حينما صدع محمد حسين هيكل برأيه وأخرجه في كتاب "ثورة الأدب" عام 1933م لم يكن في ظنه أن الكتاب الذي أنطوى على آراء صارمة في مسائل تتعلق بالأدب الجديد في الشعر والمسرح والقصص ستحمل أهمية كبرى في ممارسة هذه الفنون، وأن كتابه سيكون بمثابة بوصلة يستثمر الباحثون في كتاباتهم آراءه ويتلمسون طريقهم نحو العديد من دراسات الأدب الجديد بأساليبه وأغراضه ولغته من خلال هذا الكتاب "ثورة الأدب". واليوم تعيد مجلة الدوحة الثقافية إلى جمهور الأدب هذا الكتاب في طبعة أنيقة بعد أن نفذت طبعته الثانية لتي صدرت عن دار المعارف بالقاهرة عام 1986م وقد إزدانت بمقدمة للناقد المصري شعبان يوسف الذي كانت له وقفات مطولة عند تجربة الأديب الكبير محمد حسين هيكل ولاسيما محطة الأدبية الهامة. يقول شعبان يوسف في مستهل الكتاب: هذا الكتاب الذي بشر فيه هيكل بحفنة من الأفكار التي عملت فعلها في تطور الحياة الأدبية والفكرية والثقافية وبالفعل كان الكتاب بمثابة "مانيفاستو" للحركة الأدبية التي جاءت فيما بعد رغم أنه لم يثر معارضات ومعارك شرسة مثل كتابي "في الشعر الجاهلي" و"الإسلام وأصول الحكم" فعنوان الكتاب في حد ذاته في تلك المرحلة من ثلاثينيات القرن الماضي كان لافتاً، ورائداً لسلسلة من التطورات في الشعر والرواية والمسرح، وما أسماه الأدب القومي. بينما يقول هيكل في معرض تقديمه: هذه الأجزاء جميعاً تتسق من حيث الفكرة وتؤدي إلى الغاية التي وضع الكتاب من أجلها فالكتاب إذن جديد قديم وأحسب طابع الجدة فيه أغلب، لأن الفكرة التي دعت إلى نشره لم تكن بارزة في أي من الفصول التي سبقت إلى نشرها بروزها فيه. الكتاب الذي يقرأ آثار خمسين عاماً من الكتابة الأدبية دونما التزام متزمت بفكرة أو مذهب حوى على جمهرة من الفصل في الأدب والنقد والقصة منها: الطغاة وحرية القلم، ثقافة الأدب، النثر والشعر، اللغة والأدب، علة الشعر، فن القصص، التأليف المسرحي، الأدب القومي، محاولات في الأدب القومي، إيزيس، أفروديت، حكم الهوى، الشيخ حسن، خاتمة في الأدب والحضارة.