السينما، إلا أن أهميته في التلفزيون تفوق أهمية أفلامه بكثير، بحيث لم يعد يُعرف إلا بمسلسل "آل سوبرانو" وبشخصية "توني" فقط، أما بقية أعماله -حتى التلفزيونية منها- فتتلاشى أمام ما قدمه في ذلك المسلسل الشهير.