صدور أسطوانة "إيه فيه أمل" (إنتاج فيرو، 2010) تعيد إلى الأذهان تجربة العمل بين الصوت فيروز، دون الممثلة، والملحن زياد الرحباني، بالإضافة إلى أنه الكاتب الغنائي والموسيقي والعازف في عمله مع فيروز غير أنه أيضاً الإعلامي والمسرحي والممثل والكاتب الصحافي. هذه الأسطوانة تمثل حيوية استمرار تجربة مغنية طالت مسيرتها الإنتاجية لأكثر من نصف قرن، وهي لا زالت تؤكد صمود هذه التجربة لتقديم اللافت والجدير بالتأمل. وتؤكد الأيام أن فيروز ووردة –شبه المتقاعدة رغم أنها تحضر لأسطوانتين دفعة واحدة- بالإضافة إلى الغائب الحاضر عبدالحليم حافظ هم من سيطر على مشهد الغناء العربي طيلة المنتصف الثاني من القرن العشرين والواحد والعشرين بينما تراجعت أصوات رغم تواجدها سابقاً. وتؤكد تجربة فيروز وزياد ما يتعدى الكثير من التفسيرات الخاطئة عن إصرار عملهما بما يتعدى العلاقة الإنسانية بين أم وابنها إلى تكريس مهني عال المستوى بين مغنية متمرسة ذات تجربة فريدة في جيلها بما يتجاوز أقلمتها اللبنانية ويتخطى قوميتها العربية نحو العالم الإنساني مع أعمال غنائية للإبن زياد تقدم أغنية وموسيقى تخاطب الإنسان في كل مكان لا العربي فقط. بدأ حضور الابن زياد مبكراً في المؤسسة الرحبانية من خلال عزفه على البيانو، وهو يعزف أيضاً على البزق والأكورديون ولاعب درامز، حضر عام 1971 في مسرحية "ناس من ورق" (عزف البيانو في أغنية يا أنا يا أنا، موزارت)، ولكن سوف يشتهر بسرعة الصاروخ عام 1973 بسبب أغنية سألوني الناس (مسرحية المحطة)، كان اللحن جاهزاً بأغنية "أخدوا الحلوين" معدة للمغني مروان محفوظ، ولكن كتب عمه منصور الكلمات التي ظهرت بصوت فيروز موجهاً خطاباً من الزوجة إلى زوجها الذي أقعده المرض أثناء التحضير للمسرحية حيث وضع فيها آخر ألحانه القوية "ليالي الشمال الحزينة، رجعت الشتوية، ومحاورة وردة" ثم أكمل زياد المشاركة في أعمال الأخوين رحباني سواء في المسرح أو المهرجانات. فقد قدم عام 1973 أغنية قد إيش كان فيه ناس في (مهرجان قصيدة حب) ثم عام 1974 شارك في مسرحيتين بأغنيتين ومقدمة موسيقية، وهي أغنية نطرونا كتير (مسرحية لولو)، وأغنية حبو بعضن (مسرحية ميس الريم، بالإضافة إلى المقدمة الموسيقية)، وشارك عام 1976 بأغنية يا جبل الشيخ (منوعات معرض دمشق الدولي، بالإضافة إلى المقدمة الموسيقية). وشهدت هذه المرحلة نهاية عمل فيروز مع الأخوين رحباني بعد طلاقها من عاصي الرحباني، وكانت قد مثلت آخر مسرحية "بترا 1978" غير أن أسطوانة "وحدن 1979" التي تعد منعطفاً في التجربة الغنائية لفيروز توحي بأن زياد كان يتحين الفرصة تحت رغبتها وبمساندة خفية من والده. فإذا بزياد حسب اقتراح منه، وفي حوار معه أنه اختيار من فيروز نفسها أشارت أن تعيد غناء ثلاث أغنيات وضعها في أعمال مسرحية وسينمائية، وهي أغنية "بعت لك" من مسرحية نزل السرور 1973، "البوسطة" من مسرحية بالنسبة لبكرة شو؟ 1978، "وحدن" من فيلم نهلة 1979، وذكر زياد أن اختيار أغنية "البوسطة" جاء بطلب من والديه حيث شدت بها فيروز في حفلة الأولمبيا- باريس عام 1979. وتوالت تجربة زياد مع فيروز ففي عام 1987 أسطوانة "معرفتي فيك"، ثم" كيفك إنت؟ 1991"، وأعاد توزيع عشرين أغنية من أعمال فيروز مع الأخوين "إلى عاصي 1995" ثم صدر بالتناصف ألحان السوري محمد محسن وزياد في أسطوانة "مش كاين هيك تكون 1999" وأعقبتها أسطوانة "ولا كيف 2001" التي تفتتح مرحلة ثانية في عمق تجربة فيروز وزياد.