ساهمت وزارة التجارة بجهد كبير فى تطوير العمل التجارى وإرساء قواعده، وفي تطبيق أحكام نظام الأوراق التجارية الصادر بالمرسوم الملكى الكريم رقم (37) وتاريخ 11/10/1393ه، الأمر الذى ساعد على النهوض بتنظيم الأعمال التجارية في المملكة والرقي بها إلى مصاف الدول المتقدمة، وكان من ذلك ما أصدره معالي وزير التجارة في قراراته ذوات الأرقام (353)،(354) وتاريخ 11/5/1388 ه، و(358) وتاريخ 16/5/1388 ه بتشكيل لجان الأوراق التجارية للنظر فى القضايا الناشئة عن تطبيق أحكام نظام الأوراق التجارية فى كل من الرياض، جدة، الدمام، ثم أصدر معالي وزير التجارة قراريه رقم (2093) وتاريخ 18/6/1401 ه ورقم (859) وتاريخ 13/3/1403 ه بإجراءات الفصل فى منازعات الأوراق التجارية. وكان لمكاتب الفصل فى منازعات الأوراق التجارية ولجنتها الاستئنافية بوزارة التجارة جهد كبير ملموس فى إنهاء العديد من المنازعات المتعلقة بالأوراق التجارية (الكمبيالة – السند لأمر – الشيك)، وقد تميزت قرارات مكاتب الفصل بأمرين، الأول: سرعة الفصل فى المنازعات، والثاني: شمول تلك القرارات بالنفاذ المعجل، الأمر الذى أرسى كثيراً قواعد العدالة الناجزة. ثم جاء قرار مجلس الوزراء رقم (75) وتاريخ 15/3/1431ه الصادر بشأن معالجة ظاهرة انتشار الشيكات المرتجعة لعدم وجود رصيد كاف لها، وأبرز ما تضمنه القرار اعتبار الأفعال المنصوص عليها في المادة (118) من نظام الأوراق التجارية، ومنها إصدار شيكات بدون رصيد، موجبة للتوقيف، وأن يكون تلقي شكاوى الشيكات من قبل رجال الضبط الجنائي بوصفها جريمة جنائية. كما نص القرار على أن يستمر العمل بهذه الترتيبات مؤقتاً إلى حين تنفيذ نقل اختصاص الجهة المختصة بالفصل في منازعات الأوراق التجارية إلى القضاء العام. ولا شك أن ذلك أعطى الشيكات المصداقية والاحترام. وفي جانب آخر، فمنذ أُنشئت لجنة تسوية المنازعات المصرفية بالأمر السامي الكريم رقم (729/8) وتاريخ 10/7/1407 ه لتسوية الخلافات بين البنوك وبعضها البعض وبين البنوك وعملائها، بدأت هذه اللجنة بنظر كافة منازعات السندات لأمر، ثم قصرت اختصاصها اعتباراً من 4/7/1408 ه على السندات لأمر التي لا تُسمع دعاواها أمام لجان ومكاتب الفصل فى منازعات الأوراق التجارية. وبتاريخ 13/8/1433 ه صدر الأمر الملكي رقم (م/53) بالموافقة على نظام التنفيذ (وهو نظام متقدم للغاية يفوق ما هو معمول به فى العديد من الدول) لتكملة منظومة العدالة الناجزة، ومن بين الأحكام القيمة الواردة فى النظام المذكور ما نصت عليه المادة التاسعة من أن يكون التنفيذ الجبري بسند تنفيذي لحق محدد المقدار حال الأداء، واعتبار الأوراق التجارية(الكمبيالة – السند لأمر – الشيك) من السندات التنفيذية التى تُقدم إلى قاضي التنفيذ للأمر بتنفيذها دون حاجة إلى رفع دعوى بشأنها والحصول على حكم أو قرار بها. وإزاء نص المادة التاسعة من نظام التنفيذ أصدرت وزارة التجارة على موقعها الإلكتروني إعلاناً تحت عنوان: " الوزارة تطلب مراجعة قضاة التنفيذ فى المحكمة العامة فى قضايا الأوراق المالية (التجارية) لسرعة التنفيذ" ونص هذا الإعلان على أنه: "حرصاً من الوزارة على تيسير وفاعلية حصول أصحاب الحقوق على حقوقهم واختصار الوقت والإجراءات، ونظراً لصدور نظام التنفيذ وما تضمنه من أدوات ووسائل سريعة وفعالة لتنفيذ الالتزامات، تطلب الوزارة أصحاب الحقوق من حاملي الشيكات والسندات لأمر والكمبيالات أفراداً كانوا أم شركات على تقديم مطالباتهم مباشرة إلى قاضي التنفيذ فى المحكمة العامة، لكونها سندات تنفيذية وفقاً للمادة التاسعة من نظام التنفيذ يأمر (ليأمر) قاضي التنفيذ بتنفيذها دون حكم قضائي وذلك يقلل الإجراءات وييسر الحصول على الحقوق ابتداءً من 20/4/1433 ه ". وقد أكدت وزارة التجارة فى إعلانها أن مكاتب الفصل فى منازعات الأوراق التجارية لن تستقبل أى دعاوى جديدة فى هذا الشأن اعتباراً من التاريخ بعاليه. والسؤال المطروح: هل يجوز لوزارة التجارة الامتناع عن قبول دعاوى الأوراق التجارية، استناداً إلى كون تلك الأوراق أصبحت سندات تنفيذية يأمر قاضي التنفيذ بتنفيذها دون حاجة إلى صدور حكم أو قرار بها؟ وكيف نعالج حالات كون؛ الشيك مزورا على صاحبه ؟ هل يُسجن صاحبه ثم يطالب؟ وما الرأي في حال وجود اعتراضات من ساحب ومحرر الشيك أو السند لأمر كوجود وفاء جزئي منه للورقة التجارية؟ أو في حال انعدام السبب الصحيح للورقة التجارية، كأن يكون سعد مشتريا جهازا من خالد، الذي استلم بدوره الشيك ثمن المبيع، إلا أن صفقة البيع لم تتم وعدل عنها الطرفان والجهاز لم يُسلم، فما هي حجية مثل هذا الاعتراض من محرر الشيك؟ وهل يستجيب له قاضي التنفيذ؟ وهل لقاضي التنفيذ أن يقبل مثل هذا الدفع ويشترط إيداع كامل قيمة الشيك لدى بيت المال ضماناً لجدية الاعتراض، ومنعاً للمتحايلين المماطلين من التسويف. هل هناك فرق نظامي بين السند لأمر لغرض وفاء دين سابق في الذمة وبين السند لغرض الائتمان لدين مستقبلي؟ ومعلوم أن البنوك وشركات البيع بالتقسيط إنما تستلم من مدينيها (في بعض الأحيان) سندات لأمر موقعه على بياض، على أن تقوم تلك البنوك والشركات الدائنة بتعبئة خانة المبلغ المتبقي للسداد حين امتناع المدين عن السداد أو توقفه، وقد استقر القضاء اعتبار ترك الورقة التجارية موقعة من غير تعبئة هي بمثابة توكيل من محرر الورقة التجارية للدائن بتعبئة الخانة الفاضية(مبلغاً أو غيره) بحسب الواقع الصحيح وكشوف الحساب، وما الرأي إن تجاوز الدائن الحقيقة، فملأ الورقة التجارية برقم غير صحيح؟ هذا ما سنناقشه فى مقالاتنا القادمة بإذن الله. *المستشار السابق بهيئة الخبراء بمجلس الوزراء ولجنة تسوية المنازعات المصرفية.