في ليلة أمس الأول رحل الفنان الفرنسي المصري اليوناني " جورج موستاكي" عن سن التاسعة والسبعين في مدينة نيس الواقعة على شمال البحر الأبيض المتوسط. وكان الفنان الراحل حريصا في السنوات الأخيرة على الإقامة في هذه المدينة لأنها كانت تسمح له كما كان يردد أمام المقربين منه بالنظر إلى جنوب المتوسط وبالتحديد إلى مدينة الإسكندرية حيث رأى النور في الثالث من شهر مايو عام 1934 من أم وأب يهوديين من أصول يونانية. كما كان الراحل ذا الصوت الرومانسي العذب يتحدث دوما عن الإسكندرية بوصفها كانت تشكل في النصف الأول من القرن الماضي مثل المدينة الموغلة في "عولمة إنسانية " لأن هذه المدينة شهدت منذ سالف العصور تمازج حضارات وثقافات وديانات وحضارات شتى أدى شيئا فشيئا إلى صهر إنسان متفتح على الجوانب الإنسانية في العولمة. هكذا كان يقول وهكذا تعرف الطفل يوسف موستاكي إلى الأدب والثقافة والحضارة الفرنسية ولما يزل في الإسكندرية، حيث اختار أن يسمي نفسه " جورج" تقديرا لجورج براسينس الفنان الفرنسي الكبير الراحل الذي يعتبره يوسف موستاكي أستاذه ومثله في الحياة والسلوك، فبراسينس هو الذي فتح لموستاكي الطريق ليصبح فنانا فرنسيا ثم عالميا في خمسينات القرن الماضي، كما أنه - أيضا - الذي ساعده على أن يكتب ويلحن لفنانين فرنسيين آخرين كبار منهم إيف مونتان، وإيديت بياف، وسيرج ريجياني، وفرانس غال وغيرهم. ومن أشهر أغانيه أغنية " الغريب الأجير" التي وضع كلماتها عام ثمانية وستين من القرن الماضي، ووصف فيها تيه الغرباء الذين شاركوا في ثورة فرنسا الطلابية، التي فتحت آفاقا أمام طلاب العالم كلهم.. وقد كانت آخر مرة وقف فيها الفنان الراحل أمام الجمهور، كانت على خشبة قصر الموسيقى في برشلونة في الثامن من شهر يناير عام ألفين وتسعة، حيث إنه اضطر يومها إلى التوقف عن الغناء بسبب مرض تنفسي حاد كان قد أصابه منذ سنوات عديدة وأثر سلبا في حباله الصوتية.