من يتابع اللقاءات التي تتم مع بعض الشباب السجناء او العائد من ساحات الجهاد ومن يقرأ ملفات الشباب صاحب الفكر المتطرف يجد عناصر مشتركة بينهم تتمثل في ينابيع فكرية تذكي روح التطرف لديهم وتنقلهم من حالة الفكر الى حالة الممارسة الإرهابية باسم الجهاد.. وشرارة الإثارة لهؤلاء الشباب خاصة وانهم صغار السن حيث تتراوح اعمارهم بين الخامسة عشرة واقل من الثلاثين عاماً تأتي في مجموعة من المغريات التي يجدها المجاهد في حال استشهاده وليس الإرهابي.. نعم يتخيل هؤلاء وبعضهم محبط او متوسط التعليم او لديه ممارسات سلوكية غير سوية في بدايات حياته ويشعر بالندم والرغبة في تطهير نفسه من الذنب.. وخلافه من الأسباب التي تجعلهم فريسة سهلة لأصحاب الفكر المتطرف..؟ والغريب أن هؤلاء الغلاة لا يسمحون لأبنائهم بالذهاب للجهاد بل ان بعضهم وهنا الغرابة دفعوا بابنائهم للدراسة في بلاد الافرنجة كما يحبون تسميتها.. تاركين الحور العين لابناء البسطاء.. مغريات هؤلاء الشباب تتنوع وترتبط غالباً بحالة الاحباط التي تعتريه وابتعاد الأسرة عنه وعدم متابعتها لفكره حيث للأسف البعض يفرح بالتغير الشكلي على ابنائه بل ويصبح هؤلاء محل تقدير واحترام بعد نبذ والسبب قصر الثوب وطول اللحية وهنا يجد الشاب انه حقق مكاسب الدنيا فيسعى لمكاسب الآخرة بالجهاد كما يعتقد والنتيجة ان زراعة الارهاب تأتي من حملة الفكر المتطرف..؟ وغفلة الأسرة للأسف يرافقها غفلة من مؤسسات التعليم والتي مازالت غائبة عن المشهد الثقافي مكتفية بدورها التقليدي مع أن المتطلب منها اكبر من ذلك خاصة مع وجود عناصر تزرع الفكر المتطرف بين شبابنا.. ربما المدارس الآن محصنة اكثر من السابق (مع ملاحظة انها دون المطلوب) ولكن نريد منها ان تكون حائط الصد ومنبع الوقاية الاول لاجتثاث ثقافة التطرف بكل ممارساتها السلوكية وليس الارهابية فقط بل كل اشكال التطرف الفكري.. في الجانب الثاني من المشهد لابد ان تتحمل الاسرة دورها في مواجهة المشكلة فهؤلاء الموجودون مثلًا في سجون العراق او الراغبين بالتسلل للجهاد في سوريا ليسوا مسؤولية الدولة فقط بل أسرهم أيضا مسؤولة عنهم ولابد من مواجهة التغير الفكري عند الأبناء بقوة وحزم وسرعة وألا تتركهم لهؤلاء بل لابد من المكاشفة وان ترتكز الأسرة في تقديرها لأبنائها على جوهرهم وليس مظهرهم فطول اللحية او قصر الثوب لا يمثل روح الإسلام ولكن التسامح والحب والعطف على الوالدين وحسن النوايا وحفظ الأمانات قيم إسلامية تسبق في اهميتها المظهر.. ليس من العدل مع النفس ان تهمل الاسرة ابناءها ثم تطالب المؤسسات الرسمية اعادة ابنائها ولكن من حق الاسر ان تطالب بتنظيف مؤسسات التعليم العام او العالي من اصحاب الفكر التكفيري ومن حق الاهالي المطالبة بإيقاف دعاة الإرهاب وداعمي الفكر المتطرف بنفس القوة التي يتم فيها ايقاف أصحاب الرأي الآخر والذين باتوا يصدحون في شبكات الإعلام الاجتماعي داعمين للفكر المتطرف بل واحياناً ناشرين لثقافة التطرف بأشكال ومواقف متنوعة ولكن كل ذلك دون تخلي الأسرة عن مسؤوليتها في تحصين أبنائهم ومنعهم من الانسياق وراء هؤلاء المتطرفين.. واستشعاراً بآلام تلك الأمهات اسأل اصحاب الفكر المتطرف ما رأيكم بأن يذهب أبناؤكم للجهاد بحزام ناسف وفق منظوركم للجهاد لعلهم يستشهدون فتكون الحور العين من نصيبهم وتتركوا ابناء هؤلاء الامهات المكلومات لهن..