أصبح التحرش الجنسي بالمرأة في بيئات العمل والأماكن العامة ظاهرة خطيرة، لن يتم القضاء عليها ما لم يوجد نظام صارم لا يستثني أحداً، وتستمد قواعدة من الشريعة الإسلامية، وقوانين العمل المعلنة؛ بيد أن ذلك النظام تأخر أكثر مما يجب في وقت تسابق المرأة نفسها للمشاركة في برامج تنمية الوطن، والبحث عن فرص العمل الشريف للحد من البطالة، حيث باتت الحاجة إلى ذلك النظام أكثر إلحاحاً من ذي قبل. وفرض تطبيق "قانون مكافحة التحرش الجنسي" في معظم بلدان العالم المتحضّر أمناً سلوكياً للمرأة، ولم يتجرأ أحد على أن يسيئ إليها في أي مكان عام، أو بيئة عمل، وهو ما نحتاج إليه بشكل عاجل في مجتمعنا دون الاكتفاء بتعاميم منع وتحذير ولفت نظر، وعقوبات متفاوتة غيّبت الرادع أمام المتهورين. وقد درس مجلس الشورى أهمية وجود نظام للتحرش، من لجنة الشؤون الاجتماعية بمساعدة من علماء في الدين وعلم الاجتماع، ولكن بعد وصول دراسة النظام إلى مراحله النهائية، ورد إلى المجلس من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية نظام أشمل هو نظام ''الحماية من الإيذاء''، وبعد الاطلاع عليه تبين أنه يمكن دمج نظام التحرش الجنسي فيه على اعتبار أنه يأتي في إطار الإيذاء العام، حيث صُنّفت العقوبات بالتدرج، بدءاً من الإنذار، والتقريع، والغرامات المالية، والجلد، والسجن، إلاّ أن القواعد بحاجة إلى تقنين وصياغة لوائح تكون أكثر وضوحاً؛ بهدف أن تصبح رادعة عن ممارسة هذه المخالفات، كما تكون إمارات المناطق هي المسؤولة عن التطبيق حتى يتم إقرار جهة أخرى. العالم المتحضّر حصّن المرأة ب«القوانين» في بيئة العمل والأماكن العامة ولم يتجرأ عليها أحد عقوبات رادعة وذكرت "نادي سراج" -أخصائية اجتماعية- أن حالات التحرش الجنسي زادت في الآونة الأخيرة سواء للأطفال أو المرأة العاملة، أو الفتاة في الأماكن المختلفة، وبأشكال مختلفة سواء ككلمات ساخرة أو نكات خادشة، وفي تارة أخرى يصل إلى تلميحات جسدية تسيء وتهين من يقع عليه التحرش؛ مما يجعل الإسراع في إقرار نظام يكفل للمرأة حقها في الخروج من بيتها آمنة لمجال عملها، أو لقضاء حاجتها، ضرورة قصوى، وحتى تكون آمنة على أبنائها أثناء خروجهم من مدارسهم. وقالت إن العقوبات يجب أن تكون رادعة، وتتفاوت ما بين العقاب المادي والمعنوي؛ لأن كثيراً من الفتيات اليوم أصبحن يخشين الحديث عن تعرضهن لأي نوع من التحرش لمعرفتهن أن الفضيحة ستكون كبيرة بدون أي عقاب للمتحرش، فأصبحن يتكتمن على ما يحصل لهن؛ مما ساهم بشكل كبير في تكرار هذه التصرفات غير السويّة، والتي تتسبب بكل تأكيد في التأثير السلبي على المتعرضين لهذا النوع من التحرش. وأيدت "سراج" وجود نظام لمكافحة التحرش الجنسي بما يساهم في الحد من مثل هذه التصرفات، مطالبةً بضرورة اقتراب الآباء والأمهات من أبنائهم؛ حتى يتمكنوا من نُصحهم ومساعدتهم منذ طفولتهم، ليبوحوا لهم بما يتعرضون له دون خوف أو إحراج؛ فالأمر يحتاج أكثر من مجرد النصح وتوجيه إرشادات غير مكتوبة.. يحتاج إلى قوانين وآليات حماية رادعة وواضحة، ولابد من تدريب الناس وتوعيتهم بتلك القوانين وإبرازها للجميع. فوضى اجتماعية وأكد "د.