وسأتحدث عن فرع واحد من فروع الثقافة، وهو الأطعمة، وهي تشكل جزءا مهما من ثقافة أيّ شعب، والشعوب العريقة في حضارتها تتميز بثراء أطعمتها وتنوعها، ولهذا على سبيل المثال، فإن الطعام الصيني من أكثر الأطعمة ثراء وانتشارا، والمكرونة التي اشتهرت بها ايطاليا أصلها صيني وقد أحضرها إليها ماركو بولو، أما الولاياتالمتحدة التي ليس لها تراث ثقافي عريق وطاعن في القدم فليس لديها أطعمة عريقة تشتهر بها، وهي على أي حال أمة من المهاجرين، وهؤلاء عندما استقرّوا فيها نقلوا أطعمة بلادهم معهم، ولكنها اخترعت الأطعمة السريعة والأكل الوقّافي أو على الواقف، أو حتى أثناء المشي، وأشهر هذه الأطعمة هو الهامبرغر ماركة ماكدونالد الذي أصبح سابع أقوى ماركة في العالم، وقد يسبق جنرال موتورز التي لا تنتشر سياراتها كما تنتشر مطاعم ماكدونالد، التي انتشرت حتى في الدول التي اشتهرت بقدم مطاعمها مثل فرنسا التي قد يصل عمر بعض مطاعمها إلى مئتي عام، هذا فضلا عن أن وجبة الطعام عند الفرنسيين قد تستغرق ثلاث ساعات، والأمريكيون فخورون بإنجازهم في هذا الصدد، وقد قرأت صحيفة أميركية تقيس معيار تقدم أيّ دولة في العالم الثالث بوجود أو عدم وجود مطعم ماكدونالد فيها، مع أنّ لماكدونالد وباقي الأطعمة السريعة مضارّها وخاصة للأطفال والمراهقين الذين صارت جزءا من عاداتهم اليومية، عازفين عن الطعام الذي تعدّه الأسرة، الأمر الذي يرهق ميزانياتها، وقد يحدث أن الأسرة تتناول الطعام في مطعم والأطفال في مطعم آخر، ومن هذه المضار أنها لا تحتوي على الفاكهة والسلطات التي لا يكتمل الغذاء الصحّي بدونها، كما ثبت أنها تتسبب في أمراض كثيرة، وقد حذّر مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ من تناول هذه الأطعمة، وقد قرأت أن وزارة لتربية والتعليم قد منعت تقديم هذه الأطعمة في المدارس، وهذه خطوة تحمد عليها، وليتنا نقاوم هذا الغزو الثقافي الأميركي بدعم المطاعم التي تقدّم أكلات شعبية.