حرِص سكان العاصمة الرياض على تجميل محيطهم بالخضرة، وبدأوا لكنها بداية غير حسنة. جلبوا أنواعاً من النباتات من المشاتل التي كانت تكثر في المدينة، وزرعوها في منازلهم وأيضا في الواجهات، وتحمل تلك النباتات من الأسماء أغربها. ما يدل على أن أرض نجد ليست البيئة المناسبة. نوع من الشجر ظللنا نُسقيه فلما نما وتمكن من الأرض مدّ جذوره يمنة ويسرة ووصل إلى مجاري المنزل . كان شرِهاً وأيضا طماعا يلتف على ما حوله من شبكات خدمات فألحق أذى وضرراً، فقرر الناس التخلص منه، ولم يكن ذلك بتلك السهولة. هذا من الناحية البيئية. أما من الناحية الصحية فيكاد يُجمع أهل الرعاية الصحية أن الطلع، (polline) مسبب للحساسية الأنفية والتنفسية الموسمية التي ما كنا نعرفها من قبل. ربما أُصيب ذلك النوع من الشجر بالإحباط فأراد أن يغير انتقامه من مائنا. النخلة بفوائدها التي لا تُعد، غذاءً وتجهيزاً منزلياً، لم تكن تُسبب حساسية ولا حتى للمواليد الصغار، وكذا شجرة الأثل (عمرنا منها مدناً وأسواقاً) تُرسل الأفياء الوارفة للقوافل، ولا تحتاج إلا القليل من الماء في بداية غرسها، فكان الفلاحون يجدون فيها صادّا مثاليا للرياح والرمال، وينام في ظلها الركبان، ويصحون فجرا دون حاجتهم لأدوبة الأنف والأذن والحنجرة. ليست الملوثات البيئية في منتجات البترول وحدها، فذاك الشجر لم يلوّث فقط بل جعل منا زبائن للطب والصيدلة. لا أميل إلى نظرية المؤامرة، وإلا لقلتُ إن الذي حبّب إلينا أن نخلق ظلًا أو فيّا به من أشجار غريبة عن البيئة، هو أحد وكلاء شركات الدواء..!! ولدينا من غرائب التسمية ما لا نعرف كيف اخترناها: واشنطونيا، كوربوس، أكاسيا، جهنمية إلى آخره، والأخيرة لا يغلب على اسمها الرومانسية، ولا تصلح اسماً لشجرة أُريد بها الزينة والاستئناس وتمتيع النظر.. هل تلك بدلًا من النخلة والنيم والأراك والطلح والسدر اللواتي يعرفننا ونعرفهن؟