في شرقنا العربي، الناس قليلو الصبر. حتى في جوعهم للوصول إلى الحكم؛ فإذا فشل ذاك التيار في الاقتراع، فهو لا ينتظر مرور الدورة ليقارع الغريم ويُنازل الخصم السياسي، بل يبدأ صباح اليوم التالي بالتفجير والتفخيخ والزجاجات الحارقة ليفتح باب جهنم أمام المجموعة الفائزة. في الغرب، يبدأ الحزب الخاسر برسم إستراتيجية الفوز في الدورة القادمة ويترك الفائز وشأنه، يأخذ راحته ويُري الناس ما هو فاعل، وماذا في جعبته لإسعاد من وثقوا به وانتخبوه . والحزب الخاسر يبني خطابا جديدا، أو يُبرر خطابه القديم ويُسوّق، حتى إذا حل موعد الانتخابات القادمة طرح برنامجه . سألوا الزعيم البريطاني تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا خلال " الحرب العالمية الثانية من 1940 حتى 1945" ومرة أخرى من 1951 حتى 1955، كيف استطعت أن تفوز مرتين فقال : أستمع إلى ما تقوله المعارضة عن مشاريعي وبرامجي، وأُصحح الخاطئ منها. الذوق العربي له خاصية غريبة، في الحكم وفي غيره. وفي الواقع كل شعوب الأرض مختلفة في قبول هذا أو كره ذاك، لكن الوطن العربي يأخذ قصب الرهان. تفخيخ، خطف، حزام ناسف. لخّص الجنرال ديغول أمزجة الشعب الفرنسي بقوله "كيف يمكن أن تحكم بلداً ينتج 257 نوعاً من الجبن"!!.. يعني فرنسا . ماذا سيقول لو عاصر الملل والمذاهب والمرجعيات التي نكابدها نحن؟ وأمام بحور الطيش والرعونة الطائفية التي نراها تجري في المنطقة سيكون على أي مُصلح أن يأتي بما عجز عنه الأولون. الجنرال ديغول قال إن ما قد يفسد تنظيمه وخططه هو اختلاف الذوق الفرنسي. وما قد يُقلق الحاكم العربي، ويقلق الجوار معه، هو عدم القدرة على ترتيب البيت..