محمد الوهيب" - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود - على ضرورة أن تكون الرؤية للنظام واضحة ومتزنة، وإذا بدأ تنفيذه يتم بطريقة شاملة في كل مكان؛ لأن النظام سيؤدي لتأخير العقوبات إذا نُفذ بشكل جزئي، مبيناً أن الدين أمرنا بغض البصر، ولدينا ما نستطيع أن نقيس عليه لإصدار هذا النظام ومنها التحرش باليد والكلام أو الفعل، أو أي فعل يخالف حقوق الإنسان، وما على المسؤولين والقائمين على هذا الموضوع سوى تحويل المواد إلى تطبيق؛ مما يجعل العقاب على البعض رادعاً للكل، داعياً إلى سرعة التطبيق وتحويل النصوص الشرعية لمواد؛ لأن التأخير بإصداره يسبب تأخراً في التنمية وإشغال الجهات الأمنية والدينية، ومتابعتهم لقضايا لا توجد لها آلية معينة لتحديد الذنب والعقوبة، فضلاً عن زيادة أعباء كثيرة على المحاكم؛ لذلك فإقرار النظام يجب أن يكون تابعاً لمؤسسة كبيرة وتطبق بشكل شامل في جميع أنحاء المملكة بطريقة واحدة دون اختلاف حيث يتفاوت تطبيق بعض اللوائح في بعض أنحاء المملكة، مبيناً أن هذا النظام يخدم المرأة والفتيات والأطفال، إلى جانب أنه يخفّف الاعتماد على بعض الجهات الحكومية مثل "الشرطة" و"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". وقال: "كثير من النساء تعرضن لتحرشات في أسواق تجارية، أو مستشفيات، أو مطاعم، وأماكن عامة، دون وجود لائحة عقوبات صارمة ضد من تحرش بهن، ولو استحدث النظام سيكون أرباب الأسر أكثر اطمئناناً على أسرهم، وأن يتعرض لهم لفظياً أو فعلياً سيجد عقوبات تُطبق على الجميع بلوائح واضحة تمنع كثير من المشكلات". «تعهد» و«لفت نظر» و«تعزير» غير كافية لردع سلوكيات مراهقين تمادت إلى «أعراض الناس».. وأضاف أن ما يحدث اليوم من بعض التحرشات بالنساء أصبحت - مع الأسف - تصرفات عابرة لدى الكثيرين من الشباب، بل قد تجد شُباناً في مقتبل أعمارهم يمارسون التحرش دون خشية عقوبة توقع عليهم؛ مما جعل الفوضى تسود في كثير من المواقع، داعياً إلى أن يحدد النظام العقوبات وفق فئات عمرية محددة، تتماشى مع درجات التحرشات، وتحقق أهدافاً أمنية وعدلية أكبر، إلى جانب ضرورة توظيف أطقم عمل بضبط الحالات في الأماكن العامة، ومدربة على التعامل مع حالات التحرش الجنسي. تجاوزات خطيرة وشدّد "د.خالد جلبان" - رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الملك خالد بأبها - على أن الدين الإسلامي لم يهمّش المرأة، وكان يسمح لها أن تعول نفسها وتعيش حياتها، فلم يعد البقاء في المنزل هو الخيار الوحيد، بل إن عواقب عدم خروج المرأة للعمل ستكون سلبية بالنسبة للمجتمع، خاصة مع تنامي أعداد البطالة، منوّهاً بضرورة وضع ضوابط صارمة لنظام التحرش الجنسي في مواقع العمل، ووضع الضوابط الشريعة ليس فقط على الرجل، بل كذلك على المرأة في بيئات العمل، مبيناً أن الحماية لابد من وجودها، حيث أن هذا المشروع إذا خرج للنور فإنه سيكون رادعاً للكثير من واقع التحرشات الجنسية. ودعا إلى ضرورة أن يكون هناك قانون صارم للتحرش الجنسي مع استخدام سطوة العمل للتجاوزات الأخلاقية، حيث أن النظام إذا حدث وأقر وحدد نوع التحرش الجنسي أو الإيذاء، فإنه سيأتي ليرتب الأوضاع ويحدد العقوبة؛ لأنه سيصنف العقوبات بحسب نوع التحرش، ويجب أن يكون شاملاً لكل الأنواع وفي الوقت نفسه يجبر المواطن على التفاعل. سلبيات التأخير وذكر المحامي "محمد الدباش" أنه من الضروري السرعة في إقرار نظام التحرش الجنسي؛ لأن التأخير يسبب سلبيات أكثر خاصة بعد توسع المرأة في مجالات العمل، مبيناً أنه تردد أنباء عن استحداث نظام أشمل هو الحماية من الإيذاء، ويدرج ضمن قواعده عقوبات التحرش الجنسي، منوّهاً بأهمية أن تكون البنود واضحة وصريحة، وتخرج للتطبيق في أقرب وقت، لافتاً أن من الواجب المطالبة بهذا القانون، وأن يكون ملزماً للسلطات التنفيذية في مكافحة التحرش عبر جهات رسمية تُطبّق العقوبات بشكل رادع. لو كان هناك نظام صارم لما تمادى المراهقون في التحرش بالمرأة التحرش بالمرأة في المكان العام سلوك يحتاج إلى ردع بقوة النظام التعدي على خصوصيات المرأة بداية التحرش