يامنيتي .. ياسلا خاطري وأنا أحبك ياسلام ليه الجفا .. ليه تهجرني .. وأنا أحبك ياسلام .. لك عنق الظبا ياسيّدي .. وعين المها لك وتغريد الحمام وحنا عبيدك في الهوى جمله .. يترنّم على البانه عشيّة قمري "الروضه" على غصن السلام .. ذكّرني بأحبابي وبكّاني الهوى .. جبين لك بيضاء هلاليّة وجعد اسود هنيدي رام رام .. يا آسري ليه تظلم في الهوى؟! وأنا أحبك ياسلام .. بين "الرمادة" و"الحسيني" فاح عرف الفلّ والكاذي والبشام يمسي يلاعب في الهوى هاجسي ياهركلي غنّي بالباكري ثم من خلف "الكدام" حيث الصفا .. حيث سعدك والمنى وأنا أحبك ياسلام .. يامنيتي ياسلا خاطري .. وأنا أحبك ياسلام .. ليش الجفا .. ليش هذا النصّ من أشهر نصوص الشعر الحميني الحرّ الذي يدلّ على أن القصيدة الشعبية دلّت على بساطة المفردة المحكيّة على كلّ لسان عربي ، وهذا النصّ هو للشاعر أحمد بن فضل العبدلي (1303ه/1883م-1362ه/1942م) وهو من الأسرة العبدلية التي حكمت لحج من ضمن السلطنات التي كانت تتجاور في جنوب اليمن أثناء الاستعمار البريطاني لعدن مثل السلطنات القعيطية والكثيرية والكسادية في حضرموت وغيرها من السلطنات في شبوة ويافع وغيرهما ، واشتهر الشاعر برتبة تقلّدها في العسكرية وهي رتبة "القمندان" ، ويمتاز شعره ببساطة المزارع وفرحة الفلاح حيث عشق الأرض الخضراء وتغنّى بها وهو صاحب بستان "الحسيني" الشهير الواسع بلحج بمساحته 75 فداناً ويشمل عدّة بساتين هي: بستان الحسيني والرمادة وغرّة العين والبحيرة وحيط البصل، وكان قد جلب كثيراً من غروس أشجار الفواكه من الهند كالاترنج والليمون والعاط والخرنوب والشيكو ، والبيذان والمانجو والتمبل وغيرها، ومن الرياحين الفل والكاذي والنرجس والياسمين والخوع والحنون وغيرها ، ومثّلت بساتين الحسيني مغاني طيبة للشاعر ، وقد زار البستان لشهرته عدد من الشخصيات العربية المرموقة مثل: أمين الريحاني ، محمد الغنيمي ، عبدالعزيز الثعالبي ، صالح جلبيت ، وبعثة مجلة العربي الكويتية في استطلاعها عن لحج في العدد 84 نوفمبر 1965م، وأما الروضة المذكورة في النص فهي حديقة بالحوطة يقع بوسطها قصر السلطان العبدلي، وهي اليوم كلية الزراعة ، وقوله: رام رام، تعني بالهندية الله الله، والكدام قرية قرب الحسيني . أمين الريحاني ترك القمندان ديوان شعر عنوانه: "المصدر المفيد في غناء لحج الجديد، وكتباً مثل "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن" "لمن النصر اليوم" "الخزائن المظلمة" "وداع بيت أكبار" ، وغيرها من الكتب ، وقد زاره الرحّالة اللبناني الشهير أمين الريحاني وأسماه في كتابه "ملوك العرب": شاعر لحج وفيلسوفها، ووصفه بسلك الكهرباء في لحج ، وهو ابو الغناء في جزيرة العرب، وشاعر فحل، وكاتب مجيد، ومؤرخ ثقة، كتب الشعر الحميني فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم، وماتلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام . يقول الباحث الإماراتي الشيخ خالد بن محمد القاسمي " في الفترة من 1883-1942م تلك الفترة التي كانت تشهد فيها اليمن تخلفاً واستعماراً حجباها عن العالم، يعتبر هذا الشاعر الأديب قدم الكثير، ولم يقتصر القمندان على الشعر الغنائي فقط بل لنا كتاب "أخبار لحج وعدن" والذي ساعد على انتشار أدب القمندان هو اهتمامه بطبع أدبه وثقافته في كتب ودراسات في مصر ولبنان" أ.ه قلتُ: فمن منا لا يشعر بالدور القوي الذي لعبته أشعار القمندان حينما يقول: إذا رأيت على شمسان في عدن تاجاً من المزن يدوي المحل في تبنِ قل للشبيبة نبغي هكذا لكمُ تاجاً من العلم يمحى الجهل في اليمنِ! وهو القائل: "هل اعجبك يوم في شعري غزير المعاني" التي وصلت إلى الآفاق ، والحقيقة أن القمندان لديه قصائد غير غنائية كثيرة حيث تحدث كثيراً عبر قصائده عن الأحداث السياسية والاجتماعية والتاريخية ، كما أنه وزن على أوزان مستحدثة لعلنا نوردها في موضوع مستقل، كما استخدم فنوناً تهامية مثل الموشّحات التي لم يعرفها جنوب اليمن، ومن قصائده التي قالها عندما بدأت حملة سعيد باشا على لحج في عام 1323ه وهي على اللحن الصخري/المسدوس الموافر للوافر (مفاعلتن مفاعلتن فعولن): طلبنا الله ذي يغفر ويرحم وذي ينجي عباده من عذابه وصلّى الله ربي ثم سلّم على طه وآله والصحابه واخو محسن سمع قرى تنغّم سجع من فوق مطلول الكزابه وعلاّ النون من عينه وهيّم ذكر أهل المودّه من صحابه عمدنا بالحسيني قد لنا جم قريب الواد ذي تعوى ذيابه سهون الماء إذا ربي تكرّم نبا نسقي "الرماده" من عبابه وبعده وارسولي قم تحزّم وسر للدار ذي بيضاء قبابه تنشّد لي في "الحوطه" تعشّم على العلم الذي في السلك جابه وقالوا لي علي مانع وصل ثم وسلطان الحواشب مرحبا به عسى ماشي خرب في جول مدرم ولا شي صاب منّاعه وذابه كما التركي تقولوا لي تهمهم يبا يلقي الشوافع في جرابه يمين الله ربي لو تقدّم على أرض الشوافع واعذابه! وباتروى أروض الله بالدم وبنا من وصل نتّفنا شنابه! ابن فضل وفي قصيدته "قضية المواتر" التي قالها في شهر صفر سنة 1348ه على فن المروبع/المبيّت الثلاثي ، وعلى بحر الرمل (فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن) بإسقاط السبب الأخير كما فعل تماماً محسن الهزّاني – رحمه الله - ، يذكر القمندان مشكلة الازدحام والمشاكل الأخرى التي تمسّ الشعب اللحجي في المواصلات ، كما فعل تماماً شعراء نبطيون كثر في وقت قريب مثل الشاعر عبدالله السلّوم –رحمه الله- الذي أسهب في كثير من القصائد حول مشاكل المرور ، يقول القمدان: قل به جيناك شف معنا خبر كم وقع في الأرض هذي من عبر قلّعوا السكّة ولا خلّوا أثر قال ويدردن مايسمع كلام كم تخابرنا وسوّينا بصر والفرنجي مارضي يسمع خبر كملت الحيلة وضيّعنا الفكر وعن اللحم اكتفينا بالعظام! يوم جانا "الفورد" يمشي في الردف كلّنا من "قهوجي" ناخذ سلف والمخارج بايخارج بالصدف اركبوا باب الكرى سنب وقام حطّوا الرّكاب فيها أربعين كانها قصّة حشوها ساردين هكذا قانوننا يامسلمين؟! في مواترنا مصيبة وازدحام ذا تبنشر ثم ذاهب الكمان حيّر الركّاب للساعة ثمان اركبوا بايصلح الله كل شان ما معانا "ليت" والدنيا ظلام ينزل الراكب من الموتر حنون من ضنا الركبة ومن شغل الجنون اركبوا ماقدّر الله بايكون الكرا بس ادفعوا وافي تمام شاف ويني جورهم لما بكى قال ياربي إليك المشتكى بطّلوا القانون وافتك الوكا دائم الأسنان مايبرأ خصام ضدّهم ويني من الأمر النكير ركّبوا المطفاح لا دار الأمير معركة لما المغوّر بايغير لا حياء فينا ولا نخشى ملام الكرا في التيكسي نصّ ربيه والمواتر قاربت نحو الميه والزرايب في الحوافي مخشيه بالجرشيوبات أبناء اللئام هل تشأ من بعد هذا أن نزيد قد دخلنا اليوم في العصر الجديد! دلّنا يا الله على الرأي الشديد والخبر بايفتهم من بعد عام المصدر المفيد في غناء لحج