وجد "حمود" نفسه أمام تغير حياتي كبير، بعد أن عقد قرانه منذ يومين، وأصبح في عداد المتزوجين، فأمامه فتاة لم يعرف عنها الكثير، كيف تفكر؟، ماذا تحب؟، وماذا تكره؟، وكيف تنظر للحياة؟، وما هي أكثر الأشياء التي تؤمن بها؟، ومتى تتخلى عن قناعاتها؟ كيف تنظر للحياة الزوجية؟ ولمشروع إنجاب الأبناء؟ وكيف تفكر تجاه الرجل الذي سترتبط به؟ وما هي أكثر التجارب التي عاشتها وأثرت بها؟ وعن أي الأشخاص تبحث في حياتها كأصدقاء؟ وأسئلة كثيرة لا يعرف أجوبتها أبداً، فكل ما يعرفه شيء من التفاصيل الدقيقة عن شكلها الظاهري، وكذلك عمرها، وفي أي مرحلة تعليمية هي، وأنها وافقت على الزواج منه بعد أن أعجبت أسرته بمظهرها، لكنه في أعماقه لا يعرف أي النساء تزوج، وكيف ستكون وما هي أهم أخلاقياتها وصفاتها السلوكية؟، قلق كبير يشعر به رغم سعادته أنه سيدخل "عش الزوجية" بعد أشهر، لكنه كان يتساءل: هل سألت والدتي وشقيقاتي جيداً عن أخلاقيات العروس؟ أم أن السؤال عن أسرتها وعن مستوى جمال الفتاة هو الأهم؟. «بنات اليوم غير» لهم «طلبات» و«ميول» وربما شروط قد لا تناسبك عادة ما يتم التدقيق بالسؤال على الرجل الذي يتقدم لخطبة فتاة، فيتم السؤال عن كل ما يتعلق به بشكل كبير وفي أدق الخصوصيات في حياته، في الوقت الذي يتم اختيار الفتاة للزواج بناء على سمعة أسرتها، ومستواها الجمالي، ومدى وجود التوازن الاجتماعي في حياة أسرة الفتاة، وبعض التفاصيل البسيطة، وربما غير المهمة عن الفتاة، ومن ثم يتم التوقف عند تلك الحدود في السؤال، فهي لا تخضع للكثير من التدقيق قبل طلبها للزواج، وربما ذلك ما جعل الكثير من تجارب الزواج تفشل بعد أن يعيش الرجل مع زوجة يكتشف بها الكثير من السلوكيات غير المقبولة؛ لأن أسرته فضلوها لاعتبارات غير هامة، أو ربما لا تتقاطع مع الفتاة بشكل كبير، فهل نحن بحاجة إلى السؤال عن الفتاة قبل الزواج بذات درجة الحذر مع الخاطب؟. اقتناع الأسرة وقالت "ابتسام عطا الله": إن المجتمع في موضوع الزواج لا يحاصر سوى الرجل الذي يتقدم لخطبة الفتاة، فالأسرة تحاول أن تستنفر في السؤال عن شخص واحد، بل ويبحثون في جميع جوانب حياته، ويحاولون أن يعرفوا ماضيه قبل حاضره، في الوقت الذي لا يتم التعاطي مع الفتاة التي يتم اختيارها لتتزوج من الرجل بذات درجة الحرص، مضيفةً أن الطريقة المتبعة من قبل أسرة الزوج تعتمد غالباً على التعرف على أسرة الفتاة، والتثبت أنها أسرة محترمة وجيدة، ثم بعد ذلك الانتقال إلى التعرف على الفتاة من خلال رؤيتها مرة واحدة وتقدير مستوى يبقى السؤال: كيف تتعرف عليها من «أول نظرة» وأهلك غير كافيين؟ جمالها فقط، ثم الحكم عليها دون الاهتمام بالمرأة التي ستعيش مع ابنهم طوال حياته، وهل هي جديرة حقاً أن تكون زوجته؟، وهل هي بمستوى أخلاقي ملائم؟، مشيرةً إلى أن جميع تلك الأسئلة لا تطرح، فالزواج بالنسبة للرجل اختبار وتمحيص شديد في الوقت الذي يعتبر بالنسبة للفتاة نصيب. فرحة العريس تكون مضاعفة إذا وجد أمامه عروساً تعرف واجباتها جيداً وأضافت أن الكثير من تجارب الزواج تحدث ويسمع عنها، لكنها تكون مفاجئة حتى للمحيطين بأسرة الفتاة، فيحدث أن تتزوج إحداهن ولم تكن على قدر كبير من الالتزام الخلقي بشاب عرف عنه الصلاح والانضباط، فيحدث الزواج لمجرد اقتناع أسرة الشاب بشكل الفتاة الظاهري، وربما من منطلق أخوة وأب الفتاة الذين قد يتصفون بالاحترام والوضع الاجتماعي الجيد الذي لا تتقاطع الفتاة في الحقيقة معه، فيقع الرجل بعد الزواج ضحية!. غير جديرات ورأت "هيلة معتق" أن هناك الكثير من الفتيات اللاتي عرفن في أسرهن وفي محيطهن الاجتماعي أنهن غير جديرات بالثقة السلوكية، أو يتصفن بالكثير من الصفات غير المقبولة، ثم يتزوجن من رجل مميز جداً، ويكون بخلاف معطيات الفتاة فقط؛ مضيفةً أنه مازالت الفتاة في الزواج تأخذ بمعطيات أسرتها، وبالمثل الذي يقول: "أسأل عن أمها قبل ما تتزوجها"، ذاكرةً أن ما يحدث أن تكون الأم محترمة ووقورة وعلى درجة كبيرة من الاحترام والطيبة، لكن الفتاة تكون مختلفة كثيراً عنها، مبينةً أنه يُلاحظ أن هناك فتيات يتصفن بسلوكيات غير أخلاقية، أو جرأة كبيرة تصل إلى حد الوقاحة، في الوقت الذي تختلف فيه والدتها عنها كثيراً، فيتم امتداح الأم في خطبة الزواج ويتم التفاؤل بالأم وبأخلاقياتها وينسون السؤال عن الفتاة التي تعيش مع الخاطب. وتحدثت عن تجربة ابن أخيها حينما خطب فتاة رشحتها والدته من خلال جارتها التي تحدثت كثيراً عن أدب وأخلاق وجمال الفتاة، وحينما تزوج بها اكتشف أنها لا ترتبط بتلك الصفات إطلاقاً، مبينةً أنه عانى كثيراً من سلاطة لسانها وقلة تهذيبها واحترامها، مؤكدةً على أنه اكتشف أن والدته اعتمدت في اختيارها على أمور شكلية دون تمحيص السؤال عن العروس. أسلوب قديم وذكرت "الهنوف رماح" أن المجتمع لا يتعاطى مع موضوع الزواج بشكل جيد، فمع الأسف أن الزواج لدينا ينطبق عليه المثل الشعبي القديم: "مثل البطيخ إما أبيض لا طعم له أو أحمر حلو المذاق"، مؤكدةً على أن تلك هي الطريقة المتبعة في الزواج، ففي السابق يتم التدقيق على الخاطب من منطلق الخوف على الفتاة، في الوقت الذي يكتفى بالسؤال عن أسرة الفتاة وعن أمور بسيطة تتعلق بشكلها، موضحةً أنه في الوقت الحالي تغيرت معطيات الزواج كثيراً، وأصبحت أكثر تساهلاً مع الرجل وأكثر تجاهلاً مع الفتاة، على الرغم أنها أصبحت في الوقت الحالي تختلف عنها قبل عشر سنوات، حيث لم تعد الفتاة الآن نموذج للخجل والتردد وعدم الخروج من البيت إلاّ للحاجة، وتتصف بانخفاض الصوت واحترام رأي والديها والتقدير لأخوتها، بل إن الفتاة في الوقت الحالي أصبحت مطالبة لحقوقها، حتى وإن كانت نزهة في السوق مع صديقاتها، مبينةً أن الأسلوب القديم في تقيم الفتاة للزواج هو نفسه لم يتغيّر، فالشاب حينما يرغب في الزواج فأسرته تبحث له عن الفتاة الطويلة أو القصيرة أو النحيلة أو البيضاء، في الوقت الذي لا تركز كثيراً كيف تفكر تلك الفتاة؟، وما هي صفاتها الشخصية؟. ودعت إلى ضرورة أن يكون هناك تمحيص وسؤال عن أخلاقيات الفتاة كما يحدث مع المتقدم للزواج، حتى لا يحدث الظلم للرجل، فكما أن أسرة الفتاة تمحص وتدقق لأنها تخشى على الابنة، فكذلك يجب أن تفكر أسرة الشاب بذات الطريقة حتى لا يدفع هو وحده ثمن الجهل بمن تقدم لخطبتها. معنى الطاعة وقالت "د.منال محمد أمين" - أستاذة التربية بكلية البنات بجامعة الملك فيصل -: إن المجتمع العربي ينظر إلى الفتاة على اعتبارها جوهرة مكنونة، وليس هناك مساحة واسعة تمنح لها في تحركها وخروجها، فيكون هناك ثقة كبيرة أن الفتاة التي تنتمي لأسرة جيدة هي جيدة أيضاً، مع وجود بعض حالات الشواذ، مضيفةً أن الكثير من الأُسر تسأل عن الفتاة، لكنها لا تتم بالشكل المطلوب، مبينةً أن أم الخاطب تتفحص الفتاة في طريقة حديثها وتقديمها للضيافة ولكيفية علاقتها بالآخرين، لكن تلك الحرية محدودة إذا ما قورنت بالحرية الكبيرة في السؤال عن الرجل، موضحةً أن اكتشاف الرجل لبعض الصفات غير المقبولة في المرأة بعد الزواج يكون أحياناً ناتجاً من تفكير الرجل ومفهومه لمعنى الطاعة والزواج مع المرأة، حيث يتعامل معها على اعتبارها تابعاً وليس كياناً مستقلاً، فينظر لمطالبتها بحقوقها أنها سليطة اللسان أو غير مهذبة، وذلك خلل في التفكير لابد من تصحيحه. تحمل الثمن وأكدت "د.منال أمين" على أنه يوجد بعض الحالات يكون فيها الرجل استثنائياً ويتزوج من امرأة غير جديرة به، فيتحمل هنا الثمن وعدم رغبته في إفساد الحياة الزوجية أو تشتيت الأبناء، فيكون ضحية، مشيرة إلى أنه يوجد بعض النماذج لفتيات يكن فيها منضبطات جداً في منازل أسرتهن، وحينما تتزوج إحداهن تنفتح بشكل كبير نظراً لحرمانها ولحالة الكبت التي كانت تعيش فيها، وتلك أيضا مشكلة قد يعاني منها الرجل. ودعت إلى ضرورة إعادة النظر في طريقة الزواج، فلا يصبح مجرد عملية جنسية فقط، بل لابد من الرجوع إلى العادات القديمة من النظرة إلى الزواج، على اعتباره تكوين أسرة تُسهم في تطور المجتمع، ذاكرةً أن المرأة التي تتصف بالدين والأخلاق هي المكسب الحقيقي لأي رجل. سؤال الشاب عن صفات شريكة حياته مهم جداً قبل توقيع عقد النكاح