تغيّر الكثير من العادات المتعلقة بالزواج في مجتمعنا؛ مثل السماح بزواج الأخت الصغرى قبل الكبرى، رغم تمسّك بعض الأسر بتزويج البنات بحسب ترتيب أعمارهن؛ خوفاً من "العيب"، وتحاشياً لحديث الناس عن البنت الكبرى، وهذا كله من الخطأ الذي كرّسته ثقافة المجتمع؛ على اعتبار أن "الزواج قسمة ونصيب"، والوعي الأسري يتنامى نحو تصويب مثل تلك المفاهيم، ولكن يبقى السؤال عن موقف الأخت الكبرى من زواج أختها الصغرى؟، وما هو دور الوالدين نفسياً واجتماعياً لاحتواء مشاعر الأختين معاً؟. وعي الناس وأكدت "جوهرة العبدالله" -تربوية وإعلامية- على أن المجتمع رغم تطوّره وتحضّره مازال يخضع للعديد من التقاليد عند تطرقه لقضايا المرأة ومشكلاتها المختلفة، بما ينعكس سلباً على حياتها. وقالت:"رفض زواج الأخت الصغيرة قبل شقيقتها الكبيرة لا يزال سارياً للأسف، بينما يفترض أن يكون الأمر طبيعياً، حيث سيّرته ظروف الأسرة نفسها، أو لتميّز الأخت الصغرى بمزايا قد لا تتوفر لدى شقيقتها الكبرى؛ ما يجعلها محط اهتمام وإقبال من قِبل الأسر لاختيارها زوجة لابنهم". وكشفت "أم يوسف" -ربة منزل وأم لثلاث بنات وولدين- أنها رفضت تزويج أصغر بناتها لشاب من عائلة كريمة؛ حرصا على مشاعر شقيقتها الكبرى، خصوصا أنها قد تخرجت من الجامعة قبل عامين ولم تتزوج بعد، مبينة أن رفضها جاء لعدد من الاعتبارات التي دفعتها للتمسك برأيها، أبرزها أنها إذا وافقت على زواج ابنتها الطالبة التي لم تكمل دراستها الجامعية بعد، بينما تظل شقيقتها الأكبر منها سناً حبيسة المنزل في انتظار زوج المستقبل، فهذا يعني أنها تسببت في جرح مشاعرها، وربما تتأثر نفسياً، منوّهة أن بعض المجتمعات يتم فيها الموافقة على زواج الصغرى قبل الكبرى، حيث إن تلك المسألة تعود في الجانب الأول إلى قناعات مختلفة. قسمة ونصيب وأشارت "أم فهد" -موظفة- إلى أنها كانت تنظر لزواج ابنتها الصغرى قبل شقيقتها نظرة فيها شيئاً من الحرج خوفاً على مشاعر أختها الكبرى، ومع هذا استطاعت أن تقنعها أن خطبة شقيقتها الصغرى جاء نتيجة للنصيب الذي عادة لا يُفرّق؛ إنما يختار، وهكذا تزوجت الصغرى وفي زواجها بركة، حيث لم تمض على زواجها إلاّ شهور قليلة حتى جاء نصيب الكبرى، لافتةً من الخطأ الكبير أن ترُد الأسرة خطبة ابنتها الصغرى من أجل مشاعر الكبرى، فهذه إرادة الله؛ إما أن ترفض الخاطب تماشياً الأفكار التقليدية المتوارثة، وفي ذلك ما فيه من ضياع فرصة قد لا تعوّض. وأوضحت "وضحى سالم" -تربوية- أن خطبة الابنة الصغرى وزواجها مبكراً قبل شقيقتها يسبب حزناً داخلياً، حيث من الممكن أن تقبل الأسرة ذلك على مضض، فتعيش البنت الكبيرة مشاعر متفاوتة بين الفرح لشقيقتها والحزن على عدم زواجها؛ مما قد يكسب الفرحة مظهراً غير سعيد، منوّهة أنه يجب عدم رفض زواج الصغرى قبل الكبرى؛ لأن الزواج نصيب، وعندما يُطرق الباب لا يجب أن يُمنع دون سبب مقنع، فلا يجب أيضاً أن يُجمّد نصيب الصغرى من أجل زواج شقيقتها الكبرى؛ لأن النصيب مكتوب حتى وإن جاء متأخراً. تعاون وفرحة وروت "سلوى" قصة زواجها، قائلة: "من حسن حظي خلال دراستي بالكلية أنني كنت على علاقه بزميلة على درجة كبيرة من الود، وبالتالي رشّحتني للزواج من شقيقها على الرغم من أن لدي شقيقات يكبروني عمراً، وبعد أن تقّدم شقيقها رسمياً لوالدي تردد في البداية، لكن كانت والدتي على قدر كبير من الحكمة فاقنعت والدي وشقيقاتي، وتحقق الزواج، والآن أعيش سعادة كبرى، وتزوجت قبل شهور إحدى شقيقاتي من ابن عم زوجي"، مبينة أن شقيقيتها ساعدتا والدتهما في تحضيرات زواجها، من ناحية اختيار الملابس وفرش شقة الزوجية، ولم تلحظ عليهن الغيرة أو الإحباط من زواجها قبلهن، منوّهة أنهن مؤمنات بالنصيب ولله الحمد. وذكرت "شعاع" أن شقيقتها تزوجت قبلها على الرغم من أنها تتفوق عليها من نواحٍ عدة، وكان زوجها ملائماً لإمكاناتها وفقاً للجوانب الاجتماعية والتعليمية، ولم تكن ظروف اختها تسمح بتوفر زوج أنسب منه، وتزوجت منه فعلاً دون أن تشعر بأي غضاضة من ذلك، ومضت الأيام، وأصبح نساء إسرتهن يتساءلن عن عدم زواجها، ولماذا قبلت إسرتهم بتزويج شقيقتها الصغرى قبلها، مما قد يؤثر على سمعتها ويسيء لها -على حد تعبيرهم-، منوّهة أن النصيب المناسب جاء في وقته، ولم تتأثر بزواج شقيقتها قبلها. تقلص الفرص وقالت "سهام" إنها فقدت كل فرص الزواج إلى أن بلغ عمرها (35) عاماً، بسبب تعنّت أهلها ورفضهم زواجها قبل أن تتزوج اختها الكبرى، مبينة أن المتقدمين إليها أصبحوا غير ملائمين -بالنسبة لها- إما أن يكونوا متعددين وهي لا ترغب، أو الفارق العمري بينهما كبير جداً لصالح الرجل، ذاكرة أن شقيقتها تزوجت أخيراً قبل عامين كزوجة ثالثة لرجل مسن، مبينة أن والدتها لم تكن تتوقع تلك النتيجة عندما كانت ترفض المتقدمين لخطبتها على الرغم من أنها متعلمة وموظفة. وأوضحت "غادة" أنها شعرت بالحزن عندما انشغل أهلها بتجهيز زواج شقيقتها الصغرى دون إشراكها وهي لم تتزوج بعد، ولكنها اكتشفت أن الأمر طبيعي جداً، وبدأت تتناسى الأمر تتدريجياً، والحكمة تقتضي أن تتأقلم مع الوضع الجديد، حيث إن والدتها أبعدتها عن أجواء حفل الزواج لكي لا تتأثر نفسيتها، أو تشعر بألم وغيرة، ومع الأيام بدأت تشاركهم في مساعدة شقيقتها وتجهيزها.