لم يكن محمد حسنين هيكل في يوم من الأيام مقنعاً ومنصفاً ومحايداً طوال تاريخه الصحافي الذي توهج بحكم قربه من الرئيس جمال عبدالناصر، واستغلاله تلك المرحلة التي انجرف إليها المخدوعون من بعض أبناء الأمة العربية، ثم ما آلت إليه من (نكسة) و(هزيمة) و(ذل) و(خديعة)..!! ومن يومها قاد (هيكل) طابور (اليتامى) و(الشامتين) بل (الحاقدين) ووجه سهامه (المسمومة) ومغالطاته وافتراءاته تجاه قيادات وأنظمة وشعوب محددة.. لقد جعل (هيكل) من نفسه أخيراً مؤرخاً وشاهداً على مراحل وحقب تاريخية، ادعى امتلاكه لأدواتها من حقائق ووثائق دون أن يبرزها ويكشف عن حقيقة مصادرها.. حاول (هيكل) أن يضلل ويزيف، لأنه لا يسرد تاريخاً حقيقياً موثقاً بمنطق المنصف ورؤية المحايد وبعمق الراصد المعايش، حيث التاريخ لا يكتبه المشبوهون ولا يوثقه سوى الأمناء المنصفين. فما الذي جاء به (هيكل) ولم يأت به الأوائل من المؤرخين والساسة الذين عايشوا تاريخ شبه الجزيرة العربية منذ ربيع عام 1891 أو ابان توقيع الاتفاقية البريطانية - التركية في يوليو 1913م التي قسمت الشرق الأوسط بين بريطانيا والأمبراطورية العثمانية، وهي التي جاءت في الوقت الذي طرد فيه الملك عبدالعزيز - رحمه الله - آخر جندي تركي في نجد، لينهي قبضة الاتراك عليها. ولقد حاول الملك عبدالعزيز - عقب هذه الاتفاقية - أن يكسب صداقة بريطانيا، لكنه لم يكن في حاجة إلى التذلل في سبيل ذلك، بل هو بعث في 13 يونيو 1913م رسالة إلى السير بيرسي كوكس المعتمد البريطاني في الخليج الذي التقاه الملك عبدالعزيز في القطيف في ديسمبر (كانون أول) 1915م وكان يسميه عبدالعزيز (كوكاس) قال في رسالته بفخر (نحن العرب المسلمون والمحمديون سنثور نصرة لشرفنا وسنستعيد حقوقنا بآخر قطرة من دمائنا).. ما الذي جاء به (هيكل) ولم يكتبه المؤرخون عقب اتفاقية سايكس - بيكو البريطانية - الفرنسية في فبراير (شباط) 1916م والتي اتفقت خلالها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا القيصرية على تقسيم الامبراطورية العثمانية فيما بينها.. لقد خاب (هيكل) عندما أراد أن يشوه بطولة الأبطال ويزيف التاريخ والحقائق، لهذا فإن ما تشدق به عبر قناة (الجزيرة) وهي للعلم إحدى أدوات وآليات تنفيذ السياسة الخارجية للعهد الجديد للدولة التي أنشأتها للاستفادة منها - كقناة فضائية - لتحقيق أهداف إعلامية وسياسية مرسومة لهذا التوجه بحجة (الإعلام الحر ومقولة الرأي والرأي الآخر)، فالذي هذر به (هيكل) لا يعد سرداً تاريخياً موثقاً وأميناً، بل هو مجرد وجهات نظر وآراء وانطباعات حاقدة ثأرية لم تتجاوز الفكر الناصري المقبور..!! فها هو (هيكل) ما زالت تعشش في دماغه طيور الغربان الحاقدة منذ عهد (الزعيم الراحل) و(صوت العرب) و(أمجاد يا عرب أمجاد)!! إن (فاقد الشيء لا يعطيه) فبعد تهميش (هيكل) بعد وصول (السادات) لسدة الحكم في مصر، وهو يهذر بما لا يعرف ويستدعي ويستحضر (الأموات) ليتقول عليهم بتزييف الحقائق دون احترام لكرامة ميت، ودون أدنى حياء للافتراء والتلفيق والكذب لاستعادة أهمية ومكانة ولت، فلم يعد أحد يثق في مرجعية وأمانة ومصداقية (هيكل) سوى قناة (الجزيرة) وكل (من يدفع) لتحقيق أهدافه وغاياته حتى لو لم يكن مقتنعاً ومدركاً وواثقاً من هذر هذا ال (الهيكل)..!! أعرف صحافياً عربياً، يرأس تحرير صحيفة عربية تصدر في إحدى العواصم الأوروبية اشتهرت بهجومها الدائم وتعرضها للمملكة العربية السعودية، التقيته في أحد المؤتمرات في الخليج، لم يتوان في القول مبدياً (رغبته) لتوجيه دعوه رسمية له لزيارة (الرياض)، ولم استغرب رغبته هذه لأنني أعرف غايتها. فما الذي يريده منا محمد حسنين هيكل..؟! هل نلوم أنفسنا، بأننا (لا ندفع)؟! مثلما تدفع قناة (الجزيرة) إن أولئك (الدافعون) في ظني هم الذين يبحثون عن (الأبواق) الرخيصة لتلميع أنظمتهم وسياساتهم وتاريخهم المشكوك فيه.. ويبدو أن هذا ليس (هنا) في البال والخاطر..!! و(يا جبل ما يهزك ريح)..!! فليس جديداً علينا، أن ينعق الناعقون، ويستهدف المضللون تشويه ثوابت تاريخنا الناصع وجدار تماسك وحدتنا الداخلية ورسوخ انتماء أبناء هذا الوطن لتراب وطنهم وثبات الولاء بقيادتهم.