كانت الساعة تقترب من السادسة مساء حين صعد رئيس البلدية بيتر زل إلى منصة وسط ميدان شاسع في هذه البلدة الجنوبية على نهر الدانوب مرحبا بآلاف من المواطنين وفي نهاية كلمته اطلق العبارة الشهيرة «اوقدوا النيران». وبالفعل تصاعد الدخان في سماء الميدان إذ اشعلت النار في نحو الفي موقد للاخشاب في آن واحد ايذانا ببداية مهرجان باجا السنوي العاشر لحساء السمك. وخلال دقائق بدأ الفا مرجل مليء بالاسماك والبصل والثوم والملح والفلفل وكميات كبيرة من المياه تغلي لتتصاعد رائحة حساء السمك الشهي. ويشتهر المجريون بحبهم للطعام وأحد اكلاتهم المميزة حساء السمك. وقال بالاز كوفاكس الطالب في بودابست الذي عاد إلى موطن رأسه في باجا مع اصدقائه لحضور المهرجان «اهم ما في هذا المهرجان انك تتذوق حساء السمك الاصلي التقليد الذي ابتكره سكان باجا». ويضيف «تحصل على المذاق الحقيقي وهو ما لا يتحقق عند الطهي على موقد غاز بل فقط باستخدام المواقد الخشبية التقليدية. عادة ما يثير الدخان الضيق ولكننا نستمتع به في هذه الحالة». وبالفعل انهم يستمتعون اذ يتوافد الآلاف على باجا في شهر يوليو الدافيء لتناول الحساء على موائد طويلة صفت إلى جانب المراجل الموضوعة في الهواء الطلق. ويقول رولاند جربر الذي انتقل للعمل في المجر في الاونة الاخيرة «يقدم عدد كبير من المطاعم في بودابست حساء له نفس مذاق الحساء الالماني». ويضيف «(مهرجان السمك) هذا(احتفال) تقليدي حقيقي. هذا ما يمتع سكان البلدة وليس من اجل السائحين فقط.» وبدأ تنظيم المهرجان في عام 1996 للاحتفال بذكرى مرور 300 عام على تأسيس باجا وذلك بطهي الحساء في 300 مرجل في الميدان الرئيسي ومنذ ذلك الحين اصبح احدى المناسبات الاقليمية المهمة في المجر. وذكرت باجا في موسوعة جينيس للارقام القياسية لتسجيلها طهي اكبر عدد من اوعية حساء السمك من وصفة واحدة وفي هذا العام جلس نحو 30 الفا لتناول الحساء. ويبلغ تعداد سكان المدينة 38 الفا. وقال جابور زنتيفاني سفير المجر في هولندا وهو من مواليد باجا وأحد اصحاب فكرة اقامة المهرجان لوضع المدينة على الخريطة السياحية «كان شعار العام الاول 300 مرجل من حساء السمك لمدينة عمرها 300 عام.» وإلى جانب رائحة الحساء التي تدير العقول يسود جو ودي اذ يختلط الشبان مع كبار السن والاصدقاء والاغراب ورجال البنوك والعمال ويتجاذبون اطراف الحديث ويتناولون الحساء والشراب ويستمعون لموسيقي حية ويستمتعون بالالعاب النارية البديعة. وعلى بعض الموائد تجري منافسات لتحديد افضل حساء. وتعترف مارتا لازلوفالي «اضفت كميات أكبر من الثوم في حسائي». وتمتد الموائد من الميدان إلى الشوارع القريبة وإلى منازل بعض العائلات وجزيرة على احد افرع نهر الدانوب. ويكفي الطعام جيشا والجميع محل ترحيب. ويضيف زنتيفاني «يقدم عدد من المطاعم حساء السمك... ولكن هناك قاعدة غير مكتوبة إذا تجولت وكونت صداقات وعلاقات واردت تذوق الحساء فسيتم دعوتك.» ويقدم المهرجان دعما اقتصاديا تحتاجه بشكل ملح المنطقة التي تعترف الحكومة بانها متخلفة.