ما يلفت هو أن أطلق زياد تسمية تصنيفية نقدية لهذه الفرق –أو هو تيار موسيقي عربي معاصر- ب " موسيقى استشراقية" وقد عرفها بأنها إقحام الإيقاع الغربي بالآلات الموسيقية الشرقية أو بأنها "تلزيق" فيزعم أن الدي جي D.J هذه وظيفته على أحسن وجه يؤديها لكنها ليست وظيفة الموسيقي والملحن، وهو ما جعله يرى في تجربة ياسمين حمدان بأنها "مهزوزة"، وقد ثمن تجربة كل من حازم شاهين صاحب فرقة "اسكندريلا" وهاني عادل عضو فرقة "وسط البلد" لكن لعلها من قبيل التشفي كذلك في وجهها الآخر مجاملة شخصية نبيلة لمشاركتهما معه في برنامج الحفلة. لهذه الفرق الغنائية جمهور جديد أقر به وشهدته بنفسي، وهي لا زالت في طور التكوين والممارسة من حقها أن تأخذ فرصتها فهي – كما هو زياد الرحباني في بداياته- تقدم صورة جديدة لطموح جيل عربي في وضع أغنية تعبر عن زمانها ومفاهيمها الذهنية ورؤيتها الجمالية، ولا تعدو هذه الملاحظات سوى باب مناكفة الأجيال برغم تثمينه –وهما جديران به- لتجربة تانيا صالح وعصام الحاج. يعيد المبدعون الكبار ذات الغلطة حيث أخذت مواقف سلبية بين الأجيال بعضها تجاه بعض، ولا تنسى تلك المواقف في أرشيف الصحافة العربية تجاه تجربة محمد عبد الوهاب وبجانبه كل من ليلى مراد وأسمهان ثم في فترة لاحقة عبدالحليم حافظ وفيروز وفي فترة ليست بعيدة الموقف تكرر من تجربة زياد الرحباني لكن أن يكرر زياد نفسه هذا الأمر فهو ملفت رغم أنني رأيت أن الصحفي الزميل كان ينتزع منه الإجابات نزعاً! لكن ما يهم هو أن هذا الحوار يفتح زاوية التفكير في روافد زياد الرحباني الموسيقية، فهو حين يشير إلى الأثر المصري في أعماله الغنائية –وهو بطبيعة الحال ليس أثراً مصرياً صرفاً-، ومداومته عزف مقطوعات الجاز الأمريكي واللاتيني –وتسرب ذلك إلى ألحانه التجديدية-، فإنه يدفع بالتفكير بحثاً عن أثر مدرسة الأخوين رحباني اللحنية والموسيقية، ومدرسة فيروز الأدائية والغنائية. ودعونا نعود إلى حوار أجراه يحيى يوسفو في ذات الصحيفة وإنما حين زار زياد الرحباني القاهرة في حفله الأول عام 2010، فماذا قال زياد الرحباني ؟. "الفن موجود فى طبيعة الإنسان ويمكن للشخص البسيط أن يتذوقه بمجرد سماعه، ولا يمكن أن تفصل الفن عن أحداث الحياة سواء سياسية أو اجتماعية، وبداخل كل إنسان فنان يظهر عند سماع الموسيقى أو رؤية شىء جميل، والإنسان لا يخترع شيئاً، فكل شيء موجود ويمكن الكشف عنه، أما الإبداع فيحدث عندما تنضبط كل الأمور مع بعضها، وتأليف الموسيقى أو ارتجالها شيء من عندالله ليس للإنسان دخل فيه، ولو سئل مؤلف موسيقي كيف أبدعت هذه النغمة أو الجملة الموسيقية لا يستطيع الإجابة".