درسنا وتعلمنا في جامعاتنا أن تخصص العلاقات العامة وتعريفه أنه هو همزة الوصل بين المنشأة وجماهيرها المختلفة للتعرف على رغباتهم وآرائهم تجاه سلعة أو خدمة معينة وتقييمها أو تعديلها أو إعادة تصنيعها أو إلغائها بالكلية، وتربينا مع أهالينا وأسرنا على أن التواصل وصلة الرحم وتعزيز المودة وصلة ذي القربى جزء من الدين وهي ميزة هذه الأمة وفخرها، وفي هذا العصر المادي الرهيب أصبحت كل هذه المثل والقيم في بعض الأحيان جزءا من الماضي إلا من رحم ربي، وفي خضم التطورات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتقنية الرهيبة في هذا العصر التي فرضت على الناس نوعا من العزلة والدوائر المعارفية الضيقة في محيط العمل أو البيت أو المدرسة أو الجامعة نلحظ ونشاهد ونقرأ عددا من الظواهر التي بدأت تطفو على السطح في المجتمعات الإسلامية وبشكل متعدد ومتزايد شأنها شأن غيرها من المجتمعات في غيرها من الدول غير الإسلامية المادية الخالية من القيم الدينية وتعود أسبابها ربما إلى التفكك الأسري والضغوط الاقتصادية والاجتماعية والتغيرات العالمية التي أصبحت تؤثر على الجميع، ونظراً لأن العديد من المنشآت العلمية في بلاد العالم الثالث التي استجدت فيها هذه الظواهر لا تأخذ البادرة في دراستها واستعراضها إلا إذا وردها توجيه من جهة معينة أو أجبرت على الاهتمام بهذه الظواهر بدافعية أدبية أو علمية من زاوية ما لحاجة معينة جعلتها تتناول مثل هذه الظواهر. والظواهر التي نتحدث عنها هي (الانتحار، السرقة، التسول، الرشوة، البغاء) إلى آخره من الظواهر التي بدأت تستشري في مجتمعاتنا المسلمة، وجاءت نتاجاً لعملية طويلة من التعرض لجرعات قوية ومتتابعة من وسائل الإعلام وارتباط المجتمعات ببعضها وقرب المسافات فيما أصبح يتعارف عليه بالشارع وليس القرية الواحدة نتيجة لتقارب المجتمعات وتأثرها بما يحدث فيها وبين بعضها البعض وازدياد طموح أبنائها وارتفاع مستوى أحلامهم وثقافتهم وتعليمهم. ما أود قوله وأؤكد عليه هو أهمية ودور أجهزة العلاقات العامة في جميع المنشآت والهيئات الحكومية والخاصة أياً كانت في التواصل مع جماهيرها المختلفة واستشعار وتلمس احتياجاتهم ورغباتهم ومشاكلهم والعمل على دراستها وتحليل أسبابها ووضع الحلول لها قبل تفاقمها، فهي المعنية بها في الخط والمقام الأول، والتي لسبب لا نعلمه دأبت العديد من الجهات على إهماله وتناسي دوره وأهميته، فيجب أن تتنبه جميع القطاعات لدور هذا الجهاز الحيوي الهام ليس على مستوى المصانع أو الأجهزة والهيئات الحكومية والخاصة بل أيضاً على مستوى الحكومات التي يفترض أن تنشئ أجهزة علاقات عامة قوية تتمتع بإمكانات لا محدودة ووسائل متطورة وأفراد أمنين مؤهلين وغير عاديين يتلمسون هموم المواطن والوطن ويوصلونها لصناع القرار والمهتمين بمعرفة احتياجات الشعوب وطموحاتهم وأحلامهم، تمهيداً للعناية بهم وتلبية احتياجاتهم ورسم وتحقيق السعادة لهم، والله الموفق.