الكثير من المجتمعات مازالت حائرة في فهم الخطاب الذي يطرحه الارهاب وعلاقته بالإسلام عقيدة، وهناك اسئلة لا بد من طرحها بهدف تشكيل مفاهيم واضحة حول فهم الدين والممارسات والعبادات التي يجب ان تكون مختلفة تماما، بل متناقضة مع الخطاب الذي يطرحه التطرف والتشدد، فالإرهاب ليس سببا للتطرف وإنما هو نتيجة حتمية له، فالإرهاب قضية ثقافية تتطلب اعادة تشكيل الثقافة المجتمعية لنبذ فكرة العنف بطريقة تفصل بين ظاهرة الارهاب. وفي كتاب (الخطاب المزدوج في سوسيولوجيا الارهاب) والذي نشرته المجلة العربية خلال مشاركتها في معرض الكتاب خلال الاسبوع الماضي يطرح الدكتور علي الخشيبان فكرة تحليلية للثقافة المجتمعية التي ساهمت بشكل مباشر او غير مباشر في صناعة بعض مظاهر التشدد والتطرف التي ادت الى بروز ظاهرة الارهاب وذلك في تحليل ثقافي واجتماعي لمرحلة مر بها المجتمع خلال الثلاثة عقود الماضية. كما يقع الكتاب في (195) صفحة وثلاثة فصول تناقش موضوعات مختلفة مع تركيز شديد على تحليل ثقافي واجتماعي لمظاهر المجتمع التي مر بها كما يركز الكتاب بشكل كبير على التحليل الاجتماعي لثقافة التطرف والتشدد ويطرح اسئلة اجتماعية حادة ومثيرة لا تستثني نسقا اجتماعيا من المسؤولية التي يمكن ان تقع عليه في حال كونه ساهم في صناعة بعض مظاهر التطرف. يطرح الكتاب فكرته المجتمعية التي تؤكد أن للتطرف ارهاصات وتحولات مجتمعية باركها الجميع في مرحلة زمنية معينة وهذه المرحلة تعرضت للاختراق من فئات متشددة ومتزمتة في مواقفها الفكرية والسياسية، هذه الفئات ساهمت في تغيير الافكار والايدولوجيا وتحويلها نحو مسارات فكرية خطيرة ساهمت في تظليل الكثير من فئات الشباب في المجتمع.. كما يعتبر الكتاب فكرة جريئة نحو النقد الاجتماعي والثقفي ومعالجة نقدية متميزة عبر طرح الأسئلة والبحث عن الاجابات الصحيحة حيث اتبع الكاتب نموذجا نقديا عقلانيا يعتمد تفكيك الظاهرة الاجتماعي وتقسيمها عبر طرح الاسئلة التي تساهم في تجزئة ظواهر التشدد والتدين المفرط للوصول الى الحقائق الصحيحة لتنبيه العقل والمجتمع نحو شكل الانحرافات الفكرية التي ساهمت في تظليل بعض ابنائه من معتنقي التطرف. ومما جاء في الكتاب مما يطرحه الكاتب من ضرورة التفكير بشكل مستقبلي دون الاعتماد المطلق على التاريخ وربطة بالمستقبل في (ص 82) "عندما نقتنع بأن هذه الثقافة التي نعيشها ورثناها منذ عشرات السنين بنفس المعايير والقيم، فنحن نقدم برهانا قويا على أن ثقافتنا ثقافة ميتة، تتستر على عيوبها، لتتحول تدريجيا الى حالة تاريخية تنظر الى الوراء وليس الى الامام.."