دكتور يعمل في أحد المستشفيات الخاصة أعجب بأخلاق وأدب زميلته في العمل، أحبها، صارحها بحبه لها فبادلته نفس الشعور، تقدم لخطبتها من أهلها رسميا وتم الزواج. وامرأة تعمل مندوبة إعلانات في إحدى زياراتها العملية لشركة تجارية وهي تشرح لمدير التسويق في ذات الشركة أعجب بها وبأدبها ولباقتها، أحبها فصرح لها بما يكنه قلبه فبادلته ذات المشاعر، تقدم لأهلها فتزوجها بكل بساطة. مجتمعنا يؤمن بالحب الشريف العفيف الذي يتوج في الأخير بالزواج، ولكن عاداتنا وتقاليدنا منعته وأخفته تحت وطأة (العيب) وعباءة الخوف، فيما انتشرت مؤخرا كثير من الوسائط التي تعتبر بوابة للدخول في عالم الحب. «عكاظ» استطلعت آراء بعض الشباب في هذا الجانب وخرجت بالحصيلة الآتية: ليس محرما سارة الغبرة (23 عاما) الحب عندما يأتي إلينا لا يستأذن في الولوج إلى قلوبنا، والحب أو الإحساس فيه شيء لا شعوري، والحب ليس محرما لكن لا بد أن يكون في حدود السياج الإسلامي المعروف؛ بمعنى أن يكون بمعرفة الأهل إلا أن الحب بعد الزواج هو الأهم. وتضيف: بما أننا في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد تمنع الحب شكلا ومضمونا، فدائما ما ينتشر خلف الكواليس بسبب الخوف ووطأة (العيب) وهذا ما تعودنا وتربينا عليه منذ الصغر. ويشاطرها الرأي عالي العرياني «مجتمعنا لا يعترف بالحب قبل الزواج وذلك يعتبر من المحرمات، وعلى ضوء ذلك التعبير عن الحب لا يكون إلا بعد الزواج، وفترة الخطبة هي أساسا لمعرفة الطباع وتهيئة النفس على بدء حياة يملؤها الحب». حب قصير ويختلف معهم ناصر الجهني «إذا كان الحب قبل الزواج بفترة بسيطة أؤمن به، ولكن إذا طالت المدة عن الحد المعقول، وأقصد بها هنا فترة الخطوبة، ففي اعتقادي لن يستمر لفترة طويلة، ولكن في المقابل أجد أن الحب أساس الحياة السعيدة». الحب والثقة وجدي خياط: في هذا الزمن أصبح الكل يلهث وراء حياته ومستقبله وغفلنا عن نبض القلوب، حتى أن المشاعر تذبل وتموت مع مرور الوقت، فالحب مثل المطر يحيي الأرض الميتة فينبت فيها الزرع والأزهار، فما بالنا نظلم الحب الشريف الذي يتوج آخره بالزواج وتكوين أسرة. بيد أن المشكلة في مجتمعنا أن الشاب لا يثق فيمن يحبها قبل الزواج. ما بعد الزواج عطية القديمي: لا أحد يستطيع أن يمنعك من أن تحب، وكم جميل ذاك هو الحب، ولكن إذا وقعت فيه لا تجعله نزوة تجاهر بها أمام الناس، والحب في جميع الأديان ليس محرما، وإذا ما انبنى على الثقة والاحترام وتبادل المشاعر فلا غبار عليه. ضروري لبناء الأسرة من جانبها، تعلق الدكتورة نادية نصير، الرئيس التنفيذي لمكتب الأمل للاستشارات التربوية والأسرية والاجتماعية النفسية، أن الحب كلمة صغيرة في حروفها، لكنها كبيرة في معناها، فالحب عاطفة وشعور جميل إذا لم تتواجد في الإنسان فقد إنسانيته، فهو دفعة للعطاء والبناء والحب الصادق يحول المر حلوا والقهر انشراحا والمجتمع الذي لا تقوم علاقاته على المحبة المتبادلة يتحول إلى جحيم وتدب في أوصاله الكراهية، فديننا الإسلامي لم يحرم الحب الشريف طالما أن المقصد منه الزواج. ولننظر إلى بيت الرسول عليه الصلاة والسلام فكان يضحك أهل بيته ويحدثهم ويحدثوه وهذه السيدة عائشة رضي الله عنها تقول: كيف حبك لي؟ فيقول لها: كعقدة الحبل، تقول: فكنت أتركه أياما وأعود لأسأله: كيف العقدة يا رسول الله، فيقول عليه الصلاة والسلام: على حالها. فكيف لنا اليوم أن ننكر الحب على أبنائنا ونحرمه؟ محرم شرعا من جانبه قال الدكتور عبدالرحمن علوش المدخلي: بينما تطلق اللفظة في اللغة على ميل القلب وراحته إلى شيء ما، فإن هذه اللفظة تستعمل خطأ على الممارسات (الجنسية) خاصة بين الرجل والمرأة في مجال العلاقات الآثمة وهذا منتهى الإفساد لهذه الكلمة الطيبة والتبديل لمعناها، فالاسم الصحيح للعلاقات الآثمة هو الزنا والبغاء، ووضع الكلمات الطاهرة الطيبة على المعاني الفاسدة يفسد اللغة والذوق وكذلك يهدم الدين والأخلاق، لذلك فإننا نرى أنه لا يجوز استعمال هذه اللفظة (الحب) إلا في معناها الصحيح. إننا لو تأملنا ما يجري تحت دعوى الحب قبل الزواج لو جدنا أنها مناقضة للضوابط الشرعية في العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه جملة وتفصيلا، وأن ما يمارس تحت هذه الدعوى لا يجوز إلا من رجل وامرأة حصل بينهما ذلك الميثاق الغليظ ألا وهو عقد النكاح. مجتمعنا المحافظ تربى على القيم والمبادئ الشرعية، لذا لن يتقبل ما يحدث في المجتمعات الأخرى، ثم إن المتقرر واقعا يجد أن غالب الزيجات التي تسبق بما يسمى بالحب قبل الزواج تنتهي بالفشل، وقد أجريت استبانة في إحدى الدول العربية حول هذه الظاهرة؛ أعني بها ما يسمى بالحب قبل الزواج وتم التركيز على نقطة ألا وهي نجاح هذا النوع من الزواج فتبين أن ما نسبته 87 في المئة نوع من الزواج ينتهي بالفشل؛ بينما الزواج الذي يسمى بالزواج التقليدي وجد أن نسبة نجاح هذا الزواج مانسبته 93 في المئة، فالخلاصة من ذلك أن الحب قبل الزواج محرم شرعا. المعتاز: نهايتها طريق مسدود رأى الدكتور إحسان بن صالح المعتاز الأستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، أن هناك محاذير عديدة لتعارف الجنسين عبر التخاطب الخاص (الشات)، فقد يصل إلى أحاديث خاصة والشيطان يزين ويجمل مثل ذلك للانطلاق نحو أحاديث أخرى، ومن ثم قد تصل العلاقة في وقت من الأوقات إلى ما لا يحمد عقباه، ولذا فنحن نقول: «إن مثل هذه العلاقات غير مباحة لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وكل ما يؤدي للمحرم فهو محرم». وأضاف أن ما يدعيه البعض من أن هذه العلاقات قد تؤدي للزواج، فنقول: إن مثل ذلك يعد أمرا نادرا، والنادر لا حكم له، بل الغالب المشاهد أن معظم هذه العلاقات تنتهي إلى طريق مسدود، فالرجل في الغالب لا يثق بامرأة تعرف عليها عن طريق الشات أو الهاتف؛ لأنه يخشى أن تكون لها علاقات أخرى مع غيره، وإذا حصل أن تزوجها فسينظر إلى كل دخول لها لشبكة الإنترنت أو مكالمة هاتفية تهمس بها أنها مع شاب آخر تجاذبه وتباسطه أطراف الحديث كما كانت تفعل معه قبل الزواج، ناصحا الشباب والفتيات بألا يتعلقوا بمثل هذه العلاقات، فهي أشبه ما تكون ب(سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء). اللويحق: أوسع أبواب الابتزاز بالنظر لواقع هذه الوسائط الإلكترونية وحجم الانفتاح فيها وصعوبة التحكم بها ومشكلات الاختراق، وبالنظر لضوابط العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة في الإسلام، لا يرى جميل اللويحق جواز أي صورة من صور التعارف بين الرجل والمرأة من خلال هذه الوسائط وما يشابهها مما يمكن أن يطلق عليه الأبواب الخلفية والنوافذ، وعلى كل باحث عن علاقة لقصد مشروع أن يطرق الأبواب، ففي السؤال والبحث الاجتماعي ما يمكن أن يكون لديه صورة تسمح له بالإقدام على الخطوة اللاحقة أو تصرفه عنها. وأضاف أن ما ينشر عن قضايا الابتزاز بصورة يومية تقريبا، يكشف أن هذه الأدوات هي الوسيلة الأكثر استخداما للوصول إلى هذه المآرب الخبيثة، لذلك فسد هذا الباب هو الأقرب لتحقيق المقاصد الشرعية من حفظ كرامة المرأة وصون عرضها من أن يكون عرضة لما لا يحمد من قول أو فعل، مؤكدا أن التسهيل في هذه المسألة فد يقود إلى شرور كثيرة، ولكن ينبغي أن نميز بين التعارف وبين ما قد تستخدم به هذه الوسائل من توجيه سؤال علمي أو استشارة مناسبة مجردة من ما قد يحولها إلى حالة تعارف وعلاقة، وهذا يكون عادة مع من عرف بالعلم أو بالتخصص في باب معين فهذا باب آخر وليس داخلا في مفهوم التعارف.