لا يمكن لوسيلة إعلامية ان تلجأ إلى رجل أصبح حطاماً ثقافياً ولم يعد يصغي إليه أحد إلا عندما تتخطى هذه الوسيلة مسألة مصداقية هذا الرجل ويهمها منه تحقيق هدف لها مقصود في الإيذاء كيفما اتفق مثل قناة «الجزيرة» القطرية ولا يمكن لقناة «الجزيرة» ذاتها أن تجد شخصاً يمتهن ذاته أمام المشاهدين بالتهريج والكذب المكشوف إلا أن تلجأ لمثل ذلك الضيف السوري الذي قدمته على أنه يروي حقائق غير معروفة فقال إن الملك فهد هو الذي قتل الملك فيصل رحمه الله ضمن اعترافاته بأنه كان يحترف تنفيذ الاغتيالات السياسية ولا يمكن أن يقدم على ترويج هذا الادعاء الرخيص إلا هو وقناة «الجزيرة» لأن كل سعودي في أقصى البادية يعرف مدى ولاء الملك فهد للمرحوم الملك فيصل. أو تلجأ إلى محمد حسنين هيكل الذي لفظه النشر الصحفي ولم يجد أي قناة يبيع لها تخريفه التلفيقي إلا «الجزيرة» ذاتها التي لو وجدت طباخاً سابقاً أو عامل نقل نفايات وذكر لها أنه يملك معلومات سيئة لأي ملك سعودي لأعطته الكثير من الأموال كي يتحدث كمؤرخ تكتشفه وتقدمه للناس.. في الحقيقة من الصعب أن أُحصي مرات التلون والإدعاء والافتراء التي مرت بحياة محمد حسنين هيكل تجاه كثير من القادة بدءاً بجورباتشوف وأنديرا غاندي اللذين ذكر أنهما كانا يستشيرانه في شؤون الشرق الأوسط وبعض شخصياته السياسية حين يجتمع إليهما.. ليس كصحفي صغير حيث مهما كان حجمه في بلده لن يكون في مستوى شخصيات إعلامية عالمية قابلت الزعامتين السوفيتية والهندية. ومع هذا فهو يبدأ الحوار بطلب منهما ويأخذه إلى زاوية جانبية بعيداً عن الآخرين، مثلما وصف في أحد كتبه الطريقة التي اصطفاه بها خرتشوف في باخرة بالبحر الأحمر بعيداً عن عبدالسلام عارف وعبدالناصر وبقية الضباط «الأحرار».. إن روايات محمد حسنين هيكل عن الأموات غريبة عجيبة لا يقدم عليها أي إنسان إلا وهو خالي الضمير من أي إحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين.. لا يكتفي بالصعود على أكتاف الأحياء مثلما حاول أن يكون نصيراً لصدام حسين عند غزوه للكويت. فيتحدث عن أمريكا وكأنه البعيد عنها بينما إجازاته وتجاربه وعلاقاته كلها داخل أمريكا سواء قبل عبدالناصر أو بعده قبل أن يتم توطينه صحفياً في القاهرة، ولعلنا مازلنا نذكر ما حدث له عندما أراد أن يغمز من قناة الكاتب العالمي «كوبلاند» إثر صدور كتابه «لعبة الأمم» فتصدى له كوبلاند بعبارة مهينة قائلاً ما معناه.. «لا تقذف بالحجارة فبيتك من زجاج» بما معناه انه هو الآخر زميل في عمالة جهة واحدة.. وأكتاف الآخرين يتسلقها هيكل بما يسميه ارشيفه الخاص وهو أوراق غير موثقة فقط يدعي هيكل وحده عثوره عليها وكأنه بذلك يريد أن يغلق أي اعتراض للآخرين الأمر الذي دفع كاتباً معروفاً ومفكراً رصيناً مثل الدكتور فؤاد زكريا إلى أن يعرِّف معلوماته بأنها «إرهاب الأرشيف» حين يفبرك إما كذباً أو استغلالاً لورقة واحدة يبعدها عما قبلها أو بعدها بحيث يكون فيها ما يفتعل به مساندة رأيه.