«الحكومة» تدربهن وتصرف على تأهيلهن حتى يساعدن أنفسهن ولكن أعمالهن لا تزال حبيسة أدراجهن يحظى "المعوقين" في المملكة بخدمات الرعاية الطبية، والاجتماعية، والنفسية، وكذلك التعليمية، إضافةً إلى توفير أقصى قدر مُمكن من الرعاية، والتأهيل، والتدريب المهني، والاجتماعي، من خلال مراكز الرعاية النهارية الحكومية، والأهلية الخاصة، والجمعيات الخيرية، تحت إشراف "وزارة الشؤون الاجتماعية"، ومن بين المِهن التي يتم تدريب المعوقين "الذكور" عليها في المراكز الحكومية، النجارة، والكهرباء، وتجليد الكتب، والخياطة، والزراعة، والدهانات، والحاسب الآلي، والسنترال، أما "الإناث" فيتم تدريبهنَّ على مِهن الخياطة، والتطريز اليدوي، والتطريز الآلي، والحاسب الآلي، والأعمال الفنية. وَوَظَّفت حكومتنا الرشيدة عناصر تدريبية تعمل على تأهيلهم وصقل موهبتهم، فهُيئت لهم الورش التدريبية، والميزانيات الخاصة للتدريب، والمعدات، والخامات، حتى استطاع "المعوقون" المُضي قُدماً الى الأمام، فأصبح الكثير منهم منتجين، يشاركون في المعارض السنوية داخل مراكزهم، وخارجها خلال الفعاليات المختلفة. وعلى الرغم من ذلك فقد أكد عدد من المتدربات، والمختصات في مراكز تأهيل المعوقين، على أنَّ هناك صعوبات حقيقية تواجه عملية تسويق منتجاتهن، حيث تم تدريبهنَ على عدَّة مِهن بهدف مساعدتهنَ على الاندماج أفراداً مُنتجين داخل المجتمع، مُشيراتٍ إلى عدم الإفادة مادياً ومعنوياً من إنتاجهنَّ، حيث يحتفظون به في منازلهنَّ؛ نتيجة عدم إتاحة الفرصة لهنَّ بالمشاركة في "البازارات" و"المعارض" و"مراكز التسوق"، أسوةً بغيرهنَّ من غير المعوقين، مُوضحات أنَّ ضيق ذات اليد يحول دون إنشاء مشروعات خاصة تُمكنهنَ من تسويق إنتاجهن، داعياتٍ إلى إتاحة الفرصة لهنَّ لتسويق تلك المنتجات في معارض، ومواقع مخصصة داخل المجمعات التجارية، لافتاتٍ إلى أنَّ ذلك سيعمل على مد جسور التعامل بين المعوقين، والمجتمع، ويوفر المُناخ المناسب لتطويرهن، وتأهيلهن، وإعدادهن ليكونوا أيادي منتجة، بل ربَّما ساهم ذلك بتوظيفهنَ في سوق العمل. تسويق الأعمال اليدوية للمعوقات لا يزال ضعيفاً منتجات المعوقين وقالت "هند السيالي" -33 عاماً-: تعرضت لحادث مروري برفقة أسرتي، وأصبحت مُقعدةً على كرسي متحرك، مُضيفةً أنَّها التحقت بمؤسسة "رعاية الأطفال المعوقين" بمحافظة "جدة"، وحصلت على الشهادة الابتدائية، ثمَّ التحقت بمركز "التأهيل المهني" بمحافظة "الطائف"، وحصلت على شهادة "تطريز يدوي" بتقدير "جيد جداً"، مُوضحة أنَّها بدأت منذ تخرجها من المركز في إنتاج الثياب، والمفارش المُطرزة يدوياً، كما شاركت في معارض كثيرة، من بينها معارض الأنشطة بالمراكز التي تدربت فيها، حيث نالت الإعجاب والإشادة بأعمالها من قبل الزائرين، مُبينة أنَّها وبعد انتهاء مشاركاتها تلك، تعود بما أنتجته إلى المنزل وتُخزّنه باحدى الغرف، دون أن تتم الإفادة منه، مُشيرةً إلى أنَّه وفي حال تم اقتناء بعض إنتاجها فإنّه يُعدُّ ضئيلاً جداً؛ وذلك لكثرة المعروض من إنتاج فئات أخرى من الفتيات غير المعوقات. وتمنت أن يتم تخصيص موقع يتم من خلاله عرض وبيع إنتاجها وزميلاتها المعوقين، مُشيرةً إلى أنَّ لكل منهنَّ ظروفها الاجتماعية، والمادية الخاصة، مُبينة أنَّها يتيمة الأب، وتعيش مع والدتها، وشقيقاتها، حيث لا مُعين لهم إلاَّ الله، ثُمَّ الإعانة التي تُصرف لها من "الشؤون الاجتماعية"، مُوضحةً أنَّها لا تفي باحتياجاتهم كاملة، مُشدّدةً على ضرورة إنشاء مراكز تجاريةً، أو معارض تتوفر بها كافة الخدمات اللازمة للمعوقين، إلى جانب تهيئة أماكن مُخصصة لتسويق منتجاتهم التي تُعدّ مصدر رزق أساسي لهم. جانب من إنتاج المتدربات بمركز التأهيل إرادة قوية من جانبها قالت والدة "هند السيالي": على الرغم من إعاقة "هند" منذ حوالي (29)عاماً، إلا أنَّ إعاقتها لم تعقها عن الدراسة، والتدريب، مُضيفةً أنَّ لديها -بعون الله تعالى- إرادةً قويةً، ورغبةً كبيرةً في إثبات وجودها، مُوضحةً أنَّها تُنتج أعمالاً يدوية في غاية الروعة داخل المنزل، إلاَّ أنَّ عدم توفر المكان المناسب لتسويق تلك الأعمال قد يُعيقها عن الاستمرار في ذلك، داعيةً الجهات المعنية إلى توفير وسائل يتم من خلالها تسويق تلك المنتجات. معرض شخصي وأوضحت "أشواق الغامدي" أنَّ حكايتها مع الإعاقه بدأت منذ اللحظة الأولى من حياتها، مُضيفةً أنَّها وُلدت بتشوهات خلقية في أطرافها الأربعة، وتمكنت بعد ذلك - بتوفيق الله - من التغُّلب على إعاقتها، على الرغم من معاناتها وتألمها نتيجة عجزها أن تكون عُضوةً فاعلةً في المجتمع، مُشيرةً إلى أنَّه ممّا ضاعف همَّها المحاولات العديدة لوالدها في سبيل علاجها دون جدوى، مُوضحة أنَّها أصبحت إزاء ذلك حبيسة المنزل، قبل أن تلتحق بمركز التأهيل المهني بمحافظة "الطائف"، حيث تلقَّت حصصاً تدريبية في مجال "فن التطريز اليدوي"، وأصبحت متفوقةً في ذلك، وقادرةً على الإنتاج،لافتة أنَّ إنتاجها بحاجة إلى دعم لتتحقق أحلامها وطموحاتها، مُتمنيةً مضاعفة إنتاجها وأن يكون لها معرضاً شخصياً لتسويق ذلك الإنتاج. برامج التأهيل غير كافية من دون تنسيق يحقق الاكتفاء الذاتي للمستفيد طريق الإبداع وبينت "سامية سعيد السليماني" -مُدربة- أنَّ الإعاقة عبارة عن حالة عجز عضو، أو أكثر في جسم الإنسان، إلاَّ أنَّها لا تعني بالضرورة أن يظل الشخص عاجزاً عن القيام بأيَّة أعمال تناسب قدراته، ومهاراته المهنية التي يستطيع القيام بها، مُضيفةً أنَّ هناك كثيراً من المعوقين استطاعوا التفوق في كثير من المهن، وأصبحوا بارعين فيها، مُوضحة أنَّها وبحكم عملها كمدربة مهنية مع المعاقات وجدت أنَّ كثيراً منهنَّ لديهنَّ مهارات يتقننها، ويُبدعن فيها بدرجات أعلى من بعض الأسوياء، مُشيرةً إلى أنَّ الإعاقة لم تمنعهن من المُضي قدماً في مواصلة طريق الابداع، والرغبة الجامحة لتطبيق ما تدربن عليه على أرض الواقع. وأضافت أنَّه من خلال معايشتها لكثير من الفتيات المعوقات، وإشرافها على عديد من مشاركاتهن في عدد من المعارض، لاحظت مدى الاعجاب والإشادة التي حظي بها إنتاجهن من قبل كافة الزائرات، مُوضحة أنَّ من أهم المُعوقات التي تؤدي إلى عدم استمرار كثير منهنَّ في الانتاج والمشاركة في تلك المعارض، هو عدم وجود جهة رسمية تكون مسؤولة عن عرض وتسويق منتجاتهن، مُشددة على ضرورة تحقيق رغبتهن، وتشجيعهن، من خلال تهيئة أماكن مناسبة لعرض منتجهن، وتسويقه. تسويق المنتجات وأوضحت "رحمة الحارثي" - مُدربة بمركز التأهيل المهني في محافظة جدة - أنّه من خلال عملها في تدريب المعوقات منذ فترة طويلة؛ لاحظت أنَّ المُعوقات على الرغم من محدودية حركة معظمهنَّ إلاَّ أنَّهن صبورات، وطموحات، ويتقبلنَ التوجيه، والإرشاد من قبل المدربات، بل ويسعدنَ كثيراً عند إنجاز أيّ مُنتج مهما كان بسيطاً، مُضيفةً أنَّ سعادتهن تكون أكبر عندما يشاهدنَ ذلك المُنتج ضمن محتويات المعرض الذي يتم تنظيمه نهاية العام التدريبي في صالة العرض بالمركز، مُقترحة إنشاء مصنع تلتحق فيه تلك الفتيات عقب تخرجهن من المركز؛ ليمارسنَ فيه كافة المهارات التي تلقينها خلال تدريبهنَ، بحيث تتاح الفرصة لهنَ في إنتاج بعض المشغولات، على أن تتم مساعدتهنَ بعد ذلك في تسويق تلك المنتجات، لافتةً أنَّ ذلك سيُساهم في رفع معنوياتهنَ، وسيُدرّ عليهنَّ أرباحاً مادية يتكسبنَ منها، عِوضاً عن بقائهنَ بعد تخرجهنَ في البيوت عاطلات عن العمل، وبالتالي تذهب الجهود التي بُذلت في سبيل تدريبهنَ أدراج الرياح. رسالتنا مساعدة المعوق ليساعد نفسه اكتشاف المهارات وأشارت "أحلام الغامدي" -مدربة- إلى أنَّ المعوقين مهما كانت أعمارهم فإنَّ لديهم مهارات ينتظرون من يكتشفها، ويُنميها، ويعمل على تطويرها بما يتلاءم مع مستوى ونوع الاعاقة، مُضيفةً أنَّ على الوالدين، والمجتمع، مساعدة المعاق على إظهار مالديه من من مواهب، وقدرات إبداعية، ومن ثمَّ العمل على تنميتها بالتدريب، والتشجيع المتواصل، مُشددة على ضرورة تسجيل المعوقين في مراكز تدريبية؛ لتمكينهم من الانتاج، وتهيئة المكان الملائم لعرض منتوجاتهم. دمج المعوقين بالمجتمع ولفتت "سالمة الدوسري" -أخصائية اجتماعية- إلى حصول عديد من المعوقين على شهادات شكر وتقدير من عدة جهات حكومية، وخاصة؛ نظير مشاركتهم في معارض، ومهرجانات تسويقية مختلفة، مُضيفة أنَّ الحاجة لا تزال قائمة إلى فتح المجال لهم بشكل أكبر للمشاركة مستقبلاً في معارض ومهرجانات أخرى، وإلى تخصيص أماكن تحتضن إنتاجهم داخل المجمعات التجارية الكبرى، لافتةً إلى أنَّ ذلك سيُساهم في إبراز إنتاجهم أمام جمهور المتسوقين، ودمجهم بالمجتمع بشكل عام، إضافةً إلى تعريف المجتمع بالقدرات العالية، والمواهب المتميزة التي يمتلكونها، كما أنَّ ذلك سيهيئ الفرصة أمامهم لتحسين أحوالهم المعيشية، من خلال المردود المادي الذي سيحصلون عليه من وراء بيع تلك المنتجات.