تمثّل الجمعيات الخيرية رافداً هاماً وفاعلاً في إثراء العمل الخيري المجتمعي، وتقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين، ورعاية الأسر الفقيرة، ومن هنا تم تطوير هذا المفهوم لدى بعض الجمعيات الخيرية إلى العمل من أجل دعم ورعاية أبناء هذه الأسر، من خلال تدريبهم وتأهيلهم للقيام ببعض الأعمال المكتبية والحرفية، بالإضافة إلى مساعدتهم في الحصول على المنح الدراسية الجامعية. وتعد الجمعيات المتميزة بنشاط فاعل قليلة نسبة إلى قائمة الجمعيات الخيرية في المملكة -التي يبلغ عددها قرابة (640) جمعية-، حيث إنّ هناك جمعيات متواضعة الإمكانيات والخدمات، فلا موارد لديها لأداء دورها المطلوب، ولا يوجد لديها سياسة تسويقية تحفز المانحين والباذلين لمعاونتها على تحسين وضعها المالي، كما لا يوجد لديها ضمن كوادرها العاملة تلك الخبرات الإبداعية والقادرة على إيجاد قنوات ومشروعات تمويل ذاتية كما هو الحال لدى بعض الجمعيات الفاعلة، التي استطاعت أن تستثمر تسويق أهدافها للحصول على دعم مجز لإنشاء الأوقاف الخيرية المستديمة والمنتجة لتكون مورداً ثابتاً لدعم أنشطتها وخدماتها الخيرية؛ مما يتطلب أن تسعى وزارة الشؤون الاجتماعية لرفع الوعي لدى منسوبي تلك الجمعيات، من خلال دورات متخصصة، وبرامج تثقيفية في العمل الخيري بالتعاون مع كليات خدمة المجتمع للنهوض بمستوى تلك الجمعيات، كما يفترض أن يكون هناك دعم مجز لهذه الجمعيات من الوزارة يساعدها في مباشرة جهدها الخيري بشكل أفضل وأوسع، إضافةً إلى تسهيل إجراءات حصولها على دعم الجهات والشخصيات الباذلة. دور أساسي وذكر "د.عبدالعزيز الشاوي" -مدير المجمع الخيري ببريدة- أنّ الجمعيات الخيرية تساند جهود الدولة في تخفيف أعباء الفقر وتمارس دور تنموي حيوي، من خلال تقديم المساعدات ودعم برامج التدريب والتأهيل، وتهيئة المتدربين لسوق العمل وتنظيم دورات تدريبية لربات البيوت، وتعتبر إحدى مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة، وقد تفضلت الدولة مشكورة حينما وافقت على إنشاء الجمعيات الخيرية تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وذلك للإفادة من تبرعات الأهالي، وهذا هو الدور الأساسي للجمعيات الخيرية للمساهمة في تخفيف الفقر وآثاره السلبية، مبيّناً أنّ هذه الجمعيات الخيرية ومثلها الجمعيات المتخصصة تعاني من ضعف وقلة الموارد لعدة أسباب منها أنّها تقتصر على مورد الزكاة، وهذه الزكاة تأخذها مصلحة الزكاة بالكامل. قبول التبرعات ولفت "د.الشاوي" إلى أنّ هناك تشددا في تمكين الجمعيات الخيرية من قبول التبرعات النقدية عبر البنوك، والتي تخصم من حساب المتبرع لصالح أحد المشروعات أو البرامج الخيرية، مضيفاً: "بالنسبة للأوامر البنكية المستديمة التي تعتبر من أهم الموارد النقدية الثابتة للجمعيات، والتي تحوّل شهرياً من حساب المتبرع إلى حساب الجهة الخيرية؛ كان النظام في السابق يسمح بأنّ تزور الجهة الخيرية المتبرعين في أماكنهم وتقدم النموذج وتعبئته والتوقيع عليه من المتبرع، ثم تسلم الجهة الخيرية جميع هذه الأوامر إلى البنك الذي يعمد إلى تفعيلها مباشرة لصالح الجهة الخيرية، لكن في الآونة الأخيرة منعت البنوك هذه الطريقة استناداً إلى تعليمات لديها بأنّه يجب على المتبرع الحضور بنفسه إلى مبنى البنك، الذي يوجد فيه حسابه الشخصي وليس في أي فرع من فروع البنك، وأن يعبئ النموذج ويوقعه داخل البنك، ولا شك أن هذه الطريقة منعت كثيراً ممن يرغبون تقديم مثل هذه المساعدات المستمرة للجهات الخيرية، بسبب هذه التعقيدات وبالتالي حرمان الجهات الخيرية من تبرعات كثيرة". مصادر التمويل وبيّن "فهد الخضير" -المشرف العام على مستودع الشماس الخيري ببريدة- أنّ قطاعات المجتمع المختلفة يشكلون مصادر خصبة للتمويل وتنمية موارد العمل الخيري، وتضطلع أغلب تلك القطاعات بأدوار متفاوتة في دعم العمل الخيري وتمويل برامجه وأنشطته ومشروعاته الخدمية والتنموية، كما تعتبر الزكاة والأوقاف من المصادر الرئيسة لتمويل العمل الخيري، والقطاع الحكومي يراعي في أنظمته دعم وتشجيع المنظمات الخيرية، ولكن الدعم الذي تقدمه للعمل الخيري لا يشكّل إلاّ نسبة ضئيلة من مصادر التمويل الأخرى، كما أنّ بعض الجمعيات الخيرية لا تأخذ أي دعم مالي من الحكومة، حيث إنّها تكتفي بمصادرها الذاتية ومصادر التمويل الأخرى غير الحكومية. الشركات المساهمة ونوّه "الخضير" بأنّ الشركات الفردية في القطاع الخاص لها نصيب كبير في المساهمات الخيرية، حيث تمثّل أهم الروافد المالية للعمل الخيري، أمّا الشركات المساهمة فيعتبر دورها ضعيفاً جداً في دعم العمل الخيري، مع العلم بأنّ رأس مال تلك الشركات يعتبر كبيراً جداً بالمقارنة مع الشركات الفردية، موضحاً أنّ ما يميز الغرب هو الاعتماد على الشركات المساهمة الكبيرة في دعم النشاط الخيري، متمنياً أنّ يتم تكثيف الجهود على تلك المؤسسات والشركات المساهمة لإقناعها وإقناع مجلس إدارتها والمساهمين فيها بضرورة تفعيل دورهم المجتمعي بشكل أكبر ويتماشى مع دورهم الإقتصادي والمالي، فبذلك نكون قد ضمنا موارد مالية كبيرة تدعم العمل الخيري بشكل كبير ولأمد طويل. أهمية الزكاة وأفاد أنّ الزكاة تعتبر أهم مصدر من المصادر المالية الرافدة والداعمة للعمل الخيري، فالزكاة لما لها من دور كبير في إعادة توزيع الثروة في المجتمع المسلم بشكل عام، بالإضافة إلى الدور الإجتماعي وتدوير الأموال، ولا يجب الاستهانة بنسبة (2.5%) فهي يجب أن تخرج من كل مالك للنصاب وحال عليه الحول، وهو مقصد العمل الخيري بشكل عام وهو رفع المعاناة عن الفقراء والمحتاجين في الدرجة الأولى، ومن ثم يأتي دور الزكاة التنموي في بناء المستشفيات، والمدارس، والطرقات، والمصالح العامة، مطالباً القائمين على العمل الخيري إيقاظ الحافز الديني لدى الجمهور لإخراج زكاة أموالهم، وتحفيز الجمهور كما يتم تحفيز الشركات، مبيّناً أنّ الصدقات تأتي بالمرتبة الثانية بعد الزكاة من حيث الأهمية في تمويل العمل الخيري، فهناك الكثير من الكفّارات والنذور التي يخرجها الناس بشكل اختياري وتقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- ومشاركة للإنسانية في ما تمر به من محن وكوارث. المبادرة وتسويق المشروعات و«العلاقات الخاصة» تصنع حراكاً للتوسط بين الداعمين والمحتاجين ضعف الدعم وقال "الخضير" إنّ من أسباب ضعف الدعم المادي ومحدودية الموارد المالية للجمعيات الخيرية هو محدودية وصعوبة الحصول على الدعم اللازم من الجهات الحكومية، إضافةً إلى ضعف التمويل من المؤسسات والشركات ورجال الأعمال والصناديق الداعمة لمشروعات المؤسسات الخيرية، إلى جانب أمر مهم وهو عدم وجود البنية التحتية والأوقاف والموارد المالية الثابتة لدعم واستمرار العمل، مما يؤكّد على الضعف المادي الذي تعاني منه معظم الجمعيات الخيرية، نظراً لاعتماد المؤسسات الخيرية في مواردها المالية أساساً على التبرعات والهبات، وهذا يدفعها دائماً إلى الاعتماد على المتبرعين وتلبية رغباتهم التي ربما تكون مخالفة للسياسات، وربما للأهداف والاستراتيجيات أحياناً. توسيع دائرة الدعم وأضاف أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية لها دور في دعم في الجمعيات الخيرية سنوياً، وهذا الدعم خاص بالجمعيات كلٌ حسب تصنيف الوزارة، أما المراكز والمستودعات الخيرية والفروع فليس لها دعم مباشر من الوزارة، علماً أنّ الوزارة هي التي وافقت على افتتاحها، حيث إنّها تخدم الأسر الفقيرة وتعولهم أكثر من الجمعية، من خلال صرف الغذاء، والكسوة، والرواتب الشهرية، وسداد الإيجارات، ومساعدة المعسرين، متمنياً أن تدرس الوزارة وضع الفروع التي تشرف عليها الجمعية، والتي تحمل اسم مستودع أو مركز بأن تخصص لها دعماً سنوياً حتى تساعدها على أداء عملها على أكمل وجه، داعياً الوزارة لعمل زيارات للجمعيات وفروعها لكي ترى عن قرب مدى عملها ونجاحها، ومن ثم وضع تقييم لها، وبالتالي منح كل جهة خيرية متميزة شهادة تقدير ودعمها مادياً، وهذا من باب تطوير العمل لدى الجمعيات الخيرية حتى يكون هناك تنافس بين مؤسسات العمل الخيري للرقي بهذا العمل. تطوير الوقف وأشار إلى أهمية الأوقاف في دعم العمل الخيري، إذا أُحسنت إدارته، مبيّناً أنّ هناك الكثير من إدارات الأوقاف ولكن دورها في الحفاظ على الوقف وتنميته وتطوير موارده يكاد يكون أقل من الحد الأدنى إن لم يكن سلبياً، حيث تعتبر بحق الرافد الأساسي والمنتظم في الدخل للمؤسسات الخيرية، وبالتالي علينا اعتماد سياسة وقفية واضحة المعالم من حيث تطوير الوقف المالي وتنميته، بإضافة أوقاف جديدة لكل مؤسسة من المؤسسات الخيرية؛ مما يعطيها الاستقرار، مشيراً إلى أنّ هناك شكلين من الأوقاف من حيث تمويل الوقف كأن تبني جهة أو شخص معين وقف خاص به يعود دخله إلى الفقراء من عائلته والباقي إلى المجتمع، وهذا الأكثر شيوعاً، أو أن تتبنى المؤسسات الخيرية مشروعات استثمارية وقفية وبيع أسهم للجمهور فيكون وقفاً خيرياً مساهماً. تأهيل الأسر وظيفياً أفضل من انتظارهم المساعدة على الدوام فهد الخضير د.عبدالعزيز الشاوي