كم تشعر بالقهر حين تقرأ أن أندونيسيا ستشترط قريباً على العمال الأجانب اجتياز اختبار لغة قبل منحهم تصاريح للعمل في بلادها، ابتداء من العام المقبل! تتذكر ضعفك وقهرك حين تتذكر انك مضطر للتحدث باللغة الإنجليزية في المستشفيات والمطاعم والشركات والبيوت والمطارات والطائرات.. وأنت في بلدك العربي! ألا يقرصك إحساس بالغيرة، وأنت الناطق بلغة الضاد.. لغة الدين الإسلامي.. لغة القرآن؟ العامل لدينا يأتي معززاً مكرماً بلغته، أو محصنا باللغة الإنجليزية (!)، يعمل بها، ويعاملك بها، وعليك أنت، ابن البلد، أن تعوج لسانك العربي لأجله، وتتحدث بلغة لا تمت لأرضك، ولا لبيئتك، بصلة، مهما كان مستواك التعليمي، والاجتماعي، والعمري.. والا لن تحظى بخدمته لك! نعرف أن الإنجليزية لغة عالمية، وأن تعلمها بات مهماً وضرورياَ وحضارياً، باعتبارها اللغة الأولى بالعالم، وأنها باتت لغة الثورة المعلوماتية الجديدة، ولغة العولمة.. كل هذا نعرفه، ولا ننكره، بل نشجع على تعلمها وتدريسها في مدارسنا منذ مراحل التعليم الأولية.. ولكن نتعلمها لنستخدمها في الخارج، في الاتصال بالآخر، خارج الوطن وعبر وسائل الاتصال.. وليس داخل بلدنا.. وفي بيوتنا! لماذا لا نشترط على الأجانب الذين يطلبون العمل على أرضنا بتعلم لغتنا العربية؟ ألسنا بموقع قوة كبلد اقتصادي يتهافت العالم على العمل فيه؟ إذاً لماذا نتعامل معهم وكأنهم زائرون؟ والطامة الكبرى أننا نشترط في طلبات توظيف السعوديين بنداً ثابتاً وهو «يشترط تعلم اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة»!. المواطن السعودي يريد أن يعمل في بلده ومع ذلك لابد له من اتقانه للغة أجنبية.. أما الأجنبي فيعمل في بلدنا بدون الحاجة لتعلم العربية؟ أي مفارقة هذه؟ .. وأي قهر؟ اندونيسيا اشترطت تعلم لغتها على العمال الأجانب لهدف مهم في اعتقادها وهو ضمان أن الوظائف التي يمكن أن يضطلع بها اندونيسيون لن تقع في أيدي أجانب! وهذا سبب وجيه آخر، نتبناه، يجعلنا نتمسك بضرورة فرض لغتنا العربية على العاملين في بلدنا لفتح أبواب أخرى لسعودة الوظائف وتقليل عدد العاملين الأجانب في بلادنا. من حقنا أن نفرض في قوانين تأشيرات العمل لدينا شرط تعلم اللغة العربية.. نفرضها هكذا.. وبكل قوة.. فمتى سيصدر مثل هذا القرار خدمة لديننا.. وللغتنا.. ولبلدنا.. ولنا؟ al - [email protected]