أصيبت سياسة "النأي بالنفس" المتّبعة منذ اندلاع الثورة السورية من حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي بعطب أساسي، بعد انغماس أكثر من طرف لبناني في نيران الحرب، وإعلان "حزب الله" مرارا أنه منغمس في الدفاع عن قرى ريف القصير التي يقطنها سكان من الشيعة. ومنذ ثلاثة أيام تقع صواريخ مصدرها الجانب السوري على قرى في قضاء الهرمل، وسقط أمس صاروخ جديد في خراج محلة "سهلات الماء" قرب بلدة القصر. وبعد مقتل شخصين وجرح أربعة نتيجة سقوط صاروخ منذ يومين على بلدتي "القصر" و"حوش السيّدّ، شيّعت منطقة الهرمل وقرى القضاء الضحيتين وهما الفتى عباس خير الدين (13 عاما)، وعلي حسن قطايا، وسط أجواء من الغضب والاستنكار، وأقفلت مدارس المنطقة والمحال التجارية والإدارات الرسمية. وجدّدت عشائر وعائلات الهرمل مطالبتها الدولة والمسؤولين حمايتهم وردّ الاعتداء عنهم. وواكب لبنان هذا القصف على أعلى المستويات، فعقد اجتماع أمني في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال سليمان، أعلن على اثره أن " وزارة الخارجية والمغتربين ستقوم بالاتصالات اللازمة لعدم تكرار الاعتداءات السوريّة، وأن الجيش اللبناني باشر إجراءاته على الحدود بما يكفل حماية الأراضي اللبنانية والمواطنين". وتمّ تكليف وزير الخارجية عدنان منصور "الشروع في التحضيرات لدعوة مجلس الأمن الدولي الى عقد جلسة خاصّة لبحث نزوح السوريين والفلسطينيين الى لبنان". علما بأن العدد الرسمي للنازحين السوريين بلغ بحسب آخر إحصاء للمفوضية العليا للإغاثة التابعة للأمم المتحدة 416 ألفا. وأعلن الإجتماع الأمني أيضا: "أن اي اعتداء من قبل اي طرف سواء من الجيش السوري او اطراف اخرى مرفوض وغير مقبول". مشيرا الى "أن التوجيه واضح جدا بالطلب من وزارة الخارجية توثيق الاعتداءات ورفع مذكرة للجامعة العربية لشرح هذه الاعتداءات وطلب المساعدة في مؤزارة لبنان لوقفها". هذا الترديّ الأمني دفع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي بعد لقائه مسؤول العلاقات الدولية في "حزب الله" عمّار الموسوي الى التحذير من عقبات الانزلاق الى الحرب السورية مشيرا في بيان الى الحوادث الأخيرة على الحدود بين سوريا ولبنان، قائلا:" أود ان اغتنم هذه الفرصة لتأكيد القلق في شأن الحوادث التي وقعت في نهاية الاسبوع على الحدود حيث قتل مواطنان لبنانيان نتيجة قصف من الجانب السوري للحدود. وأود اعادة تأكيد الأممالمتحدة، كما فعل مجلس الأمن الدولي مرارا، على أهمية احترام سلامة اراضي لبنان وسيادته وضرورة أن يحترم الكل سياسة "النأي بالنفس" و"اعلان بعبدا". من جهة ثانية، طالب النائب معين المرعبي رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء "التنديد علنا بتوريط "حزب الله" لبنان بدماء الشعب السوري" وقال: "لقد حذرنا سابقا من انغماس "حزب الله" بالمجازر في سوريا، وهو يجتاح بمقاتليه وآلياته وعتاده العسكري الاراضي السورية ويقوم بقصفها من داخل الاراضي اللبنانية ثم يقوم باحتلالها، مما استدعى قيام المجلس الوطني والجيش الحر السوريان بتحميل الحكومة اللبنانية التبعات وتحذيرها بالرد على الاعتدءات بالمثل من دون أن يتحرك المعنيون بشكل جدي وفاعل". اضاف: "ازاء القصف اليومي والمتنوع المصادر والذي أوقع العديد من الشهداء الأبرياء في عكار وعرسال والقاع وآخرهم كان في الهرمل، لا بد لنا الا أن نحمّل المسؤولية لرئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء (المستقيل)، لتخلفهما منذ سنتين عن تقديم شكوى الى الجامعة العربية والأممالمتحدة ومجلس الأمن من أجل تطبيق القرار 1701 تحت الفصل السابع ونشر قوات اممية لمساعدة الجيش الوطني على ضبط الحدود اللبنانية مع سوريا ومنع جميع الاطراف من التدخل في الحرب القائمة فيها".