لم أجد فنانا اجتمع الناس على حبه مثل الموسيقار الراحل العميد طارق عبدالحكيم ، فهو على الرغم من تاريخه الحافل بالتحديات إلا أنه حافظ على علاقته مع الجميع فكان الصديق المقرب والعرّاب الفني الذي لم يبخل بموسيقاه والحانه على أحد. هذا ما شعرت به من خلال اللقاء الذي جمع عددا من محبيه ورفاق دربه من الفنانين والموسيقيين والشعراء ليلة الخميس الماضية لإحياء الذكرى الأولى لرحيل عميد الفن السعودي في متحفه في جدة. الكل تحدث عن انجازات الفقيد وكيف أنه أسس أول فرقة عسكرية للموسيقى إبان عمله في الجيش، وعن تطويره وتوزيعه الموسيقي للنشيد الوطني، وترؤسه لمجمع الموسيقى العربية لفترتين، وحصوله على جائزة اليونسكو للموسيقى كأول عربي يحصل على هذه الجائزة الرفيعة. أيضاً تحدث من حضر عن الحان الموسيقار التي تغنى بها نجوم الفن العربي كنجاة الصغيرة، وفايزة أحمد، وصباح، وسميرة توفيق، بالإضافة إلى وديع الصافي وفهد بلان، وخليجيا عشرات الفنانين وعلى رأسهم الراحل طلال مداح، وفنان العرب محمد عبده الذي لحن له العميد، سكة التايهين، واسمر عبر، ولنا الله، ورحت يم الطبيب، ويا ناعس الجفن وغيرها من الألحان الراسخة التي ساهمت في نجومية أبو نورة في بداية مشواره الفني. في ليلة العرفان تلك غنى محمد عبده كما لم يغن من قبل. وشاركه الحضور الغناء والتصفيق، وكان لافتا حديث فنان العرب بوفاء عن ذكرياته مع طارق عبدالحكيم وعن الدور الذي لعبه الراحل في تطوير الموروث الموسيقي السعودي وكيف ساهم في إيصاله للعالم. في تلك الليلة استمتع الحضور بالاقتراب أكثر من تاريخ عميد الفن السعودي الذي كان متواجدا من خلال صوره ونوتاته الموسيقية ونياشينه وأوسمته ودروعه التي غص بها متحفه الذي ضم عشرات بل مئات الاسطوانات والتسجيلات الموسيقية ومثلها من المذكرات الشخصية التي خطها طارق عبدالحكيم بنفسه. اتيحت لي الفرصة لكي أكون هناك وأن اقف على جانب مهم من حياة إنسان بل من حياة وطن أتمنى أن ينال تاريخه ما يستحق من الاهتمام والحفظ والتقدير حتى لا يغيب عنا كما غاب غيره.