شهدت العاصمة الأردنية عمّان في الأيام القليلة الماضية, غضبا إعلاميا بسبب ما أسموه افتراءات محمد حسنين هيكل من خلال قناة الجزيرة على الهاشميين الذين يحكمون الأردن منذ عام 1920؛ وإساءة صحيفة الرأي الكويتية بعد نشرها خبراعن إلقاء سلطات بلادها القبض على فتاة قاصر تمارس الدعارة قالت إنها أردنية. وفيما برر الإعلاميون الأردنيون هجومهم على هيكل بأنه جزء من مخطط صهيوني أمريكي للضغط على قيادتهم الهاشمية للقبول بأن تكون بلادهم وطنا بديلا للفلسطينيين. من جهته قال رئيس تحرير وكالة عمون الإخبارية ل (عناوين): إن تصديهم لصحيفة الرأي الكويتية لأنها أول مرة تنشر خبرا على هذا النحو, وتكشف فيه جنسية الفتاة, الأمر الذي عدّه إساءة مباشرة لكل فتاة من بلده. ويتوقع الساسة الأردنيون أن تشهد العلاقة الأردنية القطرية توترا بسبب محمد حسنين هيكل الذي سيواصل رواياته المزعومة ضد الملك الراحل الحسين بن طلال في الحلقة الثانية من برنامجه (طلاسم حرب 1967.. ملك ومصيدة), والمقرر بثها على قناة الجزيرة يوم الجمعة 20/3/2009. وقال الكاتب الأردني باسل العكور:"إن ما جاء في الحلقة الأولى من برنامج (مع هيكل)، افتقر تماما إلى أي شكل من أشكال السرد التاريخي التوثيقي للمرحلة، حيث انصرف الراوي فيها لتسجيل انطباعاته ومواقفه وقناعاته في إطار تاريخي افتراضي رُسم في مخيلته، وزرع بشريحة كمبيوترية رديئة الصنع, سعيا إلى تلقين الجمهور العربي رواية جديدة للتاريخ الذي استمد (هيكل الجزيرة) لوحاته وخرائطه من المصادر ذاتها . وأضاف قائلا:"رغم فداحة الجرم, إلا أننا يجب أن نركز على دوافع الرجل قبل أن نهتم بمضمون ما قاله, ولأنه لا يوجد في السياسة فكر بريء، فإننا يجب أن نفكر 100 مرة بما وراء افتراءاته في هذا التوقيت, لأن البراءة والموضوعية هي مسائل اشتد عداؤه لها- بجانب استعداده الفطري- بعد انضمامه إلى الفريق العامل في الجزيرة" . وتابع قوله: إنه يكاد يجزم بأن هذه الافتراءات لم تأت في سياق حديثه عن مرحلة كان هو شاهد على ما جرى فيها من أحداث, وليست محاولة فردية صادقة لسرد وقائع تاريخية مسكوت عنها, معتبرا الأمر محاولة من الجزيرة لتوظيف سلاح التاريخ الذي يصلها نسخ جديدة ومفبركة منه لممارسة ضغط إعلامي موجع على الأنظمة السياسية لتمرير أهدافها، لا سيما وأن الأردن بات هدفا لإسرائيل جراء موقفه الرافض تماما لصيغ الحل النهائي التي تحاول إسرائيل فرضها على العالم. ومن جهته قال النائب في البرلمان الأردني خليل عطية:"هكذا يتماهى هيكل في هجمته مع عقيدة أصحاب الهيكل, ولعلها ليست مصادفة أن ينبري حراس الهيكل المزعوم للإساءة لحراس الأقصى". وأوضح قائلا:"في الوقت الذي يتصدى فيه الموقف الأردني لهجمة أصحاب الهيكل المزعوم على بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ليكرس الدور التاريخي للأردن كعادته في الذود عن حمى العروبة وفلسطين, إذ أدرك الأردن من اللحظة الأولى أن إمطار غزة بالمحرمات الدولية والفسفور الأبيض المبيد يهدف إلى عزل الأقصى عن أصوله الثلاثة، فلسطين المقاومة والعروبة الرافضة والإسلام الثائر الغاضب؛ ليخرج هيكل رافعا لواء أصحاب الهيكل بكل صفاقة وقذاعة وعلى مسرح هيكل المعروف لتحقيق استراتيجية العدوان بتفتيت الأمة وزيادة تشرذمها وملء الأجواء باليأس والإحباط, ومن ثم الاستسلام لمخططات التهويد وتصفية القضية الفلسطينية برمتها وتحويلها إلى ذيول وإشكاليات هامشية هنا وهناك". وأشار عطية إلى أنه حينما قرر العرب خوض معركة التحرير عام (73) دفع الأردن بقوات من جيشه إلى الجبهة السورية للمشاركة في كسر رأس الهجمة. قال:"لو سارت الأمور كما كانت القيادة الأردنية تتأمل لشاهد هيكل الملك الحسين يصلي في المسجد الأقصى مع الجيش الأردني لو تم كسر رأس الهجمة, التي أسهم في إفشالها أصحاب الأقلام المأجورة أمثال هيكل من خلال شهاداتهم على خطورة الوضع في الكيلو متر 101" على حد تعبير عطية. وطلب النائب عطية من هيكل مراجعة كتاباته إزاء حرب التحرير عام 1973 حول خط بارليف والدفسوار، فإذا كان هيكل مختصا بعلم النفس العسكري ومؤرخا وصحفيا وإعلاميا ويتحدث بطلاقة عن الحقائق, فماذا تقول الإنجازات الكبرى التي حققها الملك الراحل الحسين؟! من جانبه قال الأكاديمي الأردني الدكتور محمد مصالحة المتخصص في العلوم السياسية:"مرة أخرى يخوض السيد محمد حسنين هيكل عبر فضائية الجزيرة في روايات تاريخية يسند فيها كثيرا من التهم والادعاءات إلى شخصيات سياسية غادرت هذه الحياة، وينسب إليها مواقف وأقوال بحاجة إلى الإثبات أو النفي من هذه الشخصيات، وهو بذلك يسيء إلى نفسه وصدقيته ككاتب سياسي ورجل دولة بلغ من العمر عتيا، وانكب دائما على نبش الماضي وصياغة المواقف وتركيبها بالصورة التي يخدم فيها أغراضا سياسية أو مادية لا تبرّئه من استثمارها لمصلحته أو لمصلحة جهات عربية وإقليمية لا تريد أن تسير العلاقات العربية- العربية إلى مرحلة الوفاق والتصالح في مواجهة التحديات الراهنة والقادمة. وأضاف الدكتور المصالحة:"لقد كان المغفور له الملك حسين موضوعا للأحاديث الهيكلية في عديد من المرات، وكانت التهمة أو الجناية أنه كان على اتصال مع الإسرائيليين، وآخرها ما جاء في الحلقة التى بثتها الجزيرة في 12\3\2009 وانصب الحديث فيها على مواقف الملك الراحل من العراق وحرب اليمن وحرب عام 67 والعلاقة مع عبد الناصر ومع سورية والجمهورية العربية المتحدة وغيرها... وفي كل هذه القضايا كرس السيد هيكل حديثه للإساءة للملك الراحل وتشويه مواقفه وصورة السياسة الأردنية، ولم يتعرض لأي من الأطراف العربية الأخرى رغم أنها كانت طرفا أو مشاركا في صنع هذه الأحداث